ترقبت الأسواق بشغف صدور بيانات أسعار المستهلكين من الاقتصاد الأمريكي نظراً لدورها في توجيه سياسات الاحتياطي الفيدرالي فيما يتعلق برفع سعر الفائدة. وصدرت البيانات يوم الخميس مشيرة إلى تراجع المؤشر الكلي لأسعار المستهلكين في الولايات المتحدة من 7.1% إلى 6.5% على أساس سنوي بما يتسق مع إجماع الآراء.
أما بالنسبة للتضخم الأساسي، فقد انخفض من 6% إلى 5.7% في ديسمبر. وتشير التفاصيل إلى انخفاض وقود السيارات بنسبة 0.6% على أساس شهري، في حين واصلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعها للشهر العشرين على التوالي بنسبة 0.3%.
وبإلقاء أسعار نظرة فاحصة على معدل التضخم الأساسي، لاحظت وحدة الأبحاث في بنك الكويت الوطني تراجع مؤشر أسعار السيارات والشاحنات المستعملة بنسبة 2.4% على أساس شهري، حيث يعتبر المؤشر من أبرز المحركات الرئيسية لتراجع بيانات التضخم الأساسي.
وأشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى الحاجة لرفع أسعار الفائدة فوق معدل 5% وإبقائها مقيدة لفترة أطول مما تتوقعه الأسواق. وتوقعت ماري دالي، مسؤولة الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة فوق مستوى 5%.
من جهة أخرى، أكد مسؤول الاحتياطي الفيدرالي، رافائيل بوستيك التزام الاحتياطي الفيدرالي بكبح جماح التضخم، مشيراً إلى توقعاته باستمرار سعر الفائدة فوق مستوى 5% لفترة طويلة.
ووجهت الأسواق أنظارها نحو المتحدثين باسم الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول وميشيل بومان للحصول على إرشادات بشأن الاقتصاد ومسارات أسعار الفائدة. وفي الوقت الذي قدم فيه باول القليل من التوجيهات بشأن نظرته للسياسة النقدية، أكد على أهمية استقلال الاحتياطي الفيدرالي عن العوامل السياسية وتغير المناخ، مشيراً إلى أن معالجة التضخم قد تتطلب اتخاذ تدابير لا تحظى بقبول على المدى القصير.
وقد ارتفعت الأسهم الأمريكية بعد تصريحات باول. في المقابل، أشارت ميشيل بومان عضو مجلس المحافظين للاحتياطي الفيدرالي إلى توقع مزيد من عمليات رفع أسعار الفائدة في الفترة القادمة. وأضافت بومان أنه بمجرد أن نحقق معدلاً مقيداً بما فيه الكفاية للأموال الفيدرالية، فسوف نحتاج إلى البقاء عند هذا المستوى لبعض الوقت.
وبعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين، قامت الأسواق بتسعير رفع سعر الفائدة مرتين بمقدار 25 نقطة أساس لكلا منهما في فبراير ومارس، مما يرفع سعر الفائدة الفيدرالية إلى 5.00%. كما قامت الأسواق أيضاً بتسعير أول خفض لسعر الفائدة بنسبة 0.25% في وقت مبكر من نوفمبر 2023. ومن المفترض أن يلقي اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم المقرر عقده خلال أسبوعين المزيد من الضوء على مسار أسعار الفائدة من البنك المركزي في ضوء بيانات التضخم الأخيرة ومحدودية سوق العمل.
وعلى صعيد أسواق العملات الأجنبية، كانت التقلبات وتذبذب الأداء من أبرز السمات السائدة بعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة. وفي البداية، شهد الدولار عمليات بيع مكثفة ووصل مؤشر الدولار إلى مستوى منخفض بلغ 102.078 قبل أن يرتد مرة أخرى نحو مستوى 103. ويوم الجمعة، اتخذت الأسواق اتجاهاً أكثر ثباتاً تجاه بيع العملة الأمريكية نظراً لضيق هوامش فروق أسعار الفائدة المتوقعة.
وانتعشت أسواق الأسهم على خلفية انخفاض بيانات التضخم وتوقعات خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. وأضاف مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 1000 نقطة إلى قيمته في أسبوع واحد.
كان البنك الدولي قد حذر من مخاطر ركود الاقتصاد العالمي في عام 2023. وبعد صدور توقعات مبدئية في يونيو 2022 تشير إلى نمو الاقتصاد العالمي في عام 2023 بنسبة 3.0%، تراجع البنك الدولي وغير توقعاته، حيث يتوقع الآن نمو الناتج المحلي الاجمالي العالمي بنسبة 1.7% في عام 2023، وهي أبطأ وتيرة نمو منذ عام 1993، باستثناء موجتي الكساد في عامي 2009 و2020.
وقال البنك إن موجات التباطؤ الرئيسية في الاقتصادات المتقدمة، بما يشمل خفضاً حاداً لتوقعاته إلى 0.5% للولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية ربما تكون نذيراً بحدوث كساد عالمي جديد. وأضاف البنك الدولي أن التوقعات القاتمة ستكون صعبة بدرجة أكبر على الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، في ظل مواجهتها لتباطؤ الاستثمارات بأنشطة الأعمال وضعف العملة وأعباء دين ثقيلة.