تغييرات جذرية في برنامج تأشيرات العمالة الأجنبية H-1B الذي تعتمد عليه شركات التكنولوجيا الأميركية دفعت الشركات، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلى التحرك بسرعة لضمان عدم تعرّض آلاف الموظفين حول العالم لرسوم جديدة باهظة.
فقد وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الجمعة مرسوماً يفرض رسماً بقيمة 100 ألف دولار على طلبات التأشيرة، من دون أن يوضح ما إذا كان القرار سينطبق على حاملي التأشيرات الحاليين.
وبادرت شركات من بينها «أمازون» و«مايكروسوفت» إلى إصدار توجيهات عاجلة لموظفيها، حاثّة حاملي تأشيرات H-1B على عدم مغادرة الولايات المتحدة إلى حين اتضاح القواعد الجديدة. كما طالبت موظفيها الموجودين خارج البلاد بالعودة قبل دخول الإجراءات حيّز التنفيذ يوم الأحد، بحسب صحيفة فايننشال تايمز.
وتشير بيانات وزارة الأمن الداخلي الأميركية إلى أنّ الشركتين حصلتا على أكثر من 15 ألف تأشيرة H-1B خلال السنة المالية الأخيرة.
كذلك نصح «جيه بي مورغان»، أكبر البنوك الأميركية من حيث الأصول، موظفيه الحاصلين على هذه التأشيرات بعدم السفر خارج الولايات المتحدة في الوقت الراهن، وفقاً لمصدر مطّلع، بينما دعت مذكرة داخلية في «غولدمان ساكس» موظفيها إلى «توخّي الحذر في ما يتعلّق بالسفر الدولي». كما أوصت شركة المحاماة «فراغومن»، المتخصّصة في قضايا الهجرة ومعالجة طلبات H-1B، عملاءها الذين يملكون طلبات أو تأشيرات معتمدة بالعودة إلى الولايات المتحدة قبل الأحد.
وفي ظلّ الارتباك الذي أعقب الإعلان، سعى البيت الأبيض يوم السبت إلى توضيح نطاق التغييرات. إذ أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أنّ الرسم لمرة واحدة سيُطبّق فقط على المتقدّمين الجدد، ولن يشمل حاملي التأشيرات الحاليين أو طلبات التجديد، مشيرة إلى أنّه سيدخل حيّز التنفيذ في الجولة المقبلة. وكتبت على «إكس»: «لن يُفرض رسم 100 ألف دولار على حاملي تأشيرات H-1B الموجودين حالياً خارج الولايات المتحدة عند عودتهم. يمكنهم المغادرة والعودة كما هو معتاد».
وتناقضت تصريحاتها مع ما أعلنه وزير التجارة هوارد لوتنيك يوم الجمعة، حين قال إنّ الرسم سيُطبّق سنوياً. من جهته، وجّه مدير دائرة خدمات الهجرة والجنسية الأميركية، جوزيف إدلوا، يوم السبت موظفيه إلى «ضمان توافق قراراتهم مع الشروط المعلنة والمعدّلة».
توظيف العمالة الأميركية
وأوضح متحدث باسم البيت الأبيض أنّ الهدف من القرار هو تشجيع الشركات على توظيف العمال الأميركيين ومنح اليقين لأصحاب الأعمال الذين يستعينون بموظفين أجانب. يذكر أنّ نحو 400 ألف طلب H-1B جرى اعتماده العام الماضي، معظمها لغايات التجديد. وتعتمد «سيليكون فالي» بشكل كبير على هذه التأشيرات لاستقدام مهندسين وعلماء ومبرمجين من الخارج، كما تُستخدم على نطاق واسع في قطاعات متخصّصة مثل المحاسبة والرعاية الصحية.
ورغم أنّ بعض الشخصيات البارزة في معسكر ترامب دعمت البرنامج، ومن بينهم أكبر داعميه إيلون ماسك، فإنّ آخرين مثل المستشار الاستراتيجي السابق للبيت الأبيض ستيف بانون طالبوا بإلغائه لحماية العمال الأميركيين.
وكتب غاري تان، الرئيس التنفيذي لحاضنة الشركات الناشئة «واي كومبيناتور»، على «إكس» أنّ قرار ترامب «خطأ يقيّد الشركات الناشئة» ويشكّل «هدية ضخمة لمراكز التكنولوجيا في الخارج»، مثل فانكوفر وتورونتو في كندا، مضيفاً: «في خضم سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي، نحن نخبر البنّائين أن يبنوا في مكان آخر. نحن بحاجة إلى تفوق التكنولوجيا الأميركية الصغرى، لا إلى رسوم عبور بقيمة 100 ألف دولار».
أما غولدي هايدر، رئيس مجلس الأعمال الكندي، فقال إنّ على كندا «مضاعفة جهودها لاستقطاب الكفاءات التي نحن في أمسّ الحاجة إليها». واعتبر أليكس تابسكوت، المدير الإداري لمجموعة الأصول الرقمية في «ناين بوينت بارتنرز» ومقرها تورونتو، أنّ التغييرات في التأشيرات الأميركية قد تجعل كندا الوجهة المفضلة للمواهب العالمية، قائلاً: «خسارة أميركا يمكن أن تكون مكسباً لكندا».
ويشكّل الهنود النسبة الأكبر من مستفيدي تأشيرات H-1B. وقالت وزارة الخارجية الهندية في بيان إنّ التغيير في التأشيرات «قد يخلّف تداعيات إنسانية نتيجة ما يسببه من اضطراب للعائلات»، مضيفة أنّها تأمل أن تعالج السلطات الأميركية هذه الاضطرابات على نحو مناسب. وأكدت الوزارة أنّ تبادل الكفاءات على المستوى العالمي «أسهم إسهاماً هائلاً في تطوير التكنولوجيا والابتكار والنمو الاقتصادي والتنافسية وخلق الثروة في الولايات المتحدة والهند».