في بداية العام الجاري 2025، كان المستثمرون يتوقعون استمرار تفوق الأسهم الأميركية على نظيراتها في الأسواق العالمية؛ وذلك بفضل سلسلة من السياسات الاقتصادية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب، الذي عاد للبيت الأبيض رسمياً في 20 يناير.

ومع ذلك، سرعان ما تبخر هذا التفوق عندما شن ترامب حرباً تجارية شرسة على عدد من الدول الكبرى، مما أثار قلق الأسواق العالمية، ذلك أن الحروب التجارية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين والاتحاد الأوروبي والعديد من الشركاء التجاريين الآخرين، كانت أشد وطأة من التوقعات، وأدت إلى تقلبات كبيرة في الأسواق العالمية، مما دفع العديد من المستثمرين إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم في ظل هذه التوترات.

وبعد مرور حوالي 100 يوم على عودة ترامب إلى البيت الأبيض، بدأت الأسواق في استيعاب تبعات هذه السياسات. وفي حين أن الاقتصاد الأميركي شهد بعض المكاسب نتيجة الحوافز الضريبية المتجددة، إلا أن التوترات التجارية استمرت في التأثير على ثقة المستثمرين، ما دفعت ضريبته وول ستريت بشكل واضح.

وتبعاً لذلك المشهد، سجلت الأسهم الأميركية أداءً أضعف من بقية أسواق العالم هذا العام، وذلك بأكبر هامش منذ أكثر من ثلاثة عقود، تحت وطأة سياسات دونالد ترامب التي دفعت بدورها إلى هجرة المستثمرين من الأصول الأميركية، بحسب بيانات نشرتها صحيفة فايننشال تايمز البريطانية نهاية الأسبوع الماضي.

مؤشر MSCI للأسهم الأميركية، وهو مقياس واسع للأسهم الأميركية انخفض بنسبة 11 بالمئة خلال الأسابيع الـ 16 الأولى من العام الجاري 2025.

في المقابل، ارتفع مؤشر MSCI العالمي باستثناء الأسهم الأميركية بنسبة 4 بالمئة (بالدولار) خلال الفترة نفسها، مسجلاً أكبر فجوة مع وول ستريت منذ العام 1993، عندما ازداد حماس المستثمرين الأميركيين للأسهم الأجنبية على خلفية تحرير التجارة والمخاوف بشأن الاقتصاد المحلي.

مؤشر S&P 500 سجل أسوأ أداء على الإطلاق في أول 3 شهور من بداية ولاية أي رئيس أميركي.

وبحسب التقرير، فإن هذا التفاوت في الأداء يؤكد توقعات المستثمرين بأن فرض ترامب رسوماً جمركيةً مكثفةً سيُلحق ضرراً أكبر بالاقتصاد الأميركي، من خلال الإضرار بالنمو وزيادة التضخم، مقارنةً باقتصادات أخرى.

برز هذا التفاوت بشكل خاص في أوروبا، حيث دفعت سياسة الانعزالية الأميركية إلى تعهداتٍ بزيادة الإنفاق الحكومي - لا سيما على الدفاع - وهو ما يُتوقع أن يُعزز الاقتصاد المحلي ويدعم أسواق الأسهم، وفق تقرير الصحيفة الذي اطلع عليه موقع اقتصاد سكاي نيوز عربية.

رئيس أبحاث الأسواق الناشئة ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ في دويتشه بنك، سمير غول، يقول: يعود جزء كبير من هذا الأداء الضعيف إلى إعادة تسعير الأصول الأميركية بسبب زيادة عدم اليقين السياسي والصدمة التضخمية الناجمة عن الرسوم الجمركية.

مدير المحفظة الأول للأسهم العالمية لدى فيدريتد هيرميس، لويس جرانت، يشير إلى أن رؤوس الأموال تتدفق نحو أوروبا، مدعومة بالثقة في المؤسسات القوية والحوكمة وأسواق الأسهم التي تتداول عادة بخصومات مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.