ما بين رالي بايدن المرتقب ورالي ترامب 2016 يحبس المستثمرين انفاسهم , فوز جو بايدن بالرئاسة يعني انهيار سوق الأسهم، جملة ترددت كثيراً على أسماعنا على لسان الرئيس دونالد ترامب، قبل الانتخابات الأمريكية ، لكن أتت الأمور بما لا يهوي ترامب، وكان ايضا للمستثمرين رأي آخر ,
لقد استقبلت أسواق الأسهم الأمريكية والعالمية أيضاُ فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بحفاوة كبيرة، حيث ارتفع مؤشر إم إس سي آي للأسهم العالمية إلى مستوى قياسي وحقق الداوجونز مستوى تاريخي جديد قرب 30 الف نقطة , حتى قبل توالي التطورات الإيجابية بشأن لقاحات كورونا والتي أعلنت عنها فايزر، تبعتها موديرنا هذا الأسبوع
كما جذبت صناديق الأسهم العالمية تدفقات نقدية قياسية بقيمة 44.5 مليار دولار في الأسبوع الماضي الذي شهد فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية والنتائج الواعدة للقاح كورونا.
*مؤشر إم إس سي أي للأسهم العالمية عند مستوى قياسي*
ولكن دعونا لا نتجاهل حقيقة أن رد الفعل الأولى لسوق الأسهم على فوز بايدن كان ممزوجاً بالأنباء الإيجابية بشأن لقاح مضاد للوباء، بل يمكننا القول بأن تطورات اللقاح سحبت البساط من تداعيات فوز الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة على الأسهم
نعم لقد احتفلت الأسواق بفوز جو بايدن بالرئاسة، لكن الاختبار الحقيقي للأسواق سيكون الأيام والأسابيع القادمة، في حين لا يُظهر دونالد ترامب أي علامات على التنازل، وقام برفع دعوى قضائية طعناً في نتائج الانتخابات
*أداء ستاندرد آند بورز في آخر شهر*
ومن هذا المنطلق، قد تعطي التوقعات على المدى الطويل صورة أكثر وضوحاً حول ماذا يعني فوز بايدن لأسواق الأسهم بل والقطاعات المختلفة بها؟
ويرى الكثيرون أن ما يفعله ترامب الآن، هو من أجل حفظ ماء الوجه فقط ولن يطول، لذلك يركز المستثمرون الان على ما سيفعله بايدن , والذي سيجد نفسه على الأرجح بدون سيطرة على مجلس الشيوخ , بينما سيحافظ الديمقراطيون على مجلس النواب، مما يقلل من المخاوف حيال الموجة الجمهورية لاالزرقاء التي كان يخشى المستثمرون أن تأتي بالعديد من الزيادات الضريبية والإجراءات التنظيمية الأكثر صرامة
ولا يخفى على أحد أن من بين خطة بايدن وعده بزيادة الضرائب على الشركات وهو ما يمكن أن يكون له التأثير الأكبر مباشرة على سوق الأسهم، حيث يقدر جولدمان ساكس أن الزيادات الضريبية للشركات وزيادة ضرائب الضمان الاجتماعي على أصحاب الدخول المرتفعة من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض بنسبة 9% في مؤشر ستاندرد آند بورز
لكن حجر الزاوية هنا أنه بدون مجلس شيوخ ديمقراطي، فإن فرص زيادة ضرائب الشركات في أي وقت قريب قد تكون معدومة فعليًا، وقد يؤدي هذا الاعتقاد إلى تعزيز الأسهم
وهناك ايضا نقطة ثانية مهمة تترقبها الاسواق حول إجراءات التحفيز التي من المفترض الإعلان عنها لمكافحة الانكماش الاقتصادي الناجم عن فيروس كورونا، رغم توقعات الاقتصاديين أنها ستكون أصغر مما كانت عليه في سيناريو الموجة الزرقاء
ومن شأن أن تكون حزمة التحفيز المقبلة أصغر مقارنة بالتداعيات الاقتصادية للوباء، أن تلزم الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة ضخ الأموال الرخيصة في الاقتصاد والحفاظ على تكاليف الاقتراض عند مستويات منخفضة , في وقت حرج يصل فيه الدين العام الى مستويات تاريخية تتجاوز 100% من الناتج المحلي في حين ايضا يصل الدين العام العالمي الى مستوى يتجاوز 365% من الناتج المحلي العالمي
ويتوقع بنك جولدمان ساكس ارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 21% خلال العام المقبل ليصل إلى مستوى قياسي يبلغ 4300 نقطة، مع سيطرة بايدن المحتملة على جائحة كورونا من خلال الإنفاق الحكومي والتقدم نحو اللقاح.
