زاد مجلس أبوظبي للاستثمار حيازته في صندوق مؤشرات متداول في بتكوين بأكثر من 3 مرات خلال الربع الثالث، قبيل انهيار حاد في سوق العملات المشفرة أنهى موجة الصعود القوية.
المجلس، وهو وحدة مستقلة تُدار بشكل منفصل عن صندوق الثروة السيادي مبادلة للاستثمار، رفع حيازته من صندوق آي شيرز بتكوين تراست (iShares Bitcoin Trust) التابع لشركة بلاك روك إلى نحو 8 ملايين سهم حتى تاريخ 30 سبتمبر، وفقاً لإفصاح تنظيمي.
وبلغت قيمة هذه الحيازة، التي كُشف عنها من قبل شركة تابعة للمجلس، حوالي 518 مليون دولار في ذلك الوقت، بعد أن كانت 2.4 مليون سهم قبل 3 أشهر فقط.
سجل سعر بتكوين ارتفاعاً قياسياً ليصل إلى 126251 دولاراً في مطلع أكتوبر، مدفوعاً جزئياً بتدفقات ضخمة إلى صناديق المؤشرات مثل آي شيرز بتكوين تراست، الذي يُعد إلى حد بعيد أكبر صندوق مؤشرات للعملات المشفّرة في العالم بأصول تتجاوز 70 مليار دولار. غير أن السوق تعرضت لانهيار سريع بفعل تصفية رهانات ممولة بالديون بمليارات الدولارات، ما دفع سعر بتكوين إلى الهبوط دون 92 ألف دولار.
استراتيجية مجلس أبوظبي للاستثمار
تُقدم هذه الإفصاحات لمحةً نادرةً ومفصلة عن الاستراتيجية التي يتبعها مجلس أبوظبي للاستثمار، والذي يركز في الغالب على الأصول الخاصة في مجالات مثل الاستحواذات والبنية التحتية والعقارات.
صرّح ممثل عن المجلس بأنهم يخصصون جزءاً صغيراً من محفظتهم للاستثمار في بتكوين كجزء من استراتيجية تنويع طويلة الأجل.
وقال المتحدث باسم المجلس رداً على استفسارات بلومبرغ: نعتبر بتكوين مخزناً للقيمة شبيهاً بالذهب، ومع استمرار العالم في التحول نحو مستقبل أكثر رقمية، نرى أن لبتكوين دوراً متزايد الأهمية إلى جانب الذهب. وأضاف: يساهم كلا الأصلين في تنويع محفظتنا الاستثمارية، ونتوقع الاحتفاظ بهما كجزء من استراتيجيتنا على المديين القريب والبعيد.
خروج قياسي لرؤوس الأموال
من جهتها، أفصحت مبادلة بشكل مُنفصل أنها تملك 8.7 ملايين سهم في صندوق بتكوين ذاته –والمعروف برمز التداول آيبيت (IBIT)– بقيمة 567 مليون دولار حتى نهاية الربع الثالث، وهي نفس الحيازة التي كانت تملكها قبل 3 أشهر.
لم تتوفر تفاصيل فورية عن أسعار الشراء، لكن آيبيت –الذي يتتبع قيمة بتكوين– فقد نحو خُمس قيمته منذ 30 سبتمبر، وذلك بعد مكاسب بلغت 6.2% في الربع الثالث. وقد تم تداوله بمتوسط سعر مرجح بالحجم بلغ 64.52 دولار خلال الربع، وفقاً لبيانات بلومبرغ.
ولم يكن مجلس أبوظبي للاستثمار وحده من رفع حيازته خلال الربع الماضي، إذ قامت شركة هارفارد مانجمنت (Harvard Management) أيضاً بزيادة استثمارها في آيبيت خلال الفترة ذاتها.
لكن مع تغيّر اتجاهات السوق، بدأ المستثمرون في التراجع. ففي نوفمبر حتى الآن، تم سحب حوالي 3.1 مليار دولار من مجموعة مكونة من 12 صندوقاً فورياً لـ بتكوين مدرجة في أميركا، بما في ذلك آيبيت، بحسب بيانات بلومبرغ.
