تقرير خاص ـ (نمازون)

قرر مجلس الوزراء السعودي، مؤخرا السماح للأنشطة التجارية بالعمل لمدة 24 ساعة، بمقابل مالي يحدده وزير الشؤون البلدية والقروية، وفقا لاعتبارات يقدرها.

ويحدد الوزير الأنشطة التجارية التي لا يسري عليها هذا المقابل، بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة أو طبيعة تلك الأنشطة، وذلك ضمن حزمة من المبادرات التي تهدف لتمكين قطاع الأعمال.

وتفرض قوانين تنظيم عمل الأسواق الحالية، أن تقفل المحلات التجارية أبوابها لمدة 6 ساعات يوميًا، تبدأ عند منتصف الليل وحتى السادسة صباحًا، مع وجود استثناءات للصيدليات ومحطات الوقود والمطاعم على الطرقات الرئيسية خارج المدن.

القصبي 

وقال وزير الشؤون البلدية والقروية المكلف ماجد القصبي، إن قرار السماح للأنشطة التجارية بالعمل لمدة 24 ساعة سينعكس إيجاباً على الاقتصاد السعودي، وسوف يفتح آفاقا جديدة لقطاع الأعمال بمختلف شرائحه.

وأضاف أن التجارب العالمية أثبتت أن تنظيم السماح بمزاولة الأعمال التجارية لمدة 24 ساعة ينعكس ايجاباً على الاقتصاد الكلي للدولة من خلال نمو الطلب على السلع والخدمات وتحفيز الإنفاق الاستهلاكي واستقطاب الاستثمارات الرأسمالية.

وأوضح أنه من المتوقع أن يسهم القرار بخلق فرص وظيفية جديدة ورفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي، وذلك ضمن حزمة من مبادرات القطاع البلدي للإسهام في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.

غرفة الرياض

ومن جانبه، قال رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض، عجلان العجلان إن السماح للأنشطة التجارية بالعمل لمدة 24 ساعة سيسهم في خلق نحو 95 ألف وظيفة.

وأضاف أن القرار سيسهم في توفير ما يقارب 45 ألف وظيفة مباشرة في قطاع التجزئة، و20 ألف وظيفة أخرى غير مباشرة، وخلق ما يقارب 30 ألف وظيفة دوام جزئي.

كما أوضح أن القرار سيسهم في زيادة حجم أعمال المطاعم بنحو 11%، بما يعادل 68 مليار ريال سنويا، إلى جانب زيادة القيمة الاقتصادية لقطاع الترفيه بنسبة 9% بالإضافة إلى زيادة الانفاق الاستهلاكي ليصل إلى 100 مليار ريال سنويا.

وأشار العجلان، إلى أن القرار يسهم في توفير السلع والخدمات للسكان على مدار الساعة، ورفع دورة الحياة بالمدن وتحسين مستوى التنافسية، كما يسهم في نمو الناتج المحلي من خلال تحفيز الإنفاق الاستهلاكي واستقطاب استثمارات رأسمالية.

منشآت

ومن جهته، قال محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة منشآت، صالح الرشيد، إن السماح بعمل الأنشطة التجارية لمدة 24 ساعة، سيسهم في رفع إنتاجية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويزيد من معدلات توظيف الكوادر الوطنية.

وأضاف الرشيد أن القرار سيعزّز جودة الحياة في مختلف مدن المملكة ويحقق أهداف رؤية 2030 نحو رفع نسبة مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي من 20% إلى 35%.

كما أشار إلى أن إقرار مجلس الوزراء لنظام المنافسات والمشتريات الجديد، سيتيح فرصاً وأولويات خاصة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافةً إلى تحفيزِه للبيئة الاستثمارية والمحتوى المحلي.

واعتادت المحال التجارية في المملكة العربية السعودية أن تغلق أبوابها عند منتصف الليل وأوقات الصلاة، باستثناء الصيدليات ومحطات الوقود والمطاعم على الطرقات الرئيسية خارج المدن.

رؤية 2030

وذكر الحساب الرسمي لرؤية المملكة 2030، أن السماح للأنشطة التجارية بالعمل 24 ساعة سيسهم في تخفيض معدل البطالة من 11.6 % إلى 7%، كما يسهم في ارتفاع حجم الاقتصاد وانتقاله من المرتبة الـ19 الى احدى المراتب الـ15 الأولى.

