ساعد صعود أسهم التكنولوجيا العملاقة على انتعاش سوق الأسهم بالولايات المتحدة، وفاق في تأثيره تأثير المخاوف المتعلقة بارتفاع عوائد سندات الخزانة قبل أيام قليلة فقط من حديث رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.
وقف مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تراجعاً استمر 4 أيام، فيما ارتفع مؤشر ناسداك 100 بنسبة 1.5% تقريباً، مع صعود سهم تسلا بأعلى نسبة منذ شهر مارس.
قفزت أسهم إنفيديا، التي ساهمت في إشعال موجة الهوس بالذكاء الاصطناعي التي قادت صعود الأسهم هذا العام، بنسبة تجاوزت 8%. وتعلن نتائج أعمال شركة صناعة الرقائق الإلكترونية يوم الأربعاء، مع توقعات بأن ترتفع الإيرادات بنسبة 65% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفق بيانات جمعتها بلومبرغ.
قال إدوارد مويا، محلّل أول السوق في شركة أواندا: هذا الأسبوع رائع لأسهم التكنولوجيا، توجد حالة من التفاؤل بأن شركة (إنفيديا) سوف تحقق نتائج جيدة، فهل ستعود أرباح (إنفيديا) إلى إنعاش التعاملات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتوفر لحظة راحة ضرورية لأسهم التكنولوجيا؟.
في الساعات الأخيرة من جلسة التداول تقدمت وحدة أشباه الموصلات آرم التابعة لمجموعة سوفت بنك غروب لما ينتظر أن يصبح أكبر طرح عامّ أولي في الولايات المتحدة هذا العام. وارتفعت أسهم شركة زووم فيديو كوميونيكيشن استناداً إلى توقعات متفائلة. وتخطط شركة تشارلز شواب لتوفير ما لا يقلّ عن 500 مليون دولار سنوياً من أجور العاملين والخدمات المهنية والتكاليف العقارية، في أحدث خطوة من شركة الوساطة للاستجابة لضغوط المستثمرين.
موجة بيع السندات
استأنفت السندات موجة البيع بسبب علامات على قوة أداء الاقتصاد دعمت الرهان على استمرار رفع أسعار الفائدة. وارتفع العائد على سندات الخزانة المحمية من التضخم لأجل 10 سنوات بأكثر من 2% لأول مرة منذ عام 2009. ولم يمضِ وقت طويل بعد ذلك حتى وصل العائد على سندات السندات لأجل 10 سنوات دون تلك الحماية إلى مستوى شوهد آخر مرة في أواخر عام 2007.
ارتفاع العوائد الحقيقية في حد ذاته لا يعني أن مسار حركة الأسهم سيئ بالضرورة، وفقاً لمجموعة بيسبوك إنفستمنت غروب (Bespoke Investment Group). منذ عام 1997 كان متوسط العوائد الآجلة للأسهم عندما وصلت العوائد الحقيقية إلى أعلى مستوياتها في 52 أسبوعا أسوأ من جميع الفترات بنسبة متواضعة، كما كتب المحللون في المجموعة بالإضافة إلى ذلك، أن الارتفاعات الجديدة للعوائد الحقيقية تميل على نطاق واسع إلى أن تؤدي إلى نمو أقوى في ربحية السهم.
أوضح محللو بيسبوك أن هذا يتفق مع الرأي القائل بأن العوائد الحقيقية المرتفعة تمثّل اقتصاداً أقوى، ولو كان لذلك بعض الآثار السلبية على تقييم أسعار الأصول.
سيتحدث باول يوم الجمعة في ندوة السياسة الاقتصادية التي تنعقد في جاكسون هول، بعد أن رفع المسؤولون الشهر الماضي أسعار الفائدة إلى نطاق من 5.25% إلى 5.5% ، وهو أعلى مستوى في 22 عاما. وأظهر محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي أن صناع السياسة ما زالوا يرون مخاطر كبيرة من أن التضخم قد يظل أعلى مما يتوقعون، مما قد يُبقي أسعار الفائدة مرتفعة.
