تبذل أكبر شركة منتجة للنفط في الإمارات العربية المتحدة جهوداً كبيرة لتعزيز عملياتها التجارية الناشئة لتصبح أعمالاً تجارية قيمتها مليارات الدولارات خلال العقد الحالي عن طريق تدعيم حضورها في أوروبا وأفريقيا، وتوسيع أنشطتها في مجالات أخرى من الطاقة.
في محاولة منها للحاق بركب المنافسين الراسخين منذ أمد بعيد، تريد شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) الاستفادة من الفجوة الناجمة عن تحول أوروبا بعيداً عن الوقود الروسي، بحسب أشخاص على دراية بخطط الشركة.
وقال الأشخاص، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم نظراً لأن الخطط غير معلنة، إن أدنوك تسعى للحصول على عقود محددة المدة للنفط الخام والوقود المكرر والغاز الطبيعي المسال وإمداد المنطقة بهذه الكميات.
الغاز الطبيعي المسال
تستهدف شركة أدنوك خلال السنة المقبلة إبرام عقدين إلى ثلاثة عقود طويلة الأجل لشراء الغاز الطبيعي المسال وصفقات توريد منفصلة عديدة مع العملاء، بحسب أحد الأشخاص. سيشكل التوسع في مجال الغاز الطبيعي المسال المحور الأساسي للتركيز بعد أن وظفت العام الفائت 3 متداولين من شركة ليتاسكو (Litasco) الوحدة التابعة لشركة لوك أويل (Lukoil) الروسية.
تأتي هذه التحركات في إطار حملة أدنوك الأوسع نطاقاً للظفر بأصول عبر كافة أنحاء العالم، بما فيها مساعي الاستحواذ على شركة كوفيسترو (Covestro) الألمانية للصناعات الكيماوية بقيمة 12 مليار دولار وعرض بقيمة ملياري دولار مع شركة BP لشراء شركة إسرائيلية لإنتاج الغاز.
منذ تولى الرئيس التنفيذي سلطان الجابر منصبه سنة 2016، تخلت الشركة عن نهجها المحافظ السابق، وسعت إلى تحقيق حضور عالمي طموح.
وقال مصبح الكعبي، الذي يشرف على النمو العالمي لـأدنوك، خلال مقابلة معه في سنغافورة بتاريخ 6 سبتمبر الجاري: نعمل على تنفيذ استراتيجية تستهدف التوسع دولياً، وعلى غرار شركات الطاقة متكاملة الأعمال، نستمر في بحثنا عن فرص لتعظيم القيمة.
تغير استراتيجية أدنوك
يشكل طموح تكثيف التجارة في أوروبا وأفريقيا تغيراً في استراتيجية أدنوك، التي اعتادت التعاقد على غالبية نفطها وغازها في آسيا منذ تأسيسها قبل ما يتجاوز نصف قرن. فيما تأسست أدنوك التجارية خلال 2020، وتريد أن تضاهي الشركات التجارية المستقلة والشركات الكبرى المتكاملة على غرار شل، ليس فقط في تحقيق مليارات الدولارات من الأرباح، ولكن أيضاً في تأثيرها باعتبارها من بين كبار شركات التجارة.
أدنوك تخطط للتوسع في أعمال الغاز الطبيعي المسال عالمياً
من المتوقع أن تكون المنافسة ضارية، حيث تعمل الشركات القائمة منذ عدة أعوام بالفعل، كما يحظي آخرون من الشرق الأوسط بسبق الريادة.
على سبيل المثال، عززت شركة أرامكو السعودية وحدتها التجارية، وتواصل العمل على خططها للتعامل مع كميات أكبر من الوقود خارج لندن، ولديها أيضاً مشروعات تكرير في الدنمارك وبولندا تعالج نفطها الخام، وتوفر منتجات لبيعها. فيما تملك الكويت مصفاة في إيطاليا، ولدى عمان –التي بدأت أول أعمالها التجارية الحكومية بالمنطقة- مكاتب وتعاقدات عالمية.
تعزيز الحصة السوقية
أوضحت فاندانا هاري، مؤسسة فاندا إنسايتس (Vanda Insights): إن التقلبات المتفاقمة في الأسواق خلال الأعوام الأخيرة ظاهرة ستصبح على الأرجح الوضع الطبيعي الجديد، لكنها في الوقت نفسه تقدم فرصة أكبر للاستفادة من التجارة بالمقارنة مع الأعوام السابقة، وسيكون التحدي أمام هؤلاء الوافدين الجدد هو الفوز بحصة في السوق من المنافسين الأكثر رسوخاً في عمل ذا مخاطر عالية لكن عوائده كبيرة.
درست أدنوك السنة الماضية شراء شركة التجارة غانفور غروب (Gunvor Group) بالكامل أو جزئياً، والتي كانت ستمنحها وزناً كبيراً في القطاع وقدرة على الوصول لعقود توريد شركات تجارة السلع الأساسية. لكن الصفقة لم تتم، وتعمل الشركة الحكومية الإماراتية حالياً على تعظيم أعمالها التجارية داخلياً.
مكتب جديد في جنيف
تسهتدف أدنوك التجارية افتتاح أول مكتب لها في أوروبا في جنيف بحلول نهاية 2024، على أن يليه مركز في هيوستن السنة التالية، بحسب أحد الأشخاص المنخرطين في الأمر. وتملك الشركة فعلاً مكتباً في سنغافورة يتعامل إلى حد كبير في تجارة المواد الكيماوية.
مبيعات الوقود للأفراد والشركات تزيد أرباح أدنوك للتوزيع الفصلية 45%
كما تتاجر الشركة بالفعل في النفط الخام النيجيري من خلال عقود طويلة الأجل، بمساعدة ترتيبات التمويل التي تدفع الأموال مقابل براميل الخام. اختبر تجارها درجات مختلفة من الخام مخصصة غالباً لأكبر مصفاة إماراتية في منطقة الرويس الواقعة على الخليج العربي.
بينما تنتج أدنوك ما يكفيها من الخام، اشترت النفط من نيجيريا واليمن وأنغولا، ومن مواقع بعيدة على غرار النرويج وأستراليا. وصلت شحنة روسية واحدة على الأقل لمنطقة الرويس علاوة على عدة شحنات من النفط الخام الكازاخي.
على صعيد أفريقيا وآسيا الوسطى، تطمح أدنوك إلى الاستفادة من العوامل الدينية والثقافية المشتركة، فضلاً عن النفوذ الحكومي والمالي للحصول على صفقات. في كينيا، فازت الشركة بجزء من مناقصة توفير إمدادات الوقود الحكومية بوقت سابق من السنة الجارية. كما تقدم أدنوك دعماً سياسياً وأموالاً نقدية للاستثمار، ولديها رغبة قوية في شراء أصول يمكن أن تتاجر فيها.