قال محافظ البنك المركزي النمساوي الجديد إنّ البنك المركزي الأوروبي يمكنه الإبقاء على معدلات الفائدة مستقرة عند مستوى 2% في الوقت الحالي، ما لم تطرأ صدمات كبيرة، وذلك في أول مقابلة له منذ انضمامه هذا الشهر إلى الهيئة العليا لاتخاذ القرار داخل البنك.

وقال مارتن كوخر لصحيفة فاينانشال تايمز: «في الوقت الراهن، وصلت دورة معدلات الفائدة هذه إلى نهايتها، أو باتت قريبة جداً من ذلك».

وجاءت تصريحاته عقب قرار البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس بالإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير عند 2% للمرة الثانية على التوالي، في إشارة إلى صمود اقتصاد منطقة اليورو رغم الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة على معظم صادرات التكتل.

وكان البنك قد خفّض تكاليف الاقتراض إلى النصف على ثماني مراحل بدأت في منتصف عام 2024.

 

وأضاف كوخر أنّه «في حال عدم حدوث تغييرات كبرى» في البيانات، فإنّ المبرّرات التي قادت إلى قرار هذا الشهر «ستظل قائمة إلى حدّ ما» في الاجتماعات المقبلة للبنك المركزي الأوروبي.

وقد تولّى كوخر منصبه محافظاً لـ البنك الوطني النمساوي هذا الشهر، خلفاً لـ روبرت هولتسمان الذي انتهت ولايته البالغة ست سنوات.

وكان هولتسمان قد عُرف بكونه أكثر الأعضاء تشدّداً في مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، وغالباً ما كان الصوت المعارض الوحيد لقرارات خفض الفائدة.

وعند سؤاله عن موقفه الشخصي، قال كوخر إنّه «يميل حالياً إلى الجانب الحذر» في السياسة النقدية، ونصح بتجنّب المجازفة المفرطة فيما يتعلّق بالتضخّم، مضيفاً: «تلك عادة نمساوية».

كما شدّد مارتن كوخر على أنّ السياسة النقدية «أصبحت أكثر براغماتية» خلال العقود الأخيرة، إذ باتت أكثر اعتماداً على البيانات، قائلاً: «إنّ مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي ليس ساحة للأيديولوجيا، بل غرفة قيادة السياسة النقدية، حيث ينبغي اتخاذ القرارات المثلى استناداً إلى البيانات المتاحة».

 

معدلات الفائدة الأوروبية

 

وبعد قرار يوم الخميس، بات المتعاملون في الأسواق يتوقّعون احتمالاً لا يتجاوز 50% لإقدام البنك المركزي الأوروبي على خفض جديد بمقدار ربع نقطة مئوية في معدل تسهيلات الإيداع الرئيس بحلول نهاية الربع الأول من العام المقبل.

وقد تراجع التضخّم ليبلغ هدف البنك المتوسط الأجل البالغ 2%، ومن المتوقّع أن ينخفض قليلاً دون هذا المستوى خلال العامين المقبلين.

ومع ذلك، حذّر كوخر من أنّه «من المهم البقاء يقظين وعدم المبالغة في تفسير حالة الاستقرار الراهنة»، مشيراً إلى حالة عدم اليقين الناجمة عن التوترات التجارية والصراعات الجيوسياسية.

وقال: «إذا تغيّرت البيانات، وإذا تبدّلت تقييمات المخاطر، فستكون هناك حاجة إلى استجابة، وقد تسير هذه الاستجابة في أيٍّ من الاتجاهين».

ونوّه إلى أنّ بيانات التجارة «شديدة الصعوبة في التفسير حالياً نظراً لتداخل عوامل كثيرة»، رغم أنّ الاتفاق التجاري الذي أُبرم بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في نهاية يوليو تموز «أزال قدراً من حالة عدم اليقين».

وأضاف أنّ من العوامل الإيجابية أيضاً أنّ الاتحاد الأوروبي لم يردّ بإجراءات انتقامية على الرسوم الجمركية الأميركية.

 

وفي المقابل، أشار إلى أنّ هذا الاتفاق «سيكون له أثر سلبي طفيف على النمو» لأنّه يجعل السلع الأوروبية أعلى ثمناً في السوق الأميركية.

ولدى سؤاله عن انهيار الحكومة الفرنسية وارتفاع تكاليف الاقتراض في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو، أكّد كوخر أنّه رغم حدوث «بعض التحركات» في فروق عوائد السندات، «ما زلنا بعيدين للغاية عن المستويات التي شهدناها خلال أزمة اليورو قبل نحو عقد من الزمن».

وأضاف: «لا توجد حاجة إلى أي تحرّك من جانب البنك المركزي الأوروبي».