تقرير خاص:

 

اتخذت عدة بنوك إماراتية خطوات متلاحقة ومتسارعة في طريق دمج أنشطتها، الأمر الذي قد يغير الخريطة المصرفية إقليميًا عبر خلق كيانات مصرفية أكبر حجمًا من المعتاد، فضلًا عن تعزيز الأرباح من خلال تكامل الأنشطة وتقليل المصروفات.

 

ويبدو أن اندماج بنكي الخليج الأول وأبوظبي الوطني لتأسيس بنك أبوظبي الأول بأصول تبلغ 188 مليار دولار، شجع المصارف في الدولة على دراسة هذه الفكرة التي ستمكن البنوك من مواكبة توصيات معهد التمويل الدولي وصندوق النقد الدولي بتعزيز القطاع عبر اعتماد نموذج اقتصاديات الحجم.

 

بنوك على خطى الاندماج

 

 

 

يدرس بنك دبي الإسلامي خيارات الاستحواذ المحتمل على بنك نور، في خطوة قد تخلق كيانًا مصرفيًا إسلاميًا  بإجمالي أصول 278 مليار درهم ليصبح بذلك من أكبر المصارف الإسلامية بالعالم ولا سيما بدولة الإمارات.

 

وفي السياق، أفاد الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء في أبوظبي كابيتال المحدودة محمد علي ياسين، أن موجودات بنك نور تمثل بين 18 إلى 20% من موجودات بنك دبي الإسلامي، بالتالي هي عملية استحواذ لبنك كبير على بنك أصغر.

 

ورجح ياسين أن تساهم عملية الدمج في توفير النفقات نظرًا لتشابه أعمال البنكين، بالتالي قد يكون هناك إغلاق لبعض الفروع.

 

وتظهر آخر البيانات المالية للبنكين، أن إجمالي موجودات بنك دبي الإسلامي وصل إلى 227 مليار درهم في نهاية مارس الماضي، فيما بلغ حجم موجودات نور بنك إلى 51 مليار درهم بنهاية ديسمبر الماضي.

 

وهناك أيضًا محادثات حول اندماج محتمل بين مصرفي إنفست بنك والشارقة لتعزيز مكانتهما بإمارة الشارقة، كما كشفت شركة شعاع كابيتال عن وجود مناقشات مع مجموعة أبوظبي المالية بشأن إمكانية الاندماج فيما بينها، وذلك لخلق كيان مالي أكبر مدرج في السوق حسب هيكل نهائي خاضع للموافقات القانونية والتنظيمية.

 

وتنوي بنوك أبوظبي التجاري والاتحاد الوطني ومصرف الهلال الاندماج، بما يخلق ثالث أكبر مؤسسة مصرفية في الإمارات بأصول تناهز 420 مليار درهم ما يعادل 114 مليار دولار، تسهم بشكل فاعل في دعم الاقتصاد الوطني الإماراتي.

 

ومن المرجح أن يستحوذ الكيان الجديد على 21% من قروض الأفراد بالإمارات، كما ستمتلك حكومة أبوظبي 60.2% منه عن طريق مجلس أبوظبي للاستثمار.

 

أسباب وفوائد الاندماج

 

 

أثر انخفاض أسعار النفط في الفترة من 2014 وحتى 2016 سلبا على الميزانيات الحكومية وهدأت وتيرة النمو الاقتصادي في المنطقة، كما زادت المنافسة على الودائع والمقترضين، وبالتالي تراجعت أرباح البنوك الخليجية.

 

واليوم في ظل التوترات السياسية وتوقعات بتباطؤ الاقتصاد العالمي وحالة عدم اليقين التي تشهدها الأسواق، تزداد الحاجة إلى عملية الاندماج بين المصارف في الإمارات لتعزيز قدراتها التنافسية.

