الاربعاء 20 مارس الجارى ستطرح رئيسة الحكومة البريطانية تريزا ماى على مجلس العموم للمرة الثالثة أتفاقها مع الاتحاد الاوروبى للخروج ، و ربما يمر هذة المرة بفارق ضئيل بشرط عرضه على الاستفتاء العام خلال شهر على الأكثر و من ثم الموافقة علية و اجراء الانفصال الرسمى قبل 26 مايو القادم حيث انتخابات البرلمان الاوروبى ... يبدو هذا سيناريو الآن مناسبا للخروج من الباب الضيق لأزمة بريكست ذات الثلاث سنوات ، و لنا أن نفند منطقية هذا الطرح من خلال النقاط التالية ...
اولا ... كما جاء أستفتاء الانفصال فى يونيو 2016 بفارق ضئيل لصالح الخروج بنسبة 52 % فمن الطبيعى أن تاتى الموافقة البرلمانية و الشعبية على اتفاق الخروج بنسبة متقاربة بعد عدة جولات شاقة من المحاولات للتوصل لأتفاق مع الاتحاد الأوروبى و رفضة فتح باب التفاوض مجددا من ناحية ، و كذلك الرفض لمرتين من جانب البرلمان البريطانى من ناحية اخرى ، و تململ الاطراف كلها من طول رواية بريكست و وضعهم امام خيارات صعبة مفتوحة الاحتمالات
ثانيا ... التصويت البرلمانى الاول فى 15 يناير الماضى جاء بنتيجة 432 رافض مقابل موافقة 202 عضو ، أما التصويت الثانى فى 12 مارس الجارى تقلصت نسبة الرفض الى 391 فقط مقابل ارتفاع الموافقة إلى 242 عضوا ... بمعنى ان تريزا ماى نجحت فى جذب نحو 10 % من الرافضين إلى صفها و أضافة نحو 20 % الى كتلة الموافقين خلال شهرين ، و هذا نجاح مهم رغم كونه صعب و بطئ و لكن يؤكده تصويت 13 مارس على الخروج الكارثى دون أتفاق الذى جاء متقاربا و كاشفا عن رفض 312 للخروج دون اتفاق مقابل موافقة 308 نائبا
ثالثا ... لم ينجح جيرمى كوربن زعيم حزب العمال حتى الآن فى الاطاحة بحكومة تريزا ماى رغم كل العواصف التى واجهتها ، بل وصل الى طريق مسدود يبحث فيه الموفقة على الاتفاق الحالى مع شرط طرح للأستفتاء العام لغسل يديه من ثلاثة امور ، الاول اتمام خروج مؤلم للأقتصاد دون اتفاق و ما يشيعه من فوضى فى الاسواق على الاجل القصير ... و الامر الثانى تحميل الناخبين مسئولية الموافقة على اتفاق ماى الحالى الذى ينتقده بشده ، و هو المسار الذى يتسق تماما مع نتيجة استفتاء الانفصال فى يونيو 2016 ... أما الامر الثالث الذى لا يفضله كوربن هو عدم التورط فى انتخابات برلمانية اوروبية جديدة تهدم قيم الديموقراطية فى بلاده و تؤكد على الفشل الكبير لمجلس العموم فى ادارة ملف بريكست
رابعا ... تناغم و تماسك رؤية تريزا ماى مع الاتحاد الاوروبي حتى الآن بوصف الاتفاق الحالى بأنه السبيل الوحيد و المفيد لتخارج بريطانيا و تحذيراتهما المتبادلة من عواقب الرفض المستمر مع اقتراب انتخابات البرلمان الاوروبى اواخر مايو و وصول الاحزاب اليمينية المتشددة الى مقاعد البرلمان ، بالاضافة لحادث نيوزيلاندا الارهابى المدعوم بقوة أفكار اليمين المتطرف ... كل هذا المشهد بتفاصيله المتداخلة يضغط فى اتجاه الموافقة على حل سريع يقطع الطريق على مشاركة بريطانيا فى انتخابات برلمان لا يمثلها فى السنوات القادمة بعد ثلاث سنوات من وضوح رغبة الاغلبية البريطانية فى الانفصال
خامسا ... اذا نجحت ماى يوم الاربعاء فى تمرير التصويت الثالث على اتفاقها بأى فارق لصالحها مع شرط الاستفتاء العام ، سيتزامن ذلك مع عقد القمة الاوروبية فى 21 و 22 مارس الجارى التى بلا شك سترحب بأى مسار للحل و التمديد دون تعديل الاتفاق الحالى و دون خروج بريطانيا بعد اجراء انتخابات البرلمان الاوروبى ... خاصة مع دعوات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لأصلاح الاتحاد الاوروبي و منع وصول احزاب اليمين الى قمة السلطة و تشديد الرقابة على الحدود ، و هى الدعوة التى تتفق معها المانيا ميركل من اجل وحدة و استقرار اوروبا
ختاما ... السياسة لا تعرف كلمة اخيرة و لكن الاقتصاد الكلى يتأثر فوريا بأى مستجدات ، فربما يتفقوا هذة المرة مؤقتا من اجل الحفاظ على اقتصاديات شعوبهم بأقل الاضرار الممكنة ... ربما
تحياتى ... محمد مهدى عبد النبى