مقدمة
التحليل الفني هو أسلوب لدراسة حركة السعر السابقة وبيانات السعر التاريخية المتاحة على خرائط حركة الأسعار من أجل توقع اتجاهات السعر القادمة . يعتمد أسلوب التحليل الفني على تحديد شكل معين في حركة السعر يمكن أن يوضح إلى أي اتجاه سوف يتحرك السوق في المستقبل .
من المهم جدا تذكر واستيعاب أن السوق ليس مجرد مجموعة من الأسهم والشركات تتحرك في اتجاه معين أو ستسلك اتجاها آخرا , السوق عبارة عن مجموعة من الأشخاص يحركون أسعار تلك الأسهم في اتجاه معين أو آخر . يقوم المتعاملون بإحداث تغيرات في السوق عندما يزيد أو يقل طلبهم على إحدى الأسهم أكثر من الآخر . هذا هو المحرك الأساسي للأسعار . قد يشعر الفرد أن سعر سهم إحدى الشركات ارتفع لأنها حققت أرباحا كبيرة في هذه السنة ليس الأمر كذلك . ارتفع سعر ذلك السهم لأنه اعتمد على أن أخبار تلك الأرباح جعلت الكثير من المتعاملين يرغبون في شراء ذلك السهم . شدة طلب المتعاملين على ذلك السهم أجبرت السعر على الارتفاع . هذا المفهوم مهم جدا لك لكي تستوعب أسلوب التحليل الفني .
تظل الطبيعة البشرية أقل أو أكثر ثباتا وتميل إلى الاستجابة للمواقف المشابهة بردود أفعال ثابتة . من خلال دراسة طبيعة نقاط التحول السابقة في السوق من الممكن تحديد أشكال معينة تساعد على تطوير إدراك معين للاتجاه الذي سوف يتخذه السوق في المستقبل . وبذلك فإن أسلوب التحليل الفني ينِشأ على افتراض أن المتعاملين سوف يستمرون في القيام بنفس الأخطاء التي اقترفوها في الماضي . العلاقات البشرية معقدة بشدة ومن المستحيل أن تتكرر في مجموعات متماثلة . و كما اوضحنا في السابق فإن الأسواق هي انعكاس لتصرفات المتعاملين الذين لا يتطابق أبدا أسلوب أدائهم بنفس الدقة ، لكن عودة ظهور خصائص مشابهة للسابقة تكون كافية لتمكين مراقبين السوق من تحديد اتجاه أساسي أو نقاط تحول .
الفرضيات الرئيسية التي يعتمد عليها التحليل الفني
هناك ثلاثة فرضيات نشأ عليها التحليل الفني .
التاريخ يعيد نفسه
الأسعار تتحرك في اتجاهات
حركة السوق تتأثر بكل شئ
التاريخ يعيد نفسه
يعتمد الكثير من أسس التحليل الفني ودراسة حركة السوق تعتمد على دراسة الطبيعة البشرية وبأسلوب أكثر دقة دراسة علم نفس الإنسان . كمثال ، نماذج الخرائط التي تم تحديدها وتصنيفها في المائة عام الماضية تعكس أشكالا قياسية معينة تظهر في خرائط حركة السعر . تكشف هذه الأشكال عن طبيعة الصعود أو الهبوط في السوق . بما أن هذه النماذج قد نجحت في الماضي فمن المفترض أن تستمر في العمل بشكل جيد في المستقبل . هناك طريقة أخرى للتعبير عن هذه الفرضية وهي المفتاح الأساسي لفهم المستقبل يكمن في دراسة الماضي أو أن المستقبل مجرد تكرار للماضي .
الأسعار تتحرك في اتجاهات
إن مفهوم اتجاه السعر ( trend ) من الأساسيات المطلقة في منهج التحليل الفني . مرة أخرى إذا لم يتقبل أي شخص فرضية أن الأسواق تتحرك بالفعل في اتجاه معين فلا داعي أن يقرأ المزيد عن هذا الأسلوب . إن الهدف النهائي من رسم حركة أي سعر في إحدى الأسواق هو تحديد اتجاهات السعر في مراحل مبكرة من تطورها ودخول الاتجاه الصحيح . علاوة على ذلك ، من المهم إدراك أنه و أثناء تحرك السعر في اتجاه معين هناك احتمال أكبر أن يستمر في نفس الاتجاه لا أن يعكس اتجاهه . يستمر الاتجاه حتى يُغير مساره . هذا المفهوم يبدو واضحا جدا ، لكن فوق ذلك هذا ما نسعى لتحقيقه . نحن نبحث عن الاتجاه الأكثر احتمالا في حركة السوق . إذا تحرك السوق للأعلى فإنه سيستمر في الصعود حتى يعكس اتجاهه . لو استطعنا تحديد أن السوق يتجه للصعود عندئذ سنشتري المنتج حتى يخبرنا هذا الاستنتاج بالعكس .
