تقرير خاص:

 

خسائرنا ناجمة عن ظروف خارجة عن إرادتنا.. عادًة ما نسمع هذا التوضيح من قبل الشركات عندما تتعرض للإفلاس أو خسائر فادحة بسبب الاضطرابات السياسية أو الأزمات المالية التي عادًة ما تؤثر على الأداء المالي للشركات.

 

لكن بنظرة على أداء بعض الشركات في دولة الإمارات، نجد أن تجاوزات مجالس الإدارة فيها وانتهاكهم للقوانين الناظمة للسوق تسببت باستنزاف رؤوس الأموال وخسائر فادحة على مدى سنوات.

 

وسجلت 26 شركة خسائر متراكمة منذ عدة سنوات، أغلبها في قطاع التأمين والاستثمار والعقارات، ومنها دريك آند سكل، طاقة، شعاع كابيتال، دار التأمبن، سلامة للتأمين، الاتحاد العقارية، أملاك، أرابتك..

 

انعدام الشفافية

 

 

التكتم والتستر على حجم الخسائر لسنوات وعمل مدققي الحسابات لصالح مجالس الإدارة وعدم الإفصاح الصحيح عن الأداء المالي، وكذلك شراء شركة خاصة تابعة لإحدى أعضاء مجلس الإدارة، أدى إلى تراكم الخسائر على مدى أعوام دون حسيب أو رقيب سواء من قبل الجمعيات العمومية أو هيئة الأوراق المالية والسلع.

 

ويمنح قانون الشركات أعضاء مجلس الإدارة صلاحية ومسؤولية توجيه أنشطة المجموعة ومراقبتها وإدارتها بشكل مباشر أو غير مباشر، لكن في الوقت ذاته يمنع القانون أعضاء مجلس الإدارة من اعتماد أي قرار يتعارض أويضر بالمصلحة العامة للشركة وللمساهمين.

 

حلول وإجراءات

 

 

تتمتع دولة الإمارات بمنظومة تشريعية قوية ومعايير حوكمة عالمية، لكن غياب الحس الأخلاقي والمهني لدى بعض أعضاء مجالس الإدارة أدخل الشركات في أزمة ديون كبيرة ومأزق مالي لم يتم الإفصاح عنه لسنوات.

 

وبالتالي الدور الرقابي لهيئة الأوراق المالية لا يكفي للحد من الخسائر والحفاظ على سمعة السوق، وإنما يجب ضمان الالتزام المهني لأعضاء مجالس الإدارة.

 

القرارات المصيرية التي يتم اتخاذها في بعض الشركات يتحكم بها كبار المساهمين ويسيرونها وفق مصالحهم الشخصية، وعليه يجب إعادة النظر في تحركات الجمعيات العمومية وإداراتها بشكل فعال يصب في مصلحة كافة المساهمين وتقويض مبدأ التفرد بالقرارات وملاحقة المتلاعبين بأموال تلك الشركات.

 

ولضمان نزاهة عمل مدققي الحسابات يجب إيجاد تشريع يربطهم مباشرة بالجهة الرقابية للكشف مبكرًا عن أي تجاوزات مالية خصوصًا أن هناك شركات تخفي خسائرها منذ 2008 و2009.

 

وفي سياق متصل، يستوجب على الجهات الرقابية التعامل مع أي مخالفات بسرعة ومرونة لضمان ثقة المستثمرين وتعزيز دور الجهات الناظمة للسوق بشكل أكبر وأكثر فاعلية.

 

دريك آند سكل

 

 

هزت أزمة دريك آند سكل أسواق دبي، إذ سجلت الشركة خسائر متراكمة بلغت العام الماضي 5 مليارات درهم وهو ما يتجاوز 5 أضعاف رأسمالها، وباتت الشركة مدينة بأكثر من 8.7 مليار درهم.

 

وباتساع دائرة الفضيحة تتضاءل فرص استعادة المساهمين لأموالهم في ظل أزمة انكشاف البنوك المحلية المدرجة على ديون دريك أند سكل، فضلًا عن تقرير مدقق الحسابات الذي اشتمل على 11 تحفظًا منها عدم السماح بالاطلاع على القوائم المالية للشركة في السعودية، والأردن والإمارات وقطر، الأمر الذي يثير التساؤلات حول مصداقية الأرقام المصرح بها والمخصصات الضخمة للشركة.

 

وخلال العام الماضي، تم فتح تحقيقات في ممارسات الإدارة السابقة للشركة، نجم عنها 15 بلاغًا دعائيًا حول مخالفات تم توثيقها خلال فترة تولي إدارة الشركة من 2009 وحتى 2017، ومنها تضخيم قيمة وموجودات الشركة، وبانتظار البت بهذه الدعاوى من قبل النائب العام الاتحادي، والخطوات التي تتخذها هيئة الأوراق المالية وفقًا لذلك.

 

طاقة

 

 

تعد شركة أبوظبي الوطنية للطاقة - طاقة، نموذجًا آخر على شركات إماراتية كبرى فقدت الكثير من قيمتها دون القدرة على استعادة مكانتها في السوق.

 

وتراجعت أرباح طافة خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 96% لتصل إلى ستة ملايين درهم، وأعادت الشركة الخسارة بشكل رئيسي إلى تقلب سعر الصرف وإعادة تقييم السوق.

 

ومنذ الإدراج والتأسيس عام 2014، لم تحقق شركة طاقة أي مكاسب وكانت تقتفر للإدارة الجيدة التي تساعدها على الدخول في مشاريع مجدية، ونذكر هنا الأضرار المادية التي لحقت بالشركة إثر صفقة شراء سلسلة مطاعم ريم البوادي خلال 2015 مقابل 315 مليون درهم.

 

وفشلت محاولات الشركة للملمة خسائرها عبر إدخال شريك استراتيجي أو رفع رأس المال مجددًا، ما دفعها لاتخاذ قرار بوقف نشاطها وتصفية أعمالها، الأمر الذي اعتبرته هيئة الأوراق المالية تصرف غير قانوني، لأن طلب إعادة النظر باستمرارية الشركة لم يُقدم من قبل مجلس الإدارة كما هو منصوص عليه في المادة 302 من القانون الاتحادي لعام 2015.

 

وتعج أروقة المحاكم والنيابة بالعديد من الشكاوى ضد شركتي دريك آند سكل وماركة، بانتظار البت فيها ومحاسبة المخالفين من مجالس إدارات هاتين الشركتين.

 

إذًا الأمر يتطلب رادع مهني وأخلاقي من قبل القائمين على الشركات، وتوسيع دور الجهات الرقابية وزيادة فاعليتها لضمان مبدأ الشفافية والحفاظ على مصالح المستثمرين في السوق.

 

إلى المزيد:

معدل التزام الشركات الإماراتية بالإفصاح عن بياناتها المالية يصل لـ97%

102 شركة تربح 19 مليار درهم في الربع الأول

«هيئة الأوراق» تحذر من التضليل عبر مواقع التواصل