وسط الحرب الروسية الأوكرانية وخسائر الأسهم ومخاوف الركود التضخمي، التي تشهدها الأسواق العالمية وهى بيئة خصبة يُفترض أن يتألق فيها الذهب، الملاذ الآمن في أوقات عدم اليقين السياسي والاقتصادي، إلا أن الأداء لا يزال باهتًا إلى حد كبير، فما يلبث المعدن الأصفر أن يلمع لعدة جلسات، حتى يعاود الهبوط مجددًا في عام متقلب للغاية حتى الآن للأسعار.

 

وعلى الرغم من وجود عوامل داعمة لارتفاع أسعار الذهب، إلا أن ضغوط الدولار، الذي يقف عند أعلى مستوى في عقدين، وزيادة معدلات الفائدة، كان لهما التأثير أكبر في تحويل بوصلة المعدن الأصفر إلى الاتجاه الهابط، وسط بيئة مُحاطة بالعديد من الشكوك بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي.

وتعكس تقلبات الذهب والأسواق بصفة عامة، المعادلة الصعبة التي تحاول البنوك المركزية العالمية بقيادة الاحتياطي الفيدرالي تحقيقها من خلال إحداث توازن بين كبح جماح التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة والحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي في الوقت نفسه.

وتراجعت أسعار الذهب إلى أدنى مستوى لها منذ 10 فبراير الماضي، عند 1800 دولارًا للأوقية، بافتتاح جلسة اليوم الاثنين ( 16 مايو)، لتمحو بذلك جميع المكاسب التي حصدتها، جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي قد دفع المعدن الأصفر إلى تجاوز مستويات 2000 دولار للأوقية، لأول مرة في عام ونصف

 

في الحقيقة، بداية العام الجاري لم تكن جيدة للذهب، فقد كان يكافح للبقاء فوق مستويات 1800 دولار، مع ضغوط ارتفاع الدولار وعوائد السندات الأمريكية مع الرهانات على تشديد السياسة النقدية بوتيرة سريعة، لينهي المعدن النفيس الشهر الأول من العام متراجعًا بأكثر من 13% عن المستوى القياسي المسجل في أغسطس 2020 , رغم ذلك، اتخذت أسعار الذهب مسارًا صعوديًا قويًا وتجاوزت مستوى 2000 دولار مع نهاية فبراير، بعد التصعيد الروسي ضد أوكرانيا وبدء الحرب التي لم تضع أوزارها حتى الآن، ليكون غزو أوكرانيا بمثابة طوق النجاة للمعدن الأصفر من ضغوط ارتفاع أسعار الفائدة.

 

وفي مارس الماضي، بدأ البنك المركزي الأمريكي سلسلة متوقعة من زيادات معدل الفائدة، مع رفعها بنحو 25 نقطة أساس، لأول مرة منذ عام 2018، لمكافحة تسارع التضخم في الولايات المتحدة، والذي سجل 8.5% خلال فترة الاثني عشر شهرًا المنتهية في مارس المنصرم، وهي أعلى وتيرة منذ ديسمبر عام 1981.

*أسعار الذهب منذ عام 2016

ورغم مخاوف التضخم، التي تدعم الذهب بصفته مخزن للقيمة وأداء للتحوط من ارتفاع الأسعار، إلا أن ضغوط معدلات الفائدة كانت أقوى، ودفعته إلى المعاناة مرة أخرى وتداول أعلى قليلًا من مستوى 1900 دولار للأوقية خلال أبريل الماضي، مسجلًا أول انخفاض شهري منذ يناير بنحو 2.2%.

 

يأتي ذلك مع حقيقة أن أسعار الفائدة المرتفعة تزيد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الذي لا يحمل عائدًا، فضلًا عن أنها تعزز صعود الدولار، مما يجعل حيازة الذهب أكثر تكلفة بالنسبة لحاملي العملات الأخرى ,  وهذه نقطة يجب النظر لها بعناية  

*توقعات المستثمرين لأسعار الفائدة في اجتماع يونيو

ولا تزال المخاطر قائمة على المعدن الأصفر هذا العام، وسط توقعات السوق برفع معدلات الفائدة بنحو 50 نقطة أساس أخرى في اجتماع الشهر المقبل، حتى بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ زيادة معدل التضخم في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي، ليصل إلى 8.3% على أساس سنوي، انخفاضًا من 8.5% في مارس السابق له.

 

أما من ناحية التحليل الفني للحركة

نرفع راية التحذير من اي عمليات لشراء المعدن الاصفر استثماريا ونعتقد الاسعار سوف تواصل هبوطها , حيث نلاحظ تشكل انفراجات سلبية على الاطار الاسبوعي مع تشكل قمة مزدوجة عند سعر 2070 تمثل مستوى مقاومة ضاغط للأسفل بأن الاسعار قد وصلت الى سقفها , وبتالي يتوقع ان نرى عودة لمستوى 1690 دولار واعتقد فنيا ان الاسعار قد تتجه الى مستوى 1450 – 1500 دولار خلال الاشهر القليلة القادمة لتمثل نطاق شراء قد يحفز المستثمرين للدخول وربما فرص اكثر من رائعة اذا ما وصلت الاسعار الى مستوى 1360 دولار وهو دعم قد تنجرف اليه الاسعار

 

يبقى الذهب حاليا وسط مفترق الطرق الذي يعيشه الاقتصاد العالمي، فمن الممكن أن تدفع سياسة الفيدرالي العدوانية الاقتصاد إلى الركود، ويفشل في مكافحة التضخم وهذا قد يدعم المعدن النفيس ليحد من الزخم الهابط له , لكن بكل الاحوال نعتقد ان الذهب قد صنع قمته في 2022 ويحتاج الكثير من الوقت للعودة والتألق تحت الأضواء من جديد

 

اياد أبوعارف

مؤسس موقع نمازون الإقتصادي