أخيرا أُسدل الستار على شراء إيلون ماسك لشركة تويتر، لتدخل منصة التواصل الاجتماعي عهد جديد، ويغاد سهم تويتر TWTR بورصة وول ستريت بعد 9 سنوات من الإدراج ، بعد جولات سريعة من المفاوضات لم تستغرق أسبوعين، تركت مجلس إدارة الشركة بلا خيار سوى الموافقة على عرض الاستحواذ وحبل الإنقاذ الماسكي
والأن بعد أن أصبحت تويتر في قبضة أغنى رجل في العالم، هل سيتغيّر شيء في منصة التواصل الاجتماعي أم أن ماسك يرغب في الشراء من أجل إشباع نهم الاستحواذ والسيطرة؟ وهل فعلا يريد الملياردير الأمريكي أن يجعل تويتر أكبر منصة لحرية التعبير !! مقابل ان يدفع 44 مليار دولار !!
في الحقيقة قصة الاستحواذ كانت سريعة، لكنها مليئة بالأحداث المتتالية، والتي تفاعل معها سهم الشركة بشكل إيجابي وحقق مكاسب قوية، فماذا حدث في الأيام الماضية؟ ولكن هل تستحق تويتر المبلغ المدفوع من قبل ماسك رغم خسائر العامين 2020 و 2021 ؟ وماذا عن الأرباح والإيرادات والتوقعات المستقبلية؟ كل هذه أسئلة، سنحاول الإجابة عليها في السطور التالية.
بداية القصة
ظهرت أنباء رغبة ماسك في شراء تويتر علنًا هذا الشهر، لكن يبدو أن الملياردير الأمريكي يفكر في ذلك الأمر منذ فترة؛ إذ كان ماسك يشتري أسهمًا في تويتر منذ أواخر يناير الماضي، حتى أعلن أوائل أبريل الجاري، أنه أصبح أكبر مساهم في الشركة الأميركية بحصة 9.2%، تقدر قيمتها بأكثر من 3 مليارات دولار.
وفي هذا الوقت، أبدى ماسك موافقة مبدئية ليحصل على مقعد في مجلس إدارة الشركة، مع وضع حد أقصى لاستثماره إلى حصة تبلغ 14.9%، قبل أن يعلن الرئيس التنفيذي لشركة تويتر باراغ أغراوال، أن ماسك قرر عدم الانضمام إلى مجلس الإدارة.
والتزم ماسك الصمت فيما يتعلق بأي أمور تخص تويتر، حتى أعلن رغبته في شراء شركة التواصل الاجتماعي، يوم الأربعاء (13 أبريل الجاري)، مشيرًا إلى أنه يرغب في أن تكون منصة لحرية التعبير، وتحتاج إلى التحول لشركة خاصة لتحقيق هذا الهدف.
ووفقًا للجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، عرض ماسك الحصول على تويتر مقابل 54.20 دولارًا للسهم نقدًا، بقيمة 44 مليار دولار، ويمثل هذا علاوة سعرية بنسبة 38% على سعر الإغلاق في 1 أبريل، وهو آخر يوم تداول قبل أن يكشف ماسك عن أنه أصبح أكبر مساهم في تويتر، وعلاوة بنسبة 18% عن سعر الإغلاق يوم الأربعاء، الذي أعلن فيه الملياردير الأمريكي عرض الاستحواذ.
وسيطرت حالة من عدم اليقين حول العرض داخل مجلس إدارة تويتر، فعلى الرغم من أنه يُقارن بالقيمة الدفترية للسهم الواحد البالغة 9.1 دولارًا بنهاية العام الماضي، إلا أن قبول عرض ببيع أسهم الشركة بأقل بنحو 30% من أعلى مستوى للسهم على الإطلاق عند 77.06 دولارًا، والذي سجله في فبراير 2021، يعد أمرًا صعبًا.
ومن أجل تأمين موقفه قبل التفكير في العرض، تبنى مجلس الإدارة خطة دفاعية تسمح للشركة بإصدار أسهم جديدة يمكن لجميع المساهمين باستثناء إيلون ماسك شراؤها بسعر منخفض، وبموجب هذه الخطة الجديدة، ستفرض تويتر عقوبات كبيرة على أي شخص يستحوذ على أكثر من 15% من أسهم الشركة دون موافقة مجلس الإدارة، وهذا يهدف لحماية حقوق المساهمين في مواجهة استراتيجيات الاستحواذ القسرية وغير العادلة.
العهد الجديد
رغم الصراع المحسوم سابقا رضخت تويتر لعرض الملياردير الأمريكي، لتعلن أمس الإثنين 25 ابريل أنها وافقت على اتفاقية نهائية ليتم الاستحواذ عليها من قبل ماسك بقيمة 44 مليار دولار، مع تحويل الشركة لكيان خاص بعد انتهاء عملية الشراء، والمتوقع إتمامها في العام الجاري، رهنا بموافقة المساهمين واستلام الموافقات التنظيمية.
ورأت تويتر على لسان رئيس مجلس إدارتها المستقل، بريت تايلور، أن عرض ماسك يوفر علاوة نقدية كبيرة وهو أفضل خيار للمساهمين، بعد أن أجرت الشركة عملية مدروسة وشاملة لتقييم الاقتراح مع التركيز المتعمد على القيمة واليقين والتمويل .
وفيما يتعلق بالتمويل، والذي كان أحد أسباب قلق مجلس إدارة تويتر في قبول العرض، فإن ماسك أعلن أنه جمع أكثر من 46 مليار دولار لتمويل عرضه لشراء تويتر، منهم 25.5 مليار دولار عن طريق الاقتراض، كما سيلتزم بمبلغ 21 مليار دولار من أمواله الخاصة.
