دائمًا ما يستحوذ سهم تسلا على اهتمام المستثمرين والمحللين، لما شهده من تحركات قوية وسريعة على مدار الأعوام الماضية، حتى باتت الشركة خامس أكبر الشركات الأمريكية من حيث القيمة السوقية، كما تتربع على عرش شركات صناعة السيارات الكهربائية، فهل تستحق تسلا الزخم المحيط بها؟  هذا ما سوف نسلط الضوء عليه في هذا التقرير من الناحية الاساسية والفنية حتى نخرج بالنهاية بقرار استثماري ينفع الناس

 

في الحقيقة، الرهان على سهم تسلا غالبًا ما يكون على مستقبل الشركة بزيادة مبيعات السيارات الكهربائية مع جهود خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، التي تتطلب الابتعاد على مركبات البنزين والديزل، وهنا تتمتع تسلا بوضع تنافسي بل ريادي في السوق العالمية، لذلك نرى غالبًا مكرر الربحية أعلى من رقم 100، قبل أن يتراجع في الفترة الأخيرة  نتيجة لانخافض السعر ليصبح اليوم عند حدود 78 مرة ، لنرى ماذا حدث؟

قبل الحديث عن التقييم العادل للسهم وإلى أي يتجه سعر السهم؟ نستعرض تحركات سهم تسلا في الفترة الأخيرة، خاصة وسط التراجع الكبير الذي يُخيم على السهم بل ووسوق الأسهم جمعاء، بفعل الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي يعانيها العالم حاليًا.

 

اللون الأحمر يُخيم على سهم تسلا

تعرض سهم تسلا لخسائر قوية هذا العام، لعدة أسباب بعضها يتعلق بسوق الأسهم بشكل عام، مع عمليات رفع الفائدة المستمرة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، التي دفعت المستثمرين للاحتماء بالدولار الأمريكي والابتعاد عن الأصول الخطرة؛ خوفًا من الركود الاقتصادي، والبعض الآخر يتعلق بالمبيعات المخيبة للآمال لسيارات تسلا والمخاوف من أن يتأثر الأداء المالي للشركة باهتمام مؤسسها بشراء شركة تويتر.

 

وفقد سهم صانعة السيارات الكهربائية نحو 37% من قيمته منذ بداية 2022، وأكثر من 45% منذ أن سجل السهم إغلاقًا قياسيًا عند 409.9 دولارًا في جلسة 4 نوفمبر 2021، ومن شأن خسائر 2022، أن تكون تحولًا كبيرًا في أداء السهم عن الأعوام السابقة، حيث سجل سهم مكاسب تقارب 700% في عام 2020، وأتبعها 50% أخرى في العام الماضي.

 

ويقف سهم تسلا حاليًا عند 216 دولارًا وهو أدنى مستوى في 4 أشهر تقريبًا، بعدما سجل أكبر خسائر أسبوعية منذ مارس 2020 بنسبة 16%، رغم ارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز في الأسبوع نفسه بنحو 1.5%، ودفعت هذا التراجع القيمة السوقية للشركة للهبوط أقل من 700 مليار دولار، بعدما كانت فوق 1.2 تريليون دولار خلال نوفمبر 2021.

*أداء سهم تسلا في 2022

وجاءت الخسائر الأخيرة للسهم بعدما أعلن إيلون ماسك رغبته في استئناف صفقة شراء تويتر، وهو ما زاد المخاوف بشأن احتمالية أن يتخلى ماسك عن المزيد من أسهمه في تسلا من أجل تمويل صفقة الاستحواذ، بل تزامن ذلك أيضًا مع الإعلان عن أرقام تسليمات السيارات خلال الربع الثالث والتي جاءت أقل من تقديرات المحللين.

 

حيث أعلنت تسلا عن تسليم 343.8 ألف سيارة في الربع الثالث من العام الجاري، بزيادة 35% على أساس سنوي، لكن الأرقام جاءت أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى 364.6 ألف سيارة، مع الوضع في الاعتبار اضطرابات سلاسل التوريد وارتفاع التكاليف بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، بيد أن تسلا قد أغلقت معظم إنتاجها في مصنع شنغهاي مؤقتًا خلال يوليو الماضي، لإجراء تحديثات في المصنع.

 

فيما أنتجت الشركة الأمريكية 365 ألف سيارة في الربع الثالث، ليرتفع الإجمالي منذ بداية 2022، بالقرب من إنتاج إجمالي العام الماضي والبالغ 930 ألف سيارة، ورغم ذلك فإن إنتاج تسلا يبدو أنه سيتخلف عن تعهدات إيلون ماسك بإنتاج مليون ونصف سيارة في العام الجاري.

