قفزت أسعار الفضة خلال هذه اللحظات من تعاملات اليوم الخميس حيث يأتي ذلك بعدما ارتفعت إلى مستوى قياسي جديد يوم الأربعاء، مدعومة بموجة الصعود التاريخية للذهب وبتزايد إقبال المستثمرين على الأصول الملموسة في ظل استمرار المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية، إلى جانب التوقعات بخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.

سجّل سعر الفضة الفوري أعلى مستوى له على الإطلاق عند 49.57 دولار للأونصة، قبل أن يتراجع عن هذه القمة ويسجل الآن مستوى 49.21 دولارًا بزيادة بنسبة 0.75% خلال اليوم. وتُعد الفضة معدنًا ثمينًا وصناعيًا في آنٍ واحد، وقد ارتفع سعرها بنسبة 70% منذ بداية العام، متجهة نحو أكبر نمو سنوي لها منذ عام 2010.

أما الذهب، الذي يُنظر إليه تقليديًا كملاذ آمن في أوقات الاضطراب، فقد تجاوز مستوى 4,000 دولار للأونصة للمرة الأولى يوم الأربعاء، بينما بلغ النحاس ذروته في 16 شهرًا.

الفضة كملاذ آمن جديد للمستثمرين

قال زين فوضى (Zain Vawda)، المحلل في منصة ماركت بالس (MarketPulse) التابعة لشركة أواندا (OANDA): هناك أيضًا توجه حالي لدى العديد من المتداولين الأفراد وغيرهم لاستخدام الفضة كرهان آمن، وهو ما زاد من الطلب ودعم موجة الصعود في الأسعار.

وأضاف: بالنظر إلى العجز الهيكلي في الإمدادات والرياح الداعمة من القطاعات الصناعية، أعتقد أن سعر الفضة قد يصل إلى 55 دولارًا للأونصة خلال الأشهر الستة المقبلة.

ويأتي دعم إضافي لسوق الفضة من شحّ السيولة في السوق الفورية بلندن، وهي مركز رئيسي للتداول المادي، وذلك بعد التدفقات الضخمة هذا العام نحو المستودعات المملوكة لـكومكس (COMEX) في الولايات المتحدة.

تأثير الرسوم الجمركية والتقلبات بين الأسواق

كانت هذه التحويلات إلى المخزون الأمريكي قد بدأت بسبب مخاوف من احتمال تضرر الفضة من الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة في أبريل، والتي تجنّبها المعدن في النهاية.

وقال المحلل في إتش إس بي سي (HSBC) جيمس ستيل (James Steel) في مذكرة: أدت هذه المخاوف إلى فروقات غير معتادة بين أسعار السوق الفورية في لندن وأسعار العقود الآجلة في بورصة نيويورك (CME)، مما جعل نقل الذهب والفضة إلى نيويورك مربحًا بفضل العلاوة السعرية هناك.

وقد أثار إدراج الفضة في سبتمبر ضمن مسودة قائمة المعادن الحيوية الأمريكية جولة جديدة من التكهنات بشأن رسوم محتملة، الأمر الذي دفع مخزونات كومكس إلى تسجيل مستوى قياسي الأسبوع الماضي.

نسب المقارنة مع الذهب والعجز في المخزون

ووفقًا لجمعية سوق السبائك في لندن (LBMA)، بلغ حجم الفضة المخزنة في خزائن لندن بنهاية سبتمبر 24,581 طنًا متريًا، بانخفاض طفيف بنسبة 0.3% عن أغسطس، وتبلغ قيمتها الإجمالية 36.5 مليار دولار.

ويحتاج المستثمرون حاليًا إلى 82 أونصة من الفضة لشراء أونصة واحدة من الذهب، مقارنة بـ105 أونصات في أبريل، مما يشير إلى أن الفضة بدأت تلحق بموجة صعود الذهب.

وقال ماثيو بيغوت (Matthew Piggott)، مدير الذهب والفضة في مؤسسة ميتَالز فوكس (Metals Focus): تراجعت الفضة عن أداء الذهب في منتصف العام عندما ارتفعت نسبة الذهب إلى الفضة إلى 100، بسبب مخاوف التجارة التي أثرت على دور الفضة كمعدن صناعي.

وأضاف بيغوت: نتوقع أن تواصل الفضة مسارها الصعودي بالتوازي مع الذهب، وأن تتجاوز مستوى 60 دولارًا في عام 2026.

وبينما تدعم العوامل الاقتصادية الكلية والمالية الطلب الاستثماري على الفضة، فإن توقعات الطلب القوي من قطاعات التكنولوجيا مثل الألواح الكهروضوئية والإلكترونيات والسيارات الكهربائية تمنح الأسعار دعمًا إضافيًا.

ووفقًا لمذكرة من مورغان ستانلي (Morgan Stanley)، شهدت الفضة هذا العام تدفقات قوية إلى الصناديق المتداولة المدعومة ماديًا (ETFs)، إلى جانب زيادة ملحوظة في الاستهلاك الصناعي بفضل ارتفاع منشآت الطاقة الشمسية في الصين بين يناير ومايو.

آفاق السوق بين الزخم الصناعي والاستثماري

أشارت المذكرة إلى أنه مع وجود مساحة إضافية لارتفاع حيازات صناديق الفضة المتداولة، لا تزال الفضة تملك فرصة صعودية واضحة.

لكن في الوقت ذاته، قد تبدأ وتيرة نموها في التباطؤ مقارنة بالذهب مع توقع تراجع نمو الطلب على الطاقة الشمسية خلال الفترة المقبلة.

وبذلك، تبدو الفضة في موقع متوازن بين الدعم الصناعي القوي والزخم الاستثماري المتزايد، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في سباق المعادن الثمينة خلال العامين المقبلين.