شهدت الأسواق المالية العالمية، في السنوات الخمس الماضية، تقلبات بشكل متزايد، مما أدى إلى تأجيج مخاوف المتداولين وعرقلة قراراتهم التجارية وامتناعهم تدريجياً عن المخاطرة غير الضرورية. وفي الآونة الأخيرة، وبدءاً من عام 2023، شهد عالم الاستثمار صدمات متعددة، مما أدى إلى المزيد من الاضطرابات في الأسواق.

غير أن النظرة المستقبلية للأسواق المالية في الخليج تسير عكس الاتجاه لتبقى إيجابية، فقد شهدت أسواق الشرق الأوسط في عام 2022 عاماً رائعاً، ويشعر المراقبون بتفاؤل شديد بأن عام 2023 سيحقق نتائج واعدة بنفس القدر بناءً على التدفق الأكبر للاستثمارات والشركات التي تنتقل إلى المنطقة.

في عام 2022، استحوذت أسواق دول مجلس التعاون الخليجي على 21 بالمئة من حجم الاكتتاب العالمي، مقارنة بـ 2 بالمئة فقط في عام 2021، مع توقعات بأن يتم طرح أسماء كبيرة للاكتتاب العام هذا العام، على خطى أكبر الشركات الإماراتية أدنوك للغاز والأنصاري للصرافة والتي شهدت اكتتاباً مفرطاً بشكل متكرر، مما يعكس ارتفاع الطلب على الاستثمارات في المنطقة.

علاوة على ذلك، وبالنظر إلى العلاقات المتبادلة بين اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط والتي تسهم بدورها في تخفيف التوتر والتقليل من احتمال حدوث اضطرابات جيوسياسية غير متوقعة في المنطقة، يعتقد بعض المحللين أن أسواق الشرق الأوسط قد تستمر في الأداء الجيد في عام 2023، خاصة إذا كانت أسعار الفائدة ثابتة أو بدأت في الانخفاض وطالما أن أسعار النفط لا تقل عن 60 دولاراً للبرميل.

ورغم أن تركيز المستثمرين قد انصب بشكل أساسي على البنوك المركزية، وعلى رأسهم الفيدرالي الأميركي، في انتظار معرفة ما إذا كانت أسعار الفائدة سترتفع، وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي سيحدث في حال استمرارها في الزيادة.

في سياق متصل، فاجأت الأزمة المصرفية الجميع، وتحول تركيز المراقبين من توقع ارتفاع أسعار الفائدة إلى توقع تخفيضات أسعار الفائدة منذ أن بدأت الأزمة تظهر آثار مضاعفة في أوروبا مع انهيار كريدي سويس، العملاق المصرفي العالمي.

ومع ذلك، وبفضل التدخل الناجح للاعبين العالميين لاحتواء الأزمة المصرفية، تحولت الأنظار مرة أخرى إلى البنوك المركزية وأسعار الفائدة. ولكن لم يهدئ هذا من مخاوف المتداولين بشأن تقلبات الأسواق، خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد بشكل كبير على النفط كمصدر رئيسي للدخل.