يبدو أن عملة البيتكوين تأبى أن تبتعد كثيراً عن دائرة اهتمامات المستثمرين حيث وصلت إلى أعلى مستوى لم تشهده في أكثر من عامين هذا الأسبوع بعد شهر تقريباً من تداولات هادئة، وسط إشارات على أنها باتت عضواً شبه دائم في المشهد المالي العالمي 

 

حيث اخترقت العملة المشفرة الأكبر في العالم حاجز 12 ألف دولار، والذي يُنظر إليه على أنه مستوى رئيسي تجاوزه يعني تحقيق المزيد من المكاسب، لتحقق اغلاق لشهر نوفمبر يتجاوز 13700 دولار للمرة الأولى منذ أوائل 2018 , ليصبح 16300 دولار الهدف القادم

 

ومع التفاؤل حيال الأصول المشفرة إثر إعلان العديد من الشركات والمؤسسات نيتها الاعتماد على العملات الرقمية، أضافت البيتكوين 30% لقيمتها هذا الشهر فقط لترفع مكاسبها لأكثر من 85% متربعة على عرش أفضل الأصول أداءً في العام الجاري.

(أداء البيتكوين منذ بداية العام الجاري)

كما استفادت العملة الإلكترونية من الاضطرابات التي ألحقتها جائحة كورونا بالاقتصاد العالمي وانخفاض قيمة الدولار هذا العام حيث اعتبرها المستثمرون وسيلة تحوط جيدة رغم أنها لا تزال معروفة بتقلباتها , واكتسبت البيتكوين المزيد من الزخم مؤخراً بعد أن أعلنت شركة المدفوعات باي بال أنها سوف تسمح بقبول العملات المشفرة واستخدامها للمدفوعات التجارية، مشيرةً إلى أن العملاء على نظامها الأساسي سيكونون قادرين على شراء السلع والخدمات باستخدام عملات إلكترونية بعينها اختارتها شركة المدفوعات وهى البيتكوين والإيثريوم والبيتكوين كاش والليتكوين.

 

ومثلما يرى المهتمون بالعملات الرقمية أن قرار باي بال يمنح البيتكوين ورفاقها المزيد من الأرض على الساحة العالمية، يقول الرئيس التنفيذي لشركة المدفوعات إن كفاءة وسرعة ومرونة هذه العملات تمنح الأفراد الشمول المالي والوصول إلى الكثير من المزايا، واصفاً التحول النهائي من العملات المادية إلى نظيرتها الرقمية بأنه حتمي.

 

باي بال ليست الشركة الوحيدة التي تراهن على العملات المشفرة حيث أنفقت منصة سكوير كاش 50 مليون دولار لشراء أكثر من 4700 بيتكوين في وقت سابق من هذا الشهر، لاسيما بعدما حققت زيادة هائلة قدرها 600% في عائدات البيتكوين، لتصل إلى 875 مليون دولار خلال الربع الثاني من العام الجاري.

وأرجعت سكوير كاش، والتي بدأت دعم العملة الإلكترونية منذ نهاية 2017، هذه الزيادة إلى ارتفاع عدد عملاء البيتكوين النشطين الجدد وزيادة الطلب على العملة الرقمية حيث غذى الوباء طفرة في صناعة المدفوعات عبر الإنترنت وشركات لأن العديد من المستهلكين القلقين من فيروس كورونا يتجنبون استخدام النقد المادي.

 

كما ان خطط اعتماد باي بال للعملات المشفرة والمكاسب التي حققتها هذه العملات منذ إعلان ذلك لم يأتِ من فراغ، حيث جأت بمثابة حدث جَلل للبيتكوين ونظرائها كونها ستكون متاحة أمام إجمالي 346 مليون مستخدم على منصة شركة المدفوعات الأمريكية , ولاكثر من 26 مليون تاجر , الخطوة الهامة المتوقع بدأ تنفيذها خلال الاسابيع المقبلة 

 

في الحقيقة، لم تكن خطوة باي بال الدافع الوحيد وراء اكتساب العملات المشفرة مزيداً من التألق مؤخراً بل كان الاهتمام المؤسسي المتزايد عاملاً إضافياً لذلك , حيث أيد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول العملة الرقمية، قائلاً في حدث استضافه صندوق النقد هذا الشهر، إنه قد تكون هناك فوائد لنسخة رقمية من الدولار الأمريكي، لكن في الوقت نفسه أشار إلى تحديات تواجه إنشاء دولار رقمي تشمل تهديد الهجمات الإلكترونية وتنفيذ السياسة النقدية ومنع الأنشطة غير المشروعة , وقامت 7 بنوك مركزية بأصدارت بشكل مشترك لمخطط يرسم مستقبل العملات الرقمية قبل أسابيع فقط

 

بالطبع سوف ينعكس هذا الاهتمام المتزايد والثقة التي تحظى عليها العملات الرقمية رويداً رويداً من الشركات والمؤسسات على تحركات البيتكوين في الفترة المقبلة.

 

يرى المستثمر الملياردير مايك نوفوغراتز أحد ثيران البيتكوين إن العملة الرقمية سوف تشهد المزيد من الارتفاع باعتبارها مخزن للقيمة مثل الذهب وايضا بسبب فائدتها كوسيلة للدفع , وكلما زاد عدد الوكلاء الاقتصاديين الذين يقبلون العملات المشفرة كوسيلة للدفع في المستقبل زادت فائدتها وارتفعت قيمتها

 

ويبقى السؤال المهم الذي يدور في اذهان متابعين العملات الرقمية ان اخوات البيتكوين لم يشهدن ارتفاعات تعادل ما حصل للبيتكوين الذي اقتربت باكثر من 61% من قمتها التاريخية في حين ان الكثير من العملات القيادية لم تصحح باكثر من 23% او حتى 38% , الاجابة على السؤال له عدت أوجه , حيث تمثل البيتكوين مخزن اولي لتدفق الاستثمارات نحو السوق ثم يتنقل المضاربون الى باقي العملات الرقمية وهو الأمر الملحوظ خلال ارتفاعات هذا العام , كما ان نضج السوق دفع بالعديد من المستثمرين لتوجه الى عملات الديفي DeFi ذات العوائد والتي حققت ارتفاعات هائلة في 2020

 

في النهاية ، إذا كان عشاق البيتكوين يرون أن قرار باي بال بمثابة اعتراف إضافي بشرعية العملات الرقمية ويوسع من قاعدتها الشعبية , فالمستقبل القريب سيجبر المؤسسات المالية على المزيد من الاعتراف بالعملات المشفرة لتصبح جزءاً لا يتجزأ من النظام المالي حتى وان كانت حصتها السوقية الان لا تتجاوز 1% فهي تحمل المزيد من القدرات الكامنة التوسعية