يشهد العالم ارتفاعاً في مستويات التضخم ، وقد اتخذت عدة بنوك مركزية خطوات للسيطرة عليه، منها رفع أسعار الفائدة وتخفيض مشتريات الأصول للسيطرة على التضخم ، ورغم ذلك هناك عامل آخر قد يضيف 2% على مستويات التضخم عالميا ، وهو ارتفاع أسعار الشحن البحري خلال الشهور الـ 12 الماضية
ووفقاً لـ عربية نت صعدت أسعار تأجير الحاوية التي يبلغ طولها 40 قدما بنحو 8 أضعاف، مقارنة بمتوسط سعرها قبل الجائحة، كما أن أسعار التأجير بالوقت (التي تدفعها شركات الشحن مثل ميرسك، لاستئجار وتشغيل سفينة من مالكها)، ارتفعت بنحو 6 أضعاف.
وتعتبر الأسعار الفورية للشحن البحري مرتفعة عن التكلفة الحقيقية لشحن البضائع، لأن معظم تكاليف الشحن وتأجير السفن يتم تسعيرها لفترات تعاقدية سابقة، والتي يمكن أن تستمر لمدة عام أو أكثر.
لكن الأسعار الفورية ستنعكس بشكل متزايد على الأسعار المتعاقد عليها في عام 2021، ولذلك من الواضح أن هناك زيادة أكبر قادمة في تكاليف الشحن.
وأدى ذلك بالفعل لقيام بعض العملاء بدفع أسعار شحن أعلى بكثير من أسعار الشحن في العام الماضي لضمان حجز مساحة لبضاعتهم على متن السفن.
وتعد تكاليف الشحن المرتفعة أحد أعراض عدم قدرة العرض على مواكبة الطلب على السلع المتداولة أثناء وباء كورونا.
وتفاقمت مشكلة عدم كفاية أعداد السفن والحاويات لمواجهة الطلب بسبب نقص الموظفين وتدابير التباعد الاجتماعي التي تعيق السعة في الموانئ والناقلات والمستودعات.
وأدت قيود السفر إلى تعطيل عمليات تناوب طواقم سفن الحاويات، كما أدت الأحوال الجوية غير الطبيعية، مثل الأعاصير الصينية في أغسطس الماضي، إلى إبطاء أوقات تناوب الطواقم في الموانئ.
وتتراوح التقديرات العالمية لتكاليف الشحن كنسبة من التكلفة الإجمالية للسلع المستوردة في السنوات الأخيرة بين 5 و15%.
وتتوقع مؤسسة كابيتال إيكونوميكس أن ترتفع أسعار السلع المستوردة عالميا بنحو 10% نتيجة لتضاعف أسعار الشحن، وفقا لتقديرات بأن أسعار الشحن تمثل 10% من تكلفة استيراد السلع.
وبينما ارتفعت الأسعار الفورية للشحن البحري خلال الفترة الحالية بنحو 800%، مقارنة بمستواها في منتصف 2020، ارتفعت الأسعار التعاقدية للشحن على نحو أقل.
وتفترض كابيتال ايكونوميكس أن التكلفة التعاقدية العامة لشحن الحاويات ارتفعت بنحو نصف ارتفاع الأسعار الفورية، أي بنحو 400%.
ويعني ذلك أن تكلفة استيراد السلع عبر البحر قد ترتفع بنحو 40%.
وتمثل التجارة البحرية حوالي 70% من قيمة التجارة العالمية التي يتم نقل 30% منها عن طريق البر والجو.
ولذلك من الممكن أن ترتفع تكلفة إجمالي واردات السلع العالمية بنسبة 28%. ونظرا، لأن واردات السلع الاستهلاكية تمثل ما يقرب من 8% من الإنفاق الاستهلاكي العالمي، فإن الانعكاس الكامل لتكلفة الشحن على المستهلكين النهائيين قد يتسبب في ارتفاع أسعار التضخم العالمية بنحو 2%، وفقا لتقديرات كابيتال إيكونوميكس.
اضطرابات العمل
المخاوف من أسعار الشحن البحري، تضاف إلى عدة عوامل أخرى مسؤولة عن ارتفاع الأسعار عالميا حاليا، إذ صدرت تحذيرات من منظمات عالمية من ارتفاع أسعار الغذاء في العالم بوتيرة هي الأسرع منذ أكثر من 10 أعوام.
وبينما كشفت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) عن ارتفاع مستمر في تكلفة الغذاء عالمياً على مدار الـ 12 شهراً الماضية، أشارت إلى تأثر التموين العالمي باضطراب الإنتاج واليد العاملة والنقل بسبب جائحة فيروس كورونا.
وفيما تتجه معدلات التضخم إلى الارتفاع عالميا، هناك العديد من الأسباب التي تقف خلف الارتفاع المتسارع لمعدلات التضخم في الاقتصادات الكبرى والعالم، والتي رصدتها دراسة حديثة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة. وقد جاء ارتفاع أسعار الطاقة ضمن أهم تلك الأسباب.
يضاف إلى هذه الأسباب، استمرار الحكومات في الإنفاق على خطط التحفيز الاقتصادي، ولاسيما في الولايات المتحدة الأميركية ومن بعدها منطقة اليورو. وهذا الإنفاق دفع بالفعل بشكل مباشر نحو زيادة مستويات الدخل للعاملين في القطاعات التي تدعمها الحكومات، وهو ما يمثل زيادة في الدخل لا تقابلها زيادة في الإنتاج، بما يعني ضغوطاً تضخمية صافية.