مضي مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مسارهم نحو رفع أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية الشهر المقبل، لكنَّهم يلمّحون إلى توقف محتمل لحملة التشديد النقدي الأكثر حدّة منذ عقود.
يؤكد صانعو السياسة الذين يؤيدون التشديد ويعارضونه أيضاً أنَّ التضخم ما يزال مرتفعاً للغاية، وأنَّ البنك المركزي الأميركي أمامه المزيد من الجهد لمواجهة ذلك. لكن تسود مخاوف أيضاً من أنَّ تداعيات الانهيارات الأخيرة للمصارف من شأنها أن تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد.
يحذر الكثيرون من أنَّ تشديد معايير الإقراض الناجم عن التوترات المصرفية الشهر الماضي يمكن أن يؤدي إلى تراجع الإنفاق ويؤثر على النمو والأسعار، مما يقلّص الحاجة إلى مزيد من الزيادات في أسعار الفائدة.
الإجراء الذي سيتخذه المسؤولون بعد اجتماع 2-3 مايو المقبل سيعتمد على ما يحدث للاقتصاد، الذي صمد حتى الآن بوجه ارتفاع تكاليف الاقتراض. قد تفسح اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المجال إما للإبقاء على تكاليف الاقتراض دون تغيير، أو الرفع مرة أخرى في اجتماعها اللاحق في منتصف يونيو، وهي تقيّم المشهد المصرفي.
جون ويليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، صرح يوم الأربعاء: ما يزال من السابق لأوانه قياس حجم هذه التأثيرات ومداها الزمني، وسأراقب عن كثب تطور ظروف الائتمان وتأثيراتها المحتملة على الاقتصاد.
كان ويليامز العضو الوحيد في طاقم القيادة ببنك الاحتياطي الفيدرالي الذي تناول علناً السياسة النقدية قبل بدء فترة الصمت عن الإدلاء بتصريحات منتصف ليلة الجمعة. بينما التزم باول الصمت منذ الشهر الماضي باستثناء تصريحات مقتضبة بشأن التنظيم المالي.
ظل مقعد نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي شاغراً منذ مغادرة لائيل برنارد هذا المنصب لتشغل منصباً بالبيت الأبيض في فبراير الماضي.
يُشار إلى أنَّ المؤسسات المالية كانت قد شدّدت سبل الحصول على الائتمان منذ العام الماضي، عندما سارع الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع تكاليف الاقتراض من أجل كبح التضخم المرتفع. وقد يؤدي التسارع الحادّ في هذا الاتجاه في أعقاب انهيار مصرفي سيليكون فالي بنك (Silicon Valley Bank) وسيغنتشر بنك (Signature Bank) إلى دفع الاقتصاد نحو هاوية الركود.
الأسهم الأميركية ترتفع رهاناً على قرب انتهاء مرحلة رفع الفائدة
عِناد الأسعار
لكن إذا انحسرت الضغوط المصرفية وظلت سوق العمل قوية؛ فقد يقرر صانعو السياسة أنَّ هناك حاجة إلى مزيد من الزيادات في أسعار الفائدة لمحاصرة التضخم المرتفع بشكل عنيد. هذا الأمر قد يثير مزيداً من الخلاف بين مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي حول سبل المضي قُدُماً في هذا المسعى.
ديريك تانغ، الخبير الاقتصادي في إل إتش ماير/ مونيتاري بوليس إناليتيكس (LH Meyer /Monetary Policy Analytics) في واشنطن، رأى أنَّه على الأرجح سيمضون في الاتجاه نفسه بمسيرة أخيرة مشتركة، في مايو المقبل، ودون أي توقف قبل الوصول إلى الذروة. وتتمثل النقطة الشائكة في توقيت التخفيف، والأهم هو ماذا يصرحون حول ذلك.
المسؤولون بانتظارهم المزيد من البيانات الجديرة بالدراسة يوم الجمعة المقبل، مع إصدار مؤشر تكلفة العمالة الفصلي وقراءة مارس لمقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي.
يتوقَّع مستثمرون أن يرفع الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل من النطاق الحالي البالغ 4.75% إلى 5%، وفقاً لتسعير العقود الآجلة. كان أوسط التوقُّعات الصادرة الشهر الماضي قد أظهر أنَّ صانعي السياسة يرون ارتفاع أسعار الفائدة لتصل إلى 5.1% بنهاية العام. من المقرر تحديث التوقُّعات في يونيو.
بالنسبة إلى جيمس بولارد، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، الذي لا يصوّت على السياسة النقدية هذا العام، فهو يميل إلى مزيد من الرفع. إذ صرّح أنَّه يتوقَّع حل المشكلات المصرفية دون حدوث انكماش حاد، ويفضل رفع أسعار الفائدة لنطاق 5.5% إلى 5.75%.