تقع سوق الأسهم السعودية رهينة البحث عن عوامل تدفعها للخروج من النطاق العرضي، في الوقت الذي تواجه فيه تحدي ضعف السيولة وتأثيرات قرارات ترمب بتوسعة الرسوم الجمركية التي يفرضها على مستوى العالم عموماً، ولا سيما على الاقتصاد الصيني الذي يُعد أحد الأسواق الرئيسية لصادرات الكثير من شركات المملكة.
أغلق المؤشر تاسي مستقراً تقريباً خلال جلسة أمس الإثنين عند 12472 نقطة، فيما بلغت السيولة قرابة 6 مليارات ريال، لتماثل متوسط الأسبوع الماضي، لكنها تظل دون مستويات ناهزت تسع مليارات ريال في منتصف الشهر الماضي.
السوق لا تجد عوامل تدفعها نحو الصعود حالياً، وهي في فترة تتسم بالترقب للنتائج المالية للشركات المؤثرة.. حجم السيولة لم يتحسن بشكل كبير، ولم يعد للارتفاعات السابقة، بحسب ما قاله أحمد الرشيد المحلل المالي الأولى لدى صحيفة الاقتصادية.
تأخر النتائج المالية يثير قلق المتعاملين
الأداء العرضي للسوق يعزوه الرشيد أيضاً إلى حالة من القلق بين المتعاملين، بسبب عدم الإعلان عن المزيد من النتائج المالية. إذا عادة ما تسارع الشركات الرابحة للإعلان عن نتائج أعمالها، لذا فإن تأخر الشركات في الإعلان يثير القلق من أداء ربما لا يتوافق مع توقعات السوق مما يؤثر على حركة السوق في الوقت الحالي بحسب قوله.
وجهة النظر تلك ردد صداها محمد عادل المحلل المالي لدىالشرق الذي أكد أن السوق تمر بفترة من غياب المحفزات، وترقب لباقي نتائج الشركات القيادية في السوق، إضافة إلى المخاوف من قرارات ترمب التجارية.
أمر ترمب رسمياً بفرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم، وقال إن إدارته ستبحث في فرض رسوم على السيارات وأشباه الموصلات، إلى جانب قطاعات أخرى محتملة.
عوامل عدم اليقين
تتأثر السوق بحالة من عدم اليقين ناجمة عن عوامل عالمية تتمثل في الولاية الثانية لترمب وقرارته المتلاحقة سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، بجانب ترقب نتائج الشركات الكبيرة مثل أرامكو والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) وغيرها، بالإضافة إلى تذبذب أسعار النفط، بحسب ما قاله وائل محمد علي مدير الوساطة الدولية في المتحدة للأوراق المالية.
تزايد اتجاه المستثمرين أيضاً للملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب، ربما يؤثر على السوق بحسب علي من المتحدة للأوراق المالية.
وصلت أسعار الذهب اليوم إلى ذروتها التاريخية فوق 2921 دولارا للأونصة، بعد أن قفزت بنسبة 1.7% في الجلسة السابقة. وشهد المعدن الثمين زيادة بنسبة 11% هذا العام، مسجلًا سلسلة من الأرقام القياسية، حيث تعزز تحركات ترمب المزعزعة في ملف التجارة والجانب الجيوسياسي من دوره كوسيلة لحفظ القيمة في الأوقات غير المستقرة.
عوامل إيجابية على المدى الطويل
لكن على المدى الطويل والمتوسط، يرى علي أن السوق السعودية تحوي عوامل إيجابية، إذ من المتوقع أن تستفيد الشركات العاملة في قطاع البنية التحتية من الانفتاح الاقتصادي للمملكة، واستضافتها لأحداث هامة من بينها كأس العالم لكرة القدم 2034، ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029، ومعرض إكسبو 2030، وكل هذه الفعاليات ستحتاج إلى استثمارات في التطوير العقاري وتشييد الفنادق وحتى العقارات السكنية، مما سيؤثر إيجاباً على الشركات العاملة في تلك القطاعات، وسيعود بالنفع على نمو الاقتصاد بالتبعية.
تأثيرات غير مباشرة
يُتوقع أن يكون تأثير رسوم ترمب الجمركية، التي تستهدف الصين بشكل خاص، على السوق السعودية غير مباشر، بحسب ما ذكر ديفي أرورا رئيس قسم إدارة المحافظ بشركة ضمان للاستثمار. أوضح أن ذلك قد يأتي من التداعيات المحتملة لتلك الرسوم السلبية على نمو الاقتصاد الصيني، الذي يعاني بالفعل على مدى العامين الماضيين، ما قد يضعّف الطلب الصيني والذي بالتالي سيترك أثراً غير مباشر على السعودية، التي تورد بشكل رئيسي النفط والبتروكيماويات إلى بكين.
على الرغم من الأداء العرضي، فإن الاتجاه العام للسوق صعودي، فالسوق تتقدم منذ بداية العام ولكن بوتيرة بطيئة بشكل كبير في غياب ارتفاعات يومية قوية، لكن المستثمرين، سواء أفراد أو مؤسسات، يقومون بتقييم السوق في الوقت الحالي، بحسب ماري سالم المحللة المالية لدى الشرق.
أردفت قائلة إن السوق السعودية ما زالت تضم عوامل مغرية، كان من المفترض أن تكون مشجعة، لكننا لا نرى تفاعلا لأن نتائج الشركات الكبرى لم تصدر بعد.
المستثمرون يستغرقون وقتاً للتقييم، ويترقبون بحذر التداعيات الخاصة بقرارات ترمب على الشركات العاملة في القطاعات المتأثرة بتلك القرارات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بحسب ما قالته ماري سالم.