سجل آيبيت تدفقات خارجة قياسية بلغت 523 مليون دولار يوم الثلاثاء، بعد أن انخفضت بتكوين دون مستوى سعري رئيسي، ما أدى لخسائر في صفوف المستثمرين العاديين في صناديق المؤشرات الأميركية المتعقبة للعملة.
أهمية تحركات أبوظبي في السوق
تحمل تحركات أبوظبي في هذا القطاع أهمية خاصة نظراً لضخامة مواردها المالية، إذ تُشرف صناديق الثروة التابعة لها على أكثر من 1.7 تريليون دولار، وقد كانت مبادلة بالفعل محركاً رئيسياً في بروز الإمارة كمركز عالمي للعملات المشفّرة في السنوات الأخيرة.
في وقت سابق من هذا العام، استحوذت شركة استثمار تكنولوجي أنشأها الصندوق السيادي البالغة قيمة أصوله 330 مليار دولار على حصة بملياري دولار في منصة تداول العملات المشفرة بينانس. وأتم الصندوق، المعروف باسم إم جي إكس، هذه الصفقة باستخدام عملة رقمية مستقرة صادرة عن شركة مرتبطة بعائلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
على الرغم من أن مبادلة ضمت مجلس أبوظبي للاستثمار قبل سنوات، فإن الصندوقين لا يزالان يعملان بشكل منفصل. وقد أُسس المجلس في 2007، وهو بصدد توسيع فريقه التنفيذي الأعلى مع سعيه لزيادة استثماراته العالمية.
استراتيجية طويلة الأمد
عين المجلس مؤخراً ألان كارير، المدير التنفيذي السابق لشركة بريغال إنفستمنتس (Bregal Investments) المتخصصة في الأسواق الخاصة، كمُدير تنفيذي لقسم الأسهم الخاصة. وقبل عمله في بريغال، شغل كارير منصب رئيس الأعمال الدولية في مجلس استثمار خطة المعاشات التقاعدية الكندية.
كما استقطب المجلس بن ساميلد، الذي كان يشغل سابقاً منصب الرئيس التنفيذي للاستثمار في صندوق الثروة السيادية الأسترالي البالغ 252 مليار دولار أسترالي (164 مليار دولار أميركي)، ليشغل منصب كبير الاستراتيجيين في المجلس.
يعتمد مجلس أبوظبي للاستثمار نموذج استثمار وقفي، ويركز بالدرجة الأولى على الأصول الخاصة، وعلى وجه الخصوص في أميركا الشمالية. وتشير تحركاته الأخيرة إلى أن المؤسسات العالمية، بل والحكومات كذلك، تواصل الانخراط في أصول العملات المشفّرة على الرغم من تقلبات القطاع المعروفة.
إقبال حكومي على بتكوين
في هذا السياق، أعلن رئيس السلفادور نجيب بقيلة، أحد أوائل الداعمين للعُملات المشفّرة، عن جعل بتكوين عملة قانونية في البلاد عام 2021. وأضافت السلفادور أكثر من 100 مليون دولار إلى حيازتها من بتكوين هذا الأسبوع.
كما أعلن البنك المركزي التشيكي الأسبوع الماضي عن أول عملية شراء للعملات الرقمية على الإطلاق، في إطار سعيه لتقييم ما إذا كانت الأصول الرقمية قادرة على المساهمة في تنويع الاحتياطيات. وقال البنك إن استثماره البالغ مليون دولار سيُحتفظ به بشكل منفصل عن احتياطياته الأجنبية الرسمية.
في وقت سابق من نوفمبر، قال محافظ البنك المركزي في كازاخستان تيمور سليمنوف لوكالة بلومبرغ إن البلاد تعمل على إنشاء صندوق احتياطي وطني للعملات المُشفرة قد تصل قيمته إلى مليار دولار، جزئياً باستخدام أصول تمت مصادرتها وإعادتها من الخارج.