تصدرت إمكانية رفع أسعار الفائدة المشهد في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، ويتجلى ذلك في ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية وتراجع أداء الأسهم إلى جانب صعود الدولار الأمريكي مستفيداً من وضعه كملاذ آمن وكذلك التباين في معدلات أسعار الفائدة.
بحسب تقرير بنك الكويت الوطني، الذي اطلع عليه موقع (نمازون)، تأتي المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم وسط اتخاذ أحد القرارات المؤثرة للغاية على صعيد السياسيات العامة لزيادة سقف الدين في الولايات المتحدة حيث من المتوقع أن تواجه الحكومة خطر التعثر في سداد ديونها بحلول 18 أكتوبر 2021.
وساعدت التوقعات بإمكانية تقليص الاحتياطي الفيدرالي لبرنامج شراء السندات وهو الأمر الذي دفع إلى ارتفاع منحنى عائد سندات الخزانة حيث وصل عائد السندات الأمريكية لأجل سنتين إلى 0.318% وهو أعلى مستوى له منذ أوائل عام 2020، بينما ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 و30 عامًا إلى أعلى مستوياتها في 3 أشهر عند 1.56%و2.10% على التوالي.
وشهدت أسواق الأسهم أسبوعاً متقلباً للغاية حيث استهل مؤشر ستاندرد أند بورز تداولات الأسبوع عند مستوى 4,357.73 نقطة ثم شهد ارتفاعاً كبيراً بنحو 2.24% ليصل إلى أعلى مستوياته خلال الأسبوع عند مستوى 4,455.48 نقطة. إلا أنه قلص جزءاً من مكاسبه وتراجع بنحو 2.31% ليصل إلى 4,352.63 نقطة تقريباً.
وكان مؤشر ناسداك ذو الثقل بأسهم التكنولوجيا هو الأسوأ أداءً هذا الأسبوع وذلك لارتباطه الشديد بعمالقة التكنولوجيا من ذوي الاستدانة العالية حيث تراجع بنحو 3.2%، حيث ألقت توقعات أسعار الفائدة المرتفعة بثقلها على طبيعة تكلفة الاقتراض العالية لشركات التكنولوجيا.
وعلى صعيد العملات الأجنبية، بدأ مؤشر الدولار الأمريكي تداولات الأسبوع بالقرب من مستوى 93.300، كما حقق مؤشر الدولار الأمريكي مكاسب بنحو 1.19% بالغاً أعلى مستوى له خلال عام عند مستوى 94.435. وانخفض اليورو إلى مستوى 1.1563 مقابل الدولار ليصل إلى أدنى مستوياته منذ يوليو 2020. كما انخفض الجنيه الإسترليني بحوالي 1.99% ووصل إلى أدنى مستوياته المسجلة هذا الأسبوع عند 1.3412، كما ارتفع الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني والفرنك السويسري على خلفية زيادة تباين أسعار الفائدة.
وفي ختام تعاملات الأسبوع الماضي فقد الدولار بعض مكاسبه مقابل نظرائه الرئيسيين حيث طغت احتمالات انتعاش النمو على القلق بشأن ضغوط التضخم. كما عوّضت أسواق الأسهم بعض من خسائرها إلا ان المكاسب لم تكن كافية لمحو الخسائر التي حققتها خلال الأسبوع. فيما ارتفعت سندات الخزانة وبلغت عوائد السندات لأجل 10 سنوات نحو 1.47%.
سقف الدين
اشتهرت الولايات المتحدة باقتصادها الضخم والمقترن بمبالغ هائلة من الديون. لذلك، أدى الإعلان بأن أكبر اقتصاد على مستوى العالم سيتخلف عن السداد إذا لم يتم رفع سقف الديون إلى إثارة مخاوف المستثمرين والتجار في كافة أنحاء العالم.
وصرحت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين بأن رفع الحد الأقصى للديون لتجنب التخلف عن السداد من شأنه أن يقوض وضع الدولار الأمريكي كملاذ آمن. وأعلنت وزارة الخزانة أن السيولة النقدية ستنفد بحلول 18 أكتوبر من العام الحالي ما لم يرفع الكونجرس الحد الأقصى للديون الاتحادية.
وتعتبر المهلة الزمنية لاتخاذ مثل هذا القرار أقرب مما توقعه المحللون ولم يتم تسعير العواقب المترتبة على ذلك في الأسواق. بالإضافة إلى ذلك، تثير إمكانية تعثر الولايات المتحدة عن سداد ديونها تساؤلات حول ما إذا كان هذا هو الوقت المناسب لتنفيذ خطة بايدن للبنية التحتية.
خطة البنية التحتية
كان من المقرر طرح مشروع قانون البنية التحتية الطموح للرئيس جو بايدن على طاولة النقاش يوم الخميس الماضي، إلا أنه تم تأجيله حتى يتسنى للقادة الديمقراطيين الحصول على المزيد من الدعم.
وتهدف الخطة إلى تعزيز البنية التحتية للولايات المتحدة، وكما وصفها الرئيس بايدن، فإن الجهود التحويلية تهدف إلى تحقيق اقتصاد قوي وأكثر مرونة وابتكاراً في العالم.
ويعتبر مشروع الرئيس بايدن للبنية التحتية هو المبادرة الرئيسية الثانية والتي يطلق عليها خطة الوظائف الأمريكية وتحمل تكلفة إجمالية تبلغ حوالي 4 تريليونات دولار موزعة على عقد من الزمان.
في حين كانت اولى المبادرات الرئيسية التي طرحت على الأجندة الطموحة للرئيس بايدن هي مشروع قانون الإغاثة من الجائحة بقيمة 1.9 تريليون دولار والذي يطلق عليه خطة الإنقاذ الأمريكية.
إلا أن هناك بعض النقاط ضمن خطة الوظائف الأمريكية المثيرة للمخاوف مثل نفقات الخطة، والتي تواجه معارضة الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ.
ويخطط الرئيس بايدن لتعويض التكاليف عن طريق زيادة ضرائب الشركات التي سيتم تجميعها على مدى 15 عاماً. وقد يكون لهذا القرار انعكاسات سلبية على سوق الأسهم، إلا أنه سيفيد سوق العمل الأمريكي من خلال خلق فرص العمل، كما أنه من شأنه تعزيز البنية التحتية طويلة المدى للبلاد.
وبدأت مستويات البطالة في الولايات المتحدة في التعافي مقارنة بالارتفاع الذي شهدته في بداية ظهور الجائحة في أبريل 2020 عندما وصلت إلى حوالي 23.11 مليون شخص عاطل عن العمل مقابل 8.384 مليون شخص عاطل عن العمل في أغسطس 2021. إلا أنه على الرغم من ذلك، ما يزال هذا الرقم مرتفعاً ويجب التصدي له.