*معدل تسليم سيارات تسلا حتى الربع الثاني من 2022

إلى أي يتجه سهم تسلا؟

أثر معدل تسليم سيارات تسلا المخيب للآمال في السعر المستهدف للسهم ليكون 299 دولارًا وفقًا لمتوسط توقعات محللي وول ستريت المهتمين بتغطية سهم تسلا، انخفاضًا من 301 دولارًا في السابق، ما يمثل زيادة 25% عن سعر السهم الحالي، في حين ما زال 55% من المحللين يوصون بشراء السهم.

حتى الآن لا تزال هناك اختلافات كبيرة بين توقعات المحللين لسهم تسلا، إذ يحدد محللو شركة برنشتاين، السعر المستهدف للسهم عند 150 دولارًا، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 32% عن السعر الحالي، مع توقعات فشل تسلا في تحقيق نمو بنسبة 50% على أساس سنوي في معدل تسليم السيارات.

 

بينما كان محللو دويتشه بنك أكثر تفاؤلًا مع تحديد السعر المستهدف لسهم تسلا عند 400 دولار للسهم، وهذا يشكل ارتفاعًا بنسبة 79% عن السعر الحالي للسهم، مع توقعات أن تحقق الشركة تقدمًا كبيرًا فيما يتعلق بأعمال الروبوت البشري.

 

وأمام هذا الاختلاف حول تقيم السعر العادل والمستهدف ، مع الاخذ بعين الاعتبار بعض الارقام الاساسية مثل القيمة الدفترية للسهم التي تقف الان عند 11.65 دولار ومكررها البالغ 19 مرة , وايضا مكررات المبيعات البالغة عند 11.40 مرة بالاضافة لمجموعة تقيمات الاصول والسيولة ونسب الربحية نصل بالنهاية الى راينا الخاص

 

حيث نعتقد في مركز ابحاث موقع نمازون الاقتصادي أن القيمة العادلة لسهم تسلا تقف عند حدود 150 دولار وأي انخفاض دون هذا المستوى قد يمثل فرصة جيدة لإمتلاك السهم بهدف الاستثمار والاحتفاظ للخمسة سنوات القادمة

 

هذا ومن المنتظر أن يؤثر تقرير الأرباح الفصلية للربع الثالث من 2022، المقرر إعلانه في 19 أكتوبر الجاري، مع توقعات أن تحقق تسلا إيرادات بقيمة 22.4 مليار دولار، والتي من شأنها أن تكون أعلى مستوى على الإطلاق، بزيادة 62% مقارنة مع الربع نفسه من 2021، ونحو 32% على أساس فصلي.

 

وعلى النقيض من ذلك، من المتوقع أن تبلغ ربحية السهم 1.04 دولارًا في الربع الثالث، لكنها ستكون أقل من الرقم المسجل في الربع نفسه عند 1.86 دولارًا، كما أنه أدنى من ربحية السهم المسجلة في الربع الثاني هذا العام عند 2.27 دولارًا.

*أرباح شركة تسلا على أساس فصلي

وفي الأسبوع الماضي، رفعت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لشركة تسلا إلى BBB وهى درجة استثمارية، بعدما كانت عند درجة غير استثمارية أو الخردة بتصنيف BB+ سابقًا، مع التفاؤل بشأن ريادة الشركة لسوق السيارات الكهربائية، مع كفاءة تصنيع قوية تدعم هوامش الربح والتدفق النقدي التشغيلي.

 

أما من ناحية التحليل الفني للحركة السعرية

نرى ان قمة نوفمبر 2021 عند مستوى 414 دولار قد تمثل قمة تاريخية نعتقد انها سوف تبقى لفترة ليست بالقليلة مع دخول السعر في مسار تصحيح رئيسي لكامل حركته الفنية الممتد منذ اطلاق السهم في 2010 , نلاحظ ايضا تشكل نموذج كلاسيكي سلبي على الاطار الاسبوعي يعرف باسم الراس والكتفين المزدوج , وهو عادة ما يتشكل في نهاية رالي الصعود ليعلن عن بداية مرحلة جديدة من التصحيح

ويقف السعر مع اغلاق الامس 11 اكتوبر عند 216 دولار وعند الضلع السفلي تماما وبتالي اي اغلاق دون مستوى 210 دولار خلال الايام القليلة القادمة سيعلن عن تفعيل النموذج الفني للراس والكتفين والذي نعتقد موجيا وفنيا يستهدف مستوى 150 دولار و 108 دولار على طريق التصحيح الكبير المرتقب والذي سيكون فرصة جميلة لامتلاك السهم 

 

بالنهاية , ستبقى شركة تيسلا رائدة الافكار الجديدة التي تسخر التقنيات الحديثة في خدمة البشرية وايضا تحقيق العوائد للمستثمرين فيها بما يمتلكه أيلون ماسك من منهج خارج الصندوق وهي من الاساسيات القوية لسهم تيسلا على المدى الطويل وعامل جذب للانتباه دائم للمستثمرين الباحثين عن الفرص الجيدة في التوقيت الجيد

 

اياد عارف

مؤسس موقع نمازون الإقتصادي