أسئلة الساعة تقول لماذا يتمسك الرئيس ترامب بالسلطة الى هذا الحد رغم خسارته المحققة علنيا أمام الرئيس المنتخب جو بايدن ؟! و ما هى خياراته و احتمالات ختام الفيلم الانتخابى امريكا 2020 ؟!

 

اولا ... نحن أمام عدة حقائق أبرزها أن تلك الانتخابات كانت استفتاءا على استمرار ترامب و ليست اختيارا محددا لمنافسه بايدن ، كما أن ثنائى الاعلام - كورونا عملا بشراسة من أجل كتابة النهاية لتجربة حكم ترامب ، فالاعلام العالمى لم ينسى إهانة سحق توقعاته بفوز هيلارى كلينتون فى 2016 ليرد التحية بأكثر من مثلها لترامب 2020 و دعم الديموقراطى بايدن بقوة هائلة حشدت له اصوات قياسية ليعلنوه فائزا حتى قبل الانتهاء من فرز الاصوات ، هذا بخلاف التعتيم الممنهج لمخالفات التزوير التى يصرخ منها ترامب حتى اللحظة .

 

ثانيا ... كورونا الفيروس الصينى حسب وصف ترامب أصبح فيروسا امريكيا بصدارة الاحصاءات الرسمية داخل الولايات المتحدة التى تجاوزت 10 مليون إصابة و أكثر من ربع مليون حالة وفاة ! ، كما أن اجراءات مواجهة الوباء لم تكن فعالة ابدا من الادارة الجمهورية و لا مرضى عنها من شركات الادوية العالمية التى سارعت اشهرها فايزر الامريكية بإعلان استعراضى مفاجىء عن لقاح آمن بنسبة 90 % تزامنا مع اطلاق الرئيس المنتخب جو بايدن لإستراتيجته لمكافحة الوباء !

سؤال عابر هنا ... كيف يتخلى الناس عن نظرية المؤامرة بشأن فيروس كورونا بعد المصادفة العجيبة التى جمعت بين اعلان خطة بايدن ضد الوباء و ظهور لقاح فايزر فى توقيت واحد ؟!! و تحذير ترامب من حدوث ذلك قبل ثلاثة أسابيع بالضبط ؟

 

ثالثا ... انهال الاعتراف الدولى فورا على بايدن بعد إعلان فوزه اعلاميا بانتخابات الرئاسة، جاءت البداية الرسمية من الجارة كندا عبر رئيس الحكومة جاستن ترودو ، لتطير بعدها التهانى لبايدن من الضفة الشرقية للاطلنطى حيث حلفاء ترامب الاوروبين بوريس جونسون رئيس الحكومة البريطانية و الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون و المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل و باقى دول و منظمات العالم باستثناءات أشهرها روسيا و الصين و تركيا ...

إذن تم تحصين انتخاب بايدن بقوة الاعلام و قوة الاعتراف الدولى و بفشل ترامب فى ملف كورونا ، فهل يتخلى بايدن عن كل هذا بسهولة و شرف أمام الطعون الانتخابية ؟! ...و ماذا سيفعل ترامب ؟!!!

 

رابعا ... أمام كل ما سبق تتقلص فرص و أسلحة ترامب فى تلك المعركة بإتباع المسار القانونى للطعون الانتخابية عن طريق تنفيد أدلة تزوير الاصوات البريدية تحديدا و المطالبة بأعادة فرز كل صوت فى كل ولاية ان استطاع ذلك .

لتبدو حقائق الموقف التى يعرفها ترامب قائلة له لا لولاية ثانية ... نعم للخروج الآمن ، فيمارس الرجل سياسة الضغوط القصوى بنكران الهزيمة و اقالة المسئولين و عدم الاعتراف ببايدن و الاصرار على انه الفائز .

رجل الاعمال ترامب ينفث كل هذا الدخان الثقيل فى وجه الجميع من أجل الحصول على صفقة تضمن عدم ملاحقته قضائيا بعد مغادرة السلطة ... هذا بالضبط ما يريده ترامب ، فما السبيل الى ذلك ؟!

 

خامسا ... يتمتع الرئيس الامريكي فى السلطة بصلاحيات واسعة للعفو الرئاسى ، و أمام ترامب ثلاثة خيارات فى هذا الشأن لتجنب الملاحقات القضائية ...

الخيار الاول ... يستطيع ترامب اصدار عفو استباقى عن نفسه قبل مغادرة السلطة و قبل اصدار اى حكم ضده بعد فقدان الحصانة الرئاسية ، ليمثل ذلك سابقة فى التاريخ الامريكى ، و هذا الخيار يصلح كحجة حال ادانته .

الخيار الثانى ... أن يتنحى ترامب مؤقتا و يسلم السلطة لنائبه مايك بنس حسب التعديل 25 من الدستور ، لتنتقل صلاحيات العفو الرئاسى لبنس الذى بدوره يصدر عفوا استباقيا عن ترامب .

الخيار الثالث ... أن ينتظر ترامب بعد مغادرة السلطة عفوا رئاسيا من الرئيس المنتخب جو بايدن حال الادانة بجرائم فيدرالية كما حدث فى سبعينيات القرن الماضى مع الرئيس نيكسون .

ملحوظة يواجه الرئيس ترامب حاليا تهمة التهرب من الضرائب أمام احدى محاكم نيويورك ، و لكن الحصانة الرئاسية تحول دون استكمال القضية حتى الآن

 

سادسا ... نجح ترامب مؤخرا فى الحصول على موافقة بإعادة فرز كل الاصوات يدويا فى ولاية جورجيا التى أعلن مفوضها الانتخابى عن موعد نتائجها النهائية بحلول 20 نوفمبر الجارى ، هنا يجب إلقاء نظرة على التواريخ الدستورية التى تسبق مشهد تنصيب الرئيس الامريكى فى العشرين من يناير 2021

23 نوفمبر 2020
التصديق على نتائج انتخابات الولايات المتأرجحة، التي مازالت تشهد استمرار عمليات عد وفرز الأصوات .

8 ديسمبر
الموعد النهائي القانوني لحل النزاعات على النتائج في الولايات التي توجد بها طعون ومنازعات قضائية .

14 ديسمبر
اختيار الممثلين في المجمع الانتخابي لأداء اليمين الدستورية

6 يناير
تصديق الكونجرس على أصوات المجمع الانتخابي ، و اختيار الرئيس.

20 يناير
تنصيب الرئيس الأميريكي المنتخب و اداء اليمين الدستورية لتولي السلطة.


ختاما ... يبقى المشهد الكبير مفتوحا حسب معطيات اللحظة على ثلاثة احتمالات ، الاول و هو الاقرب و الافضل بالاتفاق على صفقة انتقال سلس لبايدن مقابل ضمانات ما بعد الخروج الآمن لترامب

و الثانى أن يساير بايدن ترامب حتى نهاية المسار القانونى لصالح الاول و نهاية التجربة السياسية تماما للثانى ترامب تحت قصف المحاكمة و ربما خلف القضبان

أما الثالث ، أن يتحقق سيناريو المستحيل بعدم الاتفاق على شىء و إطالة أمد الجدال حتى 14 ديسمبر المقبل و ترجيح الكفة بصعوبة بالغة لصالح ولاية ثانية لترامب !! ... فهل يتحمل الطرفان حينها مخاطر تلك الصدمة القوية و الثقة المفقودة من الناخبين و العالم فى النظام الامريكى ككل ؟!! 


بقلم خبير الأسواق

محمد مهدى عبد النبى