يوماً بعد يوماً تُثبت البيتكوين أقدامها على أرض صلبة، وتكسر المستويات القياسية واحداً تلوى الآخر، مستمدةً قوتها من لاعبين رئيسين وشركات كبرى يراهنون على أن العملة المشفرة ستصبح في فترة ما جزءاً من المشهد المالي العالمي.

 

ها هي تسلا هذه المرة تقف وراء الصعود الصاروخي للبيتكوين ويثبت إيلون ماسك صحة قراره بتداول البيتكوين اليوم فوق 55 الف دولار ليحقق عوائد ربما تتجاوز 50% منذ ان قرر الاستثمار بمبلغ 1.5 مليار دولار

 

الاهم في كل هذا المشهد هو الدافع الايجابي الذي فجره إيلون ماسك ومن ستجده العملة المشفرة أفضل من أكبر صانع سيارات في العالم لتزدهر وتكتسب المزيد من الزخم الذي يتشكل قبل عدة أشهر عندما أعلنت باي بال استخدام العملات الافتراضية في البيع والشراء عبر منصتها مروراً بتوجه صناديق تحوط كبرى للاستثمار في العملة الرقمية.

 

بالاضافة لما سبق , تم تجهيز البنية التقنية لدى شركة تيسلا للبدء في قبول البيتكوين كوسيلة للدفع مقابل منتجاتها، ربما هذا الأمر نهاية منطقية لقصة إعجاب إيلون ماسك مؤسس تسلا بالعملة المشفرة والتي ظهرت في العديد من الإشارات والتغريدات عبر موقع تويتر.

 

تغريدات ماسك

ربما كانت تغريدات الملياردير الأمريكي لعدة أشهر فيما يتعلق بالعملات المشفرة بما في ذلك البيتكوين، تمهيداً للخطوة المهمة بإعلان تسلا الاستثمار في العملة الرقمية، حيث ساهمت إشارات ماسك في العديد من الأحيان في ارتفاعات قوية للبيتكوين.

في الشهر الماضي، ارتفعت العملة المشفرة الأكبر عالمياً بنحو 14% في اليوم الذي أضاف فيه ماسك اسم البيتكوين إلى ملفه الشخصي عبر موقع تويتر، كان ذلك قبل أن يُغرّد في ديسمبر الماضي قائلاً: البيتكوين هي كلمتي الآمنة.

 

وكتب ماسك عبر تويتر في مايو 2020 أن الديون الضخمة التي حصلت عليها البنوك المركزية جعلت البيتكوين أكثر جاذبية، وأضاف أنه يمتلك ربع عملة البيتكوين فقط، والتي كان يتم تداولها بأقل من 10 آلاف دولار في ذلك الوقت.

لا شك أن التغريد بحماس وإعجاب عن البيتكوين شيء، وإنفاق 1.5 مليار دولار من أموال المساهمين في تسلا على شراء العملة الرقمية أمر آخر، بالطبع هناك أسباب لقيام الشركة الأمريكية بالاستثمار في البيتكوين غير إعجاب رئيسها ماسك الذي تبلغ حصته 20% بها.

 

لماذا استثمرت تسلا في البيتكوين؟

بعيدا عن الضجيج الذي سببه إيلون ماسك فالسؤال البارز الان لماذا ؟؟ , وبحسب بيان الشركة الأمريكية، فإنها راهنت على البيتكوين بعد تحديث سياستها الاستثمارية في الشهر الماضي للسماح لها بشراء الأصول الرقمية، مشيرةً إلى أنها تستهدف من قرار شراء البيتكوين المزيد من المرونة وتحقيق التنويع وتعظيم العوائد النقدية في سبيل الحفاظ على سيولة تشغيلية كافية.

 

عادة ما تحتفظ الشركات بالنقد الفائض أو ما يعادله، مثل سندات الخزانة أو الأوراق التجارية في دفاترها لتوفير السيولة التشغيلية وتوليد العوائد مع الحد من المخاطر، وبنهاية العام الماضي كان لدى تسلا أكثر من 19 مليار دولار نقداً , اذا ليس بمستغرب ان تستثمر اقل من 10% من نقدها في المستقبل الذي يؤمن فيه إيلون ماسك

 

فضلاً عن أهداف تسلا، يذهب البعض بالقول إلى أن استثمار الشركة الأمريكية في البيتكوين يعتبر وسيلة تحوط بسيطة ضد هيمنة الدولار الأمريكي باعتباره العملة الاحتياطية العالمية منذ الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى أن العملات الرقمية بما في ذلك البيتكوين قد تكون مستقبل أنظمة الدفع للعديد من المؤيدين، حتى لو لم تكن حاليًا وسيلة فعالة للتعامل بسبب التقلبات الحالية.

 

هل ينجح رهان ماسك؟

بالنسبة لعملة قفزت بأكثر من 1000% منذ مارس الماضي حينما انهارت مع الأسواق العالمية جراء صدمة كورونا، يمكن أن تتجه بسهولة إلى قيمة مكونة من ستة أرقام إذا استمر الزخم الصعودي في النمو، مما سيجعل ماسك حينئذن يبدو ذكيًا للغاية، وتحقق تسلا أرباحاً قوية من شراء البيتكوين وتتفرد أكثر في مجالها، خاصة وأنها هي أول صانعة سيارات كبرى ستبدأ في المستقبل القريب في إتاحة البيتكوين كوسيلة للدفع

 

لكن لا تخلو هذه الخطوة من المخاطر، فرغم أن النظرة المتفائلة للغاية لا تزال مستمرة حيث يتوقع المستثمر مايكل نوفوجراتس مؤسس شركة جلاكسي ديجيتال للاستثمار في العملات الرقمية، ارتفاع البيتكوين بأكثر من الضعف لتبلغ 100 ألف دولار بنهاية العام الجاري، ومع ذلك، تبقى العملة الافتراضية أصل متقلب معرض لتقلبات حادة في الأسعار، وقد تنفجر فقاعتها هذه في أي وقت، وبالتالي قد تُعرض الميزانية العمومية لـتسلا لمخاطر هي في غنى عنها.

 

كما اعترفت تسلا ذاتها بأن سعر البيتكوين قد ينخفض، حيث أوضحت الشركة في بيانها بشأن الاستثمار في العملة المشفرة: إذا كانت لدينا أصول رقمية وانخفضت قيمتها مقارنة بأسعار الشراء لدينا، فقد يتضرر وضعنا المالي. وربما تكون اشارة ايضا على ان الاستثمار الذي تم الاعلان عنه ربما سيكون الاول فقط ويتبعه دخول اخرى عندما تصبح الاسعار مغرية

 

في النهاية، إن تبني تسلا للبيتكوين يضفي شرعية متزايدة على الأصل الناشئ الذي لم يكن موجودًا قبل حوالي 12 عامًا، كما يتناسب مع توجهات ماسك الفريدة من نوعها التي أحدث ثورة في صناعة السيارات الكهربائية، وكذلك سهم الشركة الأمريكية الذي حقق ارتفاعات صاروخية مؤخراً، لكن العملة المشفرة تظل رهاناً محفوفاً بالمخاطر حتى تثبت العكس في السنوات القادمة، فهل ينجح ماسك في مغامرته الجديدة والتي تبدو حتى الان ناجحه فماذا يخفي المستقبل القريب ؟