وأضاف أن القرار يحقق ارتفاع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20 % الى 35%، وارتفاع انفاق الأسر على الثقافة والترفيه داخل المملكة من 2.9% إلى نحو 6%، والوصول بمساهمة القطاع الخاص في اجمالي الناتج المحلي من 40% الى 65%.

كما أوضح أن القرار يسهم في زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليار ريال إلى نحو تريليون ريال سنوياً، والانتقال بالمملكة من المركز 25 في مؤشر التنافسية الى أحد المراكز الـ 10 الأولى.

وزير العمل

وبدوره، قال وزير العمل والتنمية الاجتماعية أحمد الراجحي إن صدور قرار مجلس الوزراء بالسماح للأنشطة التجارية بالعمل لمدة 24 ساعة يساعد المنشآت في القطاع الخاص على النمو والتوسع.

وأضاف الراجحي أن القرار يستحدث مزيداً من الفرص الوظيفية، من خلال العمل الدائم والجزئي والمرن لأبناء الوطن، ومن شأنه أن يسهم في تحقيق توجهات رؤية المملكة 2030.

أوقات الصلاة

وعن تأثير هذا القرار، على منع العمل أوقات الصلاة، قال وكيل وزارة الشئون البلدية والقروية للتخطيط السعودي، خالد الدغيثر، إنه لا يوجد علاقة بين قرار مجلس الوزراء، بالسماح بفتح المحلات التجارية 24 ساعة، والسماح للمحلات العمل وقت الصلاة.

وأكد الدغيثر أن قرار مجلس الوزراء ليس له علاقة بفتح أو غلق المحال أوقات الصلاة، مشيرا إلى أنه لا يوجد قرار جديد في هذا الشأن.

تجارب دولية

وتعد تجربة لندن في المملكة المتحدة من التجارب الرائدة في مجال الترخيص للمحال التجارية بالعمل لساعات متأخرة، وذلك من خلال المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية الإيجابية التي تحققت والمتوقع تحقيقها خلال السنوات المقبلة، وفقا لخبراء.

وتظهر الإحصائيات، أن قرار تطبيق مدينة لندن العمل لساعات متأخرة، أسهم في رفع القيمة الإجمالية المضافة لاقتصاد المملكة المتحدة في عام 2014 بنحو 29 مليار دولار وهو ما يعادل 6% من إجمالي الاقتصاد، ويقدر أن يصل النمو السنوي في حجم اقتصاد العمل لساعات متأخرة إلى 2.1 مليار دولار بحلول 2026 وإلى 3 مليارات دولار بحلول 2030.

وكشفت الإحصائيات كذلك، أن القرار يولد بشكل مباشر 723 ألف وظيفة في لندن (من إجمالي 1.3 مليون وظيفة) ويتوقع أن تصل عدد الوظائف إلى 789 ألف وظيفة هذا العام 2019، كما يسهم في إيجاد وظيفة واحدة من كل ثماني وظائف في مدينة لندن.

وعلى الرغم من تأثير الأزمة الاقتصادية على الوظائف منذ عام 2008، فقد ارتفع عدد الوظائف التي تعمل لساعات متأخرة في مدينة لندن بنسبة 2.4 في المائة سنويا خلال السنوات الثماني الماضية.

وفي تجربة عالمية أخرى يسهم اقتصاد العمل لساعات متأخرة في إيجاد ما يقارب 300 ألف فرصة وظيفية في مدينة نيويورك الأمريكية، كما يتوقع أن يسهم بإضافة عشرة مليارات دولار لاقتصاد هذه المدينة.

المعارضون

وعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة، لقرار مجلس الوزراء السعودي، بالسماح للأنشطة التجارية، بالعام ل 24 ساعة، إلا أن القرار لم يخلو من السلبيات، كما يرى بعض المعارضين للقرار.

ويرى هؤلاء أن فتح المحلات طوال الليل سيغير من نمط الحياة في المملكة، ويشجع على السهر، وسيكون مبررًا لإلغاء قرار إقفال المحلات وقت الصلاة، كما أنه سيؤدي إلى زيادة استهلاك الكهرباء.