شهدت وول ستريت تحولاً سريعاً خلال الساعات الماضية، فبعد تسجيل ارتفاعات قوية في الأسابيع الأخيرة، أغلقت جميع المؤشرات على انخفاض في نهاية الأسبوع، إذ التقط المستثمرون إشارات واضحة بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي لم يكن اقترب بعد من نهاية التشديد النقدي زيادة أسعار الفائدة.

تصريحات أعضاء الفيدرالي

ولعبت تصريحات اثنين من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي دوراً في انخفاض وول ستريت، إذ قال العضو في المجلس كريستوفر والير إن التضخم الأساسي لن ينخفض كما اعتقدت مؤكداً بذلك أن مجلس الاحتياطي ما زال يتطلع لرفع الفائدة لكبح التضخم.

وفي السياق نفسه قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مدينة ريتشموند توماس باركين إنه مرتاح لوجود زيادات أخرى في أسعار الفائدة بالنظر إلى أن التضخم لا يزال في طريق العودة إلى اثنين في المئة.

تفاؤل المستثمرين

كان المستثمرون تفاءلوا من بيانات التضخم لشهر مايو (أيار) الماضي، والتي أظهرت انخفاضاً كبيراً يفوق التوقعات بتراجعها إلى 4.1 في المئة من نحو 4.9 في المئة في أبريل (نيسان) لكن التضخم الأساسي (الذي يستثني الوقود والغذاء) انخفض بشكل قليل عند 5.3 في المئة في مايو الماضي مقارنة مع 5.5 في المئة في أبريل السابق له.

وعزز هذا التفاؤل توقف الفيدرالي عن رفع الفائدة بعد 10 زيادات متتالية منذ مارس (آذار) 2022، لكن تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول غيرت كل المعطيات، إذ قال إن الفائدة قد ترتفع نصف نقطة مئوية حتى نهاية العام.

توقعات الفائدة والتضخم

وتتوقع الأسواق الآن أن الفيدرالي أوقف زيادة الفائدة بشكل موقت في يونيو (حزيران) الحالي، وسيرفعها مجدداً في يوليو (تموز) المقبل، وسيوقف سيناريو الزيادات أو السياسة النقدية المتشددة في ديسمبر (كانون الأول)، بحسب ما كشفته أداة فيد ووتش لمراقبة أسعار الفائدة.

وعزز من هذه الرهانات ما أظهره مسح لجامعة ميشيغان حول توقعات التضخم لشهر يونيو الحالي، إذ كشف عن تراجع التوقعات على المدى القريب لمؤشر أسعار المستهلك (التضخم) إلى أدنى مستوى لها في أكثر من عامين في يونيو الحالي، وتحسنت التوقعات على مدى السنوات الخمس المقبلة بشكل طفيف.

وول ستريت تتراجع

وتترقب الأسواق كيف ستتحرك وول ستريت الأسبوع المقبل، وإن كان الرالي قد توقف بعد سلسلة من الارتفاعات توقفت مع إغلاق الأسبوع، إذ تراجع مؤشر ناسداك بنسبة 0.68 في المئة إلى 13689 نقطة، وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.31 في المئة إلى 34301 نقطة، وتراجع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 0.4 في المئة إلى 4409 نقاط.

وعلى مدار الأسبوع، ارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز بنسبة 2.6 في المئة، وزاد داو جونز 1.2 في المئة بينما صعد ناسداك 3.2 في المئة.

وحذر أكبر بنك في العالم جيه بي مورغان من موجة التفاؤل في الأسواق، إذ توقع عمليات بيع للأسهم بنحو 150 مليار دولار ستقوم بها صناديق التقاعد العالمية وصناديق الثروة السيادية، وذلك لإعادة التوازن في محافظها المالية، بعد أن زاد انكشافها على أسواق الأسهم العالمية في الأشهر الثلاثة الماضية.

وستقوم هذه المؤسسات ببيع الأسهم لشراء السندات والحفاظ على المعادلة التقليدية للمحافظ عند 60 في المئة للأسهم و40 في المئة للسندات.

وأدى الارتفاع بنسبة 15 في المئة منذ بداية العام حتى الآن في مؤشر ستاندرد أند بورز 500 إلى عودة المستثمرين مرة أخرى إلى الأسواق، بعد أن شهدت وول ستريت انخفاضات حادة في الربع الأول من هذه السنة، بسبب الانهيار السريع لبنوك أميركية التي تركت مخاوف بوجود أزمة مصرفية نظامية، وانهيار وشيك للاقتصاد الأميركي.

تجنب سيناريو الركود

لكن تجنب هذا السيناريو عزز المكاسب الأخيرة في وول ستريت التي كانت مدفوعة بعاملين، الأول، تجنب الاقتصاد الأميركي للركود، والثاني موجة الشراء لشركات الذكاء الاصطناعي.

وبفضل هذه العوامل، رفع بنك غولدمان ساكس هدف مؤشر ستاندرد أند بورز 500 في نهاية العام إلى 4500 من 4000 نقطة سابقاً، مشيراً إلى أن هذه التوقعات مدعومة بتمكن الاقتصاد الأميركي من الدخول في انكماش في الأشهر الـ12 المقبلة.

يذكر أن المؤشر ارتفع بنسبة 23 في المئة عن أدنى مستوياته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.