وأمام ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا يضع ماسك أمواله في منصة تواجه تدقيقًا يتعلق بالمحتوى وخطاب الكراهية والمعلومات الخاطئة، فضلًا عن تحديات تتعلق بكيفية زيادة عدد المستخدمين مرة أخرى، أم أنه يرغب في إشباع نهم السيطرة وتعزيز علامته التجارية الشخصية مع امتلاكه 84 مليون متابع على تويتر.
وللتأكيد على أن أغنى رجل في العالم، الذي تتجاوز ثروته 270 مليار دولار، ورئيس شركة تسلا، والمالك لشركة سبيس، لم يستغل أمواله لشراء تويتر رغبة في الاستحواذ فقط، فإن ماسك حدد ملامح لمستقبل شركة التواصل الاجتماعي من خلال إضافة ميزات جديدة وجعل الخوارزميات مفتوحة المصدر لزيادة الثقة والتخلص من حسابات روبوتات النشر المبرمجة وتوثيق حسابات الأشخاص، ودعم كل ما يتعلق بحرية التعبير.
ويبدو أن جاك دورسي المؤسس المشارك في تويتر، الذي تنحنى عن منصب المدير التنفيذي العام الماضي، يثق كثيرًا في إيلون ماسك لقيادة الشركة نحو الطريق الصحيح، مشيرًا إلى أن هدف ماسك المتمثل في إنشاء منصة موثوق بها إلى أقصى حد وشاملة على نطاق واسع هو الهدف المناسب.
الأداء المالي لشركة تويتر
وسط كل هذا، هل يضاهي ما سيدفعه ماسك، الأداء المالي لشركة تويتر والتي حققت خسائر في اخر سنتين على التوالي 2020 و 2021؟
في الحقيقة كانت أرباح شركة التواصل الاجتماعي باهتة في الفترة الأخيرة، حيث أعلنت تويتر عن الأرباح السنوية خلال 2021 من خسائر قدرها 221 مليون دولار، رغم تمكنها من تقليص الخسائر التي بلغت 1.13 مليار دولار في عام الوباء 2020 ، لكن ذلك يُقارن مع أرباح سنوية بلغت 1.4 مليار دولار في عام 2019.
أما الإيرادات، فقد ارتفعت إلى 1.56 مليار دولار في الربع الأخير من 2021، مقابل عائدات بقيمة 1.28 مليار دولار، في الربع الرابع من 2022، مع ارتفاع عدد المستخدمين النشطين يوميًا إلى 217 مليون مستخدم، مقارنة مع 192 مليونًا في الفترة نفسه من 2020.
وفي إجمالي 2021، ارتفعت إيرادات شركة تويتر إلى 5.07 مليار دولار، مقابل 3.71 مليار دولار في العام السابق له؛ إذ اتخذت مسارًا صعودًا منذ تراجعها إلى 2.44 مليار دولار في عام 2017، كما توضح بيانات ستاتيستا في الرسم التالي.
وأكدت الشركة الأمريكية أنها ثقتها باستمرار نمو الإيرادات في نطاق 20% هذا العام، وترغب في تحقيق نمو مستدام في الإيرادات يدفعها إلى 7.5 مليار دولار على الأقل في العام المقبل، مع استهداف زيادة عدد المستخدمين إلى 325 مليون مستخدم يوميًا.
أداء السهم
تفاعل سهم تويتر بشكل إيجابي للغاية حتى قبل أن تصبح تكهنات استحواذ ماسك على الشركة حقيقة، حيث ارتفع بنحو 18% منذ بداية العام الجاري، حتى جلسة أمس الإثنين، ليصل السهم إلى 51.70 دولارًا، وهو ما يقارب سعر العرض المقدم من ماسك والبالغ (54.20 دولارًا للسهم).
ودفعت هذه المكاسب القيمة السوقية لشركة تويتر لتقترب من 40 مليار دولار، ويُقارن ذلك، بقيمة عرض ماسك البالغ 44 مليار دولار، فهل تستحق منصة التواصل الاجتماعي، التي ليست موجودة في قائمة أكبر 100 شركة في الولايات المتحدة والتي تتصدرها آبل.
*أداء سهم تويتر منذ عام 2020
وللمزيد من التوضيح، فإن سهم تويتر قفز بنحو 6% في ختام جلسة أمس الإثنين (25 أبريل) في أعقاب إعلان الشركة رسميًا موافقتها على عرض الاستحواذ المقدم من ماسك، ليكون عند أعلى مستوى منذ نوفمبر الماضي، ما يؤكد أن قرار بيع الشركة أمرًا محببًا للمستثمرين، على أمل انتشال المنصة من التحديات الصعبة. وما يؤكد أن ذلك أيضًا، ارتفاع سهم تويتر بأكثر من 27% في جلسة 4 أبريل الجاري، التي تلت إعلان ماسك أنه استحوذ على حصة تتجاوز 9% في شركة التواصل الاجتماعي.
ختاما , لم تستطع شركة تويتر مقاومة عرض ايلون لشراء شركة تحقق خسائر وفضلت البيع عن بذل الجهد في التعويم , بينما نظر ايلون ماسك الى الصفقة باعتبارها فرصة لشراء شركة تحت الضغط المالي بسعر رخيص لانه يثق بقدرته المستقبلية على تغيير المسار واضافة الميزات وتوليد الارباح وهذا ما يرهان عليه شخصيا بالنجاح
اياد عارف
مؤسس موقع نمازون الإقتصادي