 

وذكرت وكالة بلومبيرغ، أن بنوك المنطقة اتجهت إلى الاندماج لمواجهة الارتفاع في كلفة الامتثال للمعايير المحاسبية الجديدة والمتشددة إضافة لمجاراة التغيرات التقنية المصرفية التي تتطلب كيانات مصرفية قوية تمتلك القدرة على جلبها وتطبيقها.

 

وبين نائب رئيس وكالة موديز للتصنيف الائتماني، أشرف مدني، أن تباطؤ النمو وانخفاض الطلب على التسهيلات الائتمانية في المنطقة يعد أحد أكبر العوامل الدافعة لعمليات الدمج.

 

وفي وقت سابق، نصحت الوكالة البنوك الخليجية بتعزيز عمليات الدمج والاستحواذ فيما بينها، خاصة مع تذبذب أسعار النفط ما أدى إلى تباطؤ اقتصادات الدول واحتدام المنافسة بين البنوك التي تخدم مجموعات صغيرة من السكان.

 

واعتبرت موديز أن تباطؤ الاقتصاد هو أحد العوامل الرئيسية لاتحاد البنوك، إذ يعتمد نمو القطاع المصرفي بشكل كبير على نمو الناتج المحلي الإجمالي والإنفاق الحكومي في هذه الاقتصادات.

 

وأكدت أن إنشاء مصارف أكبر حجماً سيحسن قدرتها التنافسية وزيادة القيمة للمساهمين عبر نمو الإيرادات والتحول إلى المعايير الدولية، كما ستعزز قوة البنوك من قدرتها على تمويل المشاريع الوطنية ودعم القطاع الخاص.

 

بدوره، يرى مدير شركة هايكس جروب، حمود الياسي، أن الدمج يقوي البنوك ويعزز الاستقرار على المدى الطويل، ويوفر المصروفات التشغيلية، ويعزز قدرتها على الإقراض، كما أن الزيادة الكبيرة في أعداد البنوك تشكل ضغطًا عليها، خاصة الصغيرة منها في ظل احتدام المنافسة، ما قد يدفعها إلى قبول قروض سيئة.

 

قطاع البنوك الإماراتي الأكبر خليجيًا

 

 

 

يعتبر القطاع المصرفي الإماراتي الأكبر خليجيًا بأصول بلغت نحو 748 مليار دولار، ما يعادل 2.7 تريليون درهم خلال النصف الأول من العام 2018.

 

فيما وصل إجمالي قيمة الأصول المصرفية للبنوك في الإمارات إلى 2.895 تريليون درهم مع نهاية مارس الماضي، مقابل 2.909 تريليون درهم نهاية فبراير السابق.

 

وشهدت الإمارات أول اندماج مصرفي عام 2007 بين بنكي الإمارات الدولي ودبي الوطني، وارتفعت أرباح الكيان المندمج، بنك الإمارات دبي الوطني، بأكثر من 3 أمثال ما كانت عليه في ذلك الوقت، وزاد صافي دخل البنك بمعدل سنوي مركب 11% من 2008 إلى 2018، رغم بعض السنوات المضطربة بعد الأزمة المالية العالمية.

 

ختامًا، تتسارع وتيرة عمليات الاندماج والاستحواذ في الإمارات وعلى مستوى المنطقة ككل، بشكل لا يقتصر على قطاع البنوك فقط، فشهدنا استحواذ إعمار مولز على 51% من منصة نمشي مقابل 151 مليون دولار، وكذلك استحواذ عملاق التجارة الالكترونية أمازون على سوق.كوم خلال 2017.

 

مؤخرًا، أتمت شركة أوبر صفقة شراء كريم بقيمة 3.1 مليارات دولار أكبر عملية استحواذ لشركة أوبر حتى الآن لتعزز بذلك تواجدها في الشرق الأوسط وإبعاد شبح المنافسة عنها.

 

خدمات نمازون ..  منصة التحليل الفني المبرمجة ... للأسهم الإماراتية والسعودية والأسواق العالمية