وعلى الرغم من النظرة المستقبلية تبشر بمكاسب للأسهم الأمريكية بشكل عام، إلا أن هناك نظرة تفصيلية لسوق الأسهم توضح أن فوز بايدن مثلما سيكون إيجابياً لقطاعات معينة، سيؤثر سلباً على قطاعات أخرى
في البداية كانت هناك مخاوف من التأثير السلبي لفوز بايدن على قطاع التكنولوجيا عن طريق اتخاذ إجراءات تنظيمية شديدة، لكن في سيناريو الكونجرس المنقسم، سيكون أداء أسهم التكنولوجيا هو الأفضل مع إدارة بايدن، وفقًا لشركة الاستثمار ريموند جيمس.
ومن الممكن أن تستمر المخاطر التنظيمية للتكنولوجيا الكبيرة في الارتفاع بشكل متواضع، لكن الخبراء يقولون إنه يمكن التحكم فيها ومن المرجح أن يستغرق الأمر سنوات، كما أنه ليس هناك رغبة كبيرة في واشنطن لمتابعة تشريعات جديدة لمكافحة الاحتكار، بدلاً من ذلك، يفضلون الانتظار حتى معرفة كيف ستنتهي تحقيقات مكافحة الاحتكار الجارية.
فيما يرى بنك يو بي إس أن أسهم شركات الرعاية الصحية والبنية التحتية والصناعات سوف تنتعش في عهد بايدن خاصة في ظل احتمالية انقسام الكونجرس.
أما قطاع الطاقة، والذي كان ضمن الأسوأ في العقد الماضي، على الرغم من أن آفاقه ليست مؤكدة، إلا أنه من المتوقع أن يؤثر فوز بايدن سلباً على أسهم شركات النفط والغاز الطبيعي مع زيادة القيود عليها، ومع ذلك، فإن الطاقة المتجددة بما في ذلك الرياح والطاقة الشمسية من المرجح أن تكون الفائز في مجال الطاقة.
اما على الصعيد العالمي، يقال انه اذا عطست الاسواق الامريكة زكمة الاسواق العالمية فهناك تناغم دائما بين الاسواق , لذا يتوقع ان تشهد اسواق الاسهم العالمية انتعاشا والتي عانت من حروب ترامب التجارية مع
كما يعطي فوز بايدن بالرئاسة دفعة طال انتظارها للأسواق خارج الولايات المتحدة، حيث سيطر الارتفاع على الصناديق المتداولة في البورصة الأمريكية، والتي تتبع الأسهم الخارجية منذ اقتراب فوز المرشح الديمقراطي، مع آمال بأن بايدن يمكن أن يقيم علاقات ودية مع القوى الأجنبية أكثر من سلفه الذي أطلق عليه نفسه رجل التعريفات الجمركية.
في النهاية، تبدو التوقعات إيجابية للأسهم في عهد بايدن على عكس المتوقع قبل عقد الانتخابات، لكن تبقي عوامل أخرى قد تكون محدداً رئيسياً في أداء الأسواق في الفترة المقبلة وعلى رأسها تطورات لقاح كورونا، ومدى احتواء الوباء المنتشر بشراسة