قوة الاقتصاد وأسعار الفائدة
قال كريس لاركين، العضو المنتدب لشؤون التداول والاستثمار في شركة إي * تريد (E * Trade) من بنك مورغان ستانلي: سيغربل المستثمرون كل جملة يقولها جيروم باول في مؤتمر جاكسون هول هذا الأسبوع للحصول على أدلة حول تصرف بنك الاحتياطي الفيدرالي، قد يركز بعض المستثمرين على حقيقة أن هذه القوة الاقتصادية قد تمدّد موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة القائم على الحفاظ عليها مرتفعة لفترة زمنية أطول.
في الواقع، يقول ثلثا المشاركين البالغ عددهم 602 في أحدث استطلاع أجرته بلومبرغ في ماركتس لايف بالس (Markets Live Pulse) إن بنك الاحتياطي الفيدرالي لم يتغلب بعد على التضخم. وقال أكثر من 80% ممن شملهم الاستطلاع إن خطاب باول في جاكسون هول سيدعم فكرة الإبقاء على سعر الفائدة بمنظور متشدد وتقشفي.
قالت كاتي نيكسون، رئيسة شؤون الاستثمار في أعمال إدارة الثروات في شركة نورثرن ترست: سيتحول بنك الاحتياطي الفيدرالي والمستثمرون قريباً من التركيز على مدى ارتفاع سعر الفائدة إلى المدة التي سيبقون فيها عند هذا المستوى، وما هي الآثار المترتبة على سيناريو (إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة زمنية أطول). من وجهة نظرنا، سيرغب باول في الحفاظ على هذه الرسالة، وسوف يحاول مقاومة إجماع السوق المتزايد على أن تخفيض أسعار الفائدة سيحدث في عام 2024.
نمط جاكسون هول
عادة ما أدت خطابات رؤساء بنك الاحتياطي الفيدرالي في مؤتمر جاكسون هول إلى دعم الأسهم منذ مطلع الألفية، إذ يرتفع مؤشر ستاندر د آند بورز 500 بنسبة 0.4% في المتوسط في الأسبوع التالي، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ إنتليجنس.
غير أن مشهد العام الماضي لا يزال حاضراً في أذهان المستثمرين، عندما تراجعت الأسهم بنسبة 3.2% في الأسبوع الذي أعقب تصريحات باول، وفقا لـبلومبرغ إنتليجنس، بعد أن حذر من الحفاظ على السياسة النقدية تقشفية ومتشددة لمحاربة التضخم.
في الوقت نفسه، يختلف اثنان من كبار الاستراتيجيين في وول ستريت حول توقعات الأسهم الأميركية بعد سلسلة من الانخفاضات استمرت ثلاثة أسابيع، مع احتدام النقاش حول ما إذا كان الاقتصاد يمكنه تجنب الركود.
في حين يرجح مايكل ويلسون من مورغان ستانلي -وهو غير متفائل بسوق الأسهم- ضعف معنويات المستثمرين أكثر إذا بدأوا يتشككون في استدامة قوة الأداء الاقتصادي، يقول نظيره في مجموعة غولدمان ساكس ديفيد كوستين إن أمام المستثمرين فرصة لزيادة الاستثمار إذا ظلّ الاقتصاد ثابتاً في طريقه إلى هبوط سلس.
اقتصاديون يرفعون توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي
لا يزال شهر أغسطس يستعد لإنهاء سلسلة مكاسب استمرت خمسة أشهر للأسهم. مع ذلك، لا يظهر سوى علامات قليلة جداً على انتشار النزعة التشاؤمية الشاملة في هبوط الأسهم الأخير.
خفضت صناديق التحوط وغيرها من كبار المضاربين صافي مراكزهم البيعية في العقود الآجلة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى أقل مستوى في 14 شهراً، وفقا لأحدث مجموعة من بيانات لجنة تداول السلع الآجلة يوم الجمعة. ويقول محللون إن الانخفاض هذا الشهر قد يمثل استراحة مرحباً بها من المكاسب الحادة التي دفعت التقييمات إلى مستويات مرتفعة.