حركة السوق تتأثر بكل شئ
هذه العبارة تشكل ما يمكن اعتباره حجر الأساس لأسلوب التحليل الفني . إذا لم يتم فهم وقبول هذه الفرضية إذن بالفعل لا يوجد أي مفهوم آخر يحمل معنى. يؤمن المحلل الفني بان أي شيء يمكن أن يؤثر في حركة السعر سينعكس على الفور في سعر ذلك المنتج – مثل الأخبار السياسية ، البيانات الاقتصادية والطبيعة النفسية وعوامل أخرى . من ذلك نستنتج أن تحليل توقعات أرباح إحدى الشركات لا يُجدي لأن السوق قد قام للتو بتسعير قيمة السهم معتمدا على هذه التوقعات . إذن يتلخص كل المطلوب في دراسة حركة السعر . بينما يبدو على هذا الادعاء في الوهلة الأولى أنه خيالي ولا يُصدّق لكن إذا أخذ المرء وقتا كافيا في دراسة معناه الحقيقي سيكون من الصعب الاختلاف معه .
كقاعدة ، دارسو الخرائط لا يشغلون أنفسهم بأسباب صعود أو هبوط الأسعار . في أغلب الأحيان ، في المراحل المبكرة من بداية حركة السعر في اتجاه معين أو عند نقاط التحول الحاسمة ، لا يبدو على أي شخص معرفة السبب الحقيقي وراء اتجاه السوق في مسار معين . لا يشغل السبب دارس الخرائط لأنه سينشغل بمتابعة هذا الاتجاه . إنه يعرف أن هناك أسباب تكمن خلف صعود أو هبوط السوق ، لكنه فقط لا يؤمن أن معرفة ما هي تلك الأسباب يكون ضروريا لتوقع حركة هذا السعر .
من هنا نستنتج أن كل شيء يؤثر في سعر السوق ينعكس في النهاية على وضع السوق ، إذن كل ما يلزمنا هو إجراء دراسة لحركة السوق وليس سبب حركة السوق . من خلال دراسة خرائط حركة الأسعار واستضافة مؤشرات فنية أخرى يستطيع دارس الخرائط في الواقع أن يدع السوق يخبره بنفسه ما هو الاحتمال الأرجح للاتجاه الذي سيسلكه .
هناك أمر آخر مهم جدا و يجب دائما تذكره عند مناقشة أسلوب التحليل الفني وهو أن تطبيقه يتحقق ذاتيا . هناك الكثير من ملايين التجار يتعاملون مع أسلوب التحليل الفني كدين أو عقيدة يجب إتباعها . عندما يشير الشكل في خريطة السعر إلى اتجاه شراء فإنهم سيشترون . وإذا أشار إلى اتجاه بيع فإنهم سيبيعون . لو اتبع العديد من ملايين المتعاملين هذا الشكل فإن السعر سوف يقوم بالضبط بما اعتقدوا أنه سيفعل لأنهم جميعا قاموا به . إذا نظر كل شخص إلى الخريطة وقرر أنه عند نقطة معينة سوف يرتفع سعر إحدى المنتجات في السوق فإنهم سيقومون بالشراء عند هذه النقطة . وبما أنهم جميعا سيشترون عند هذه النقطة فإن سعر المنتج في السوق سيرتفع لأن عوامل الطلب على ذلك المنتج سوف تكون أكبر من عوامل العرض . هناك مليون محلل فني يشترون جميعا عند هذا المستوى إذن يمكننا نحن أيضا أن نشاركهم في هذا الاتجاه .
خرائط حركة الأسعار هي الأدوات الأساسية في التحليل الفني . يوجد العديد من أنواع الخرائط المختلفة . عادةً يقيس المحور ( X ) الفترة الزمنية بينما يقيس المحور ( Y ) مستوى السعر . يمكن إنشاء الخرائط باستخدام فترة زمنية مختلفة . بمعنى أن الخريطة تقوم بتحديد السعر شهريا ، أسبوعيا ، يوميا أو فترات زمنية في اليوم الواحد مثل ( 5 دقائق ، نصف ساعة أو الساعة أو 6 ساعات ) .
|