ارتفع سعر البيتكوين فوق مستوى 90000 دولار خلال الساعات القليلة الماضية لأول مرة منذ نحو أسبوع، ليستعيد جزءاً من الخسائر التي تكبدها خلال موجة بيع استمرت أكثر من شهر. وجاء هذا الارتفاع في ظل موجة صعود واسعة للأصول عالية المخاطر وتراجع واضح في مستوى التقلبات، ما منح المتداولين مساحة لدفع الأسعار إلى الأعلى.
ورغم أن الصعود جاء بوتيرة محدودة، فإنه أعاد المستويات الأعلى إلى دائرة الاهتمام، مع تحرك الأصول الرقمية بالتوازي مع الأسهم وسط قناعة متزايدة بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يعود قريباً إلى خفض أسعار الفائدة. كما شهد صندوق البيتكوين الأمريكي التابع لشركة بلاك روك تدفقات جديدة، لينهي سلسلة من عمليات السحب السابقة. وتبقى مستويات السيولة ضعيفة قبل عطلة عيد الشكر، لكن مع انحسار التقلبات وغياب دلائل على موجات بيع قسرية جديدة، يبدو أن المتفائلين يختبرون إمكانية انتهاء أسوأ مراحل التراجع.
وقال آدم مكارثي، محلل الأبحاث في شركة كايكو، إن ما يحدث يرتبط بطبيعة الأسواق خلال موسم العطلات، موضحاً أن انخفاض السيولة يعني أن التحركات الكبيرة لا تحتاج إلى قوة دفع كبيرة.
تحسن تدريجي رغم الخسائر الكبيرة
صعدت البيتكوين بما يصل إلى 4 بالمئة لتبلغ 90460 دولاراً يوم الخميس، حيث قلصت خسائرها عن أعلى مستوى تاريخي تجاوز 126000 دولار في مطلع أكتوبر إلى نحو 28 بالمئة فقط.
وعلى الرغم من الهبوط الذي وصل إلى 36 بالمئة منذ تسجيل الذروة التاريخية في بداية أكتوبر، فإن التقلبات الضمنية بقيت محدودة، وهو تحول يعكس تأثير دخول المؤسسات الكبرى على كيفية انتقال المخاطر في السوق. ففي مراحله الأولى كان سعر البيتكوين يعتمد بشكل أساسي على المضاربات السريعة من المتداولين الباحثين عن الاستفادة من تقلباته الحادة.
قال جاسبر دي مار، وهو استراتيجي في شركة وينتر ميوت، إن مستويات البيتكوين قرب نطاق 80000 دولار خلال هذا الأسبوع لعبت دوراً مهماً كنقطة دعم ساعدت السوق على التماسك، وذلك بعد موجة الانخفاضات المتتالية التي شهدتها العملات الرقمية في الأسابيع الماضية.
تحسن معنويات المتداولين وتحركات المشتقات
وتوضح بيانات أسواق المشتقات أن المزاج العام للمتداولين بدأ يتحسن بالفعل. فعقود البيتكوين الدائمة، التي تُعد من أهم الأدوات المستخدمة للمراهنة باستخدام الرافعة المالية، تشهد زيادة في الإقبال على المراكز الشرائية، مع بقاء حجم العقود المفتوحة عند مستويات معتدلة وفق بيانات منصة كوين غلاس. كما أن تحول معدلات التمويل إلى المنطقة الإيجابية يشير إلى أن المتداولين أصحاب الرؤية الصعودية عادوا لقيادة السوق بعد أن كانت الكفة تميل للجانب السلبي في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وتُظهر بيانات منصة ديربيت التابعة لكوين بيس أن خيارات الشراء عند مستوى 100000 دولار أصبحت الأكثر جذباً للاهتمام حالياً، بعدما كانت خيارات الحماية من الهبوط حول مستويات 80000 و85000 دولار هي المسيطرة خلال الأسبوع الماضي.
وقال سبنسر هالارن، رئيس التداول خارج البورصة في شركة جي إس آر للاستثمار الرقمي، إن المراكز الشرائية ذات الطابع المضاربي شهدت تراجعاً كبيراً خلال الأسابيع الماضية، وهو ما يتضح من انخفاض أحجام العقود المفتوحة وتراجع معدلات التمويل، مما يجعل السوق حالياً في وضع يسمح بحركة صعود جديدة إذا ما توفرت القوة الدافعة المناسبة.
الهبوط السابق وموجة التصفية
وتعرضت أسعار العملات الرقمية لصدمة قوية في بداية أكتوبر عندما تسبب إعلان دونالد ترامب عن نيته زيادة الرسوم الجمركية في اضطرابات واسعة بالأسواق العالمية. وقد أدى ذلك إلى محو أكثر من تريليون دولار من القيمة السوقية للأصول الرقمية، بالإضافة إلى موجة تصفيات قسرية طالت عدداً كبيراً من المتداولين.
ورغم هذه الخسائر الضخمة، يبدو أن المستثمرين بدأوا من جديد في اختبار السوق. فقد سجلت صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة تدفقات داخلية بلغت نحو 130 مليون دولار يوم الثلاثاء، بحسب بيانات بلومبيرغ إنتليجنس. وفي الوقت ذاته، سحب المستثمرون ما يقرب من 3.6 مليار دولار من الصناديق الأمريكية المدرجة خلال شهر نوفمبر، وهو أكبر تخارج شهري منذ طرح هذه المنتجات، ويُعد أول اختبار فعلي لقدرتها على الصمود أمام تقلبات السوق.