لا يخفى على احد الوضع السيء الذي تعيشه الاسواق المحلية في اسواق الامارات المالية نتيجة للعديد من الاسباب التي تراكمت لتنتج في النهاية تجربة غير مربحة اثرت على قرارات المستثمرين ونظرتهم تجاه السوق , ونرجع بعض هذه الاسباب والمعوقات الى ما يلي :-

اولا : اتخاذ إدارات الاسواق مجموعة من القرارات عبر سنوات الماضية كانت تعزز التوجه المضاربي وليس الاستثماري , مثل زيادة عدد مكاتب الوساطة المالية في سوق صغير ادى الى رفع وتيرة التنافس المضاربي بين المكاتب , وايضا إدراجات ربما تكون غير موفقة لشركات اجنبية خاسرة عززت من تدفق الاموال الساخنة  الاجنبية على عدد محدود من الاسهم المضاربية , وكذلك إحساس المستثمرين الدائم بغياب الدور الرقابي على الشركات وعلى نتائج اعمالهم وتصريحاتهم المفاجئة والتي عززت الفجوة الانفصالية بين الجهور والسوق , هذه الممارسات ادت الى تراجع نظرة الاستثمار المؤسساتي والاجنبي الحقيقي وتحول السوق الى سوق مضاربي بالفلسات بدل ان يكون سوق استثماري بمجمله

 

ثانيا: صدور العديد من التصريحات المتناقضه من عدت جهات محلية ودولية حول اداء الشركات والتوزيعات وخصوصا حوال القطاع العقاري مما دفع الى تعزيز حالة انعدام الثقة والتي تم استغلالها من قبل كبار المضاربيين لتحقيق ممارسات ربما تكون غير منطقية بالضغط على اسعار بعض الاسهم لتصل الى مستويات لم تبلغها حتى في عام الازمة المالية

 

ثالثا : يجب عدم اغفال ان نتائج اعمال الشركات في نهاية 2017 كانت بشكل عام متواضعة واصبحت عملية تزين الميزانيات العمومية باعادة تقييم المخصصات غير خافية على احد , واعتقد ان عام 2018 سوف يشهد لبعض الشركات تحديات مهمة سوف يظهر اثرها المحاسبي مباشرة من خلال نتائج الربع الاول 2018 بعد التطبيق الالزامي للمادة 9 المحاسبية والخاصة بتقيمات اصول الادوات المالية المتداولة وادوات التحوط ويبدو ان البعض يعرف ما لا يعرفه الاخرين وهذا الامر يتعارض مع مبدأ الشفافية والإفصاح والرقابة

 

رابعا : المماراسات السلبية لبعض البنوك والوسطاء الباحثين عن تعزيز مكاسبهم الخاصة من خلال اغراق السوق بالتداول بالهامش عبر إغراء العملاء بالرافعة المالية على امل تعويض خسائرهم ثم ممارسة الضغوط البيعية عليهم مع انخفاض السوق , هذه الممارسات أدت لإلحاق خسائر مادية مباشرة بشريحة كبيرة من المستثمرين بل فعليا أدت الى إغراق شريحة كبيرة تحت طائل الديون والعجز المالي

 

خامسا : لكل او لبعض الاسباب السابقة ضعفت السيولة او ربما غابت نظرا لإتجاه عدد كبير من المستثمرين للبحث عن الفرص الاستثمارية البديلة سواء في الاسواق الاقليمية مثل السوق السعودي او الاسواق العالمية , وعلى وجه الخصوص شهدت الستة اشهر الاخيرة اقبال كبير على الاستثمار في العملات الرقمية لما تمثلة من فرص واعدة وكامنة , على الرغم ان مجموع الاستثمار العربي رغم كل الضوء الإعلامي فعليا لا يمثل حتى الان اكثر من 15-20% من حجم هذا السوق عالمي الذي شغل العالم من شرق اسيا الى امريكا مرورا باوروبا من افراد ومحافظ استثمارية كبرى

 

بشكل عام , نعتقد ان اداء الاسواق المالية المحلية منذ يناير 2017 لا يعكس ابدا الوجه الحضاري والاقتصادي والاستقرار السياسي المشرق لكوكب الإمارات الرائع وهذا شعور اغلب المتداولين في السوق , لقد خلق هذا التناقض الصارخ موجة من الاسئلة التي تبحث عن اجابات لها ومع الاسف عززت غياب الثقة , الامر الذي يحتاج الى بذل الجهد الكامل لاستعادة الثقة عبر تظافر كافة جهود المعنيين بالاسواق المحلية من مسؤولين وإدارات اسوق وبيوت خبرة فنية ومحللين فنيين ومتداولين لنشر الثقافة الاستثمارية والابتعاد عن العشوائية الغير منطقية في اتخاذ القرارات وتعزيز الاليات الداعمة على كل المستويات الادارية والاجتماعية

 

رسائل القيادة الايجابية

نعتقد ان الصورة التاريخية المرفقة في صدر هذا الموضوع رسالة ايجابية هامة توجهها القيادة الحكيمة للمستثمرين في الاسواق المحلية لدولة الامارات , ولكننا نعتقد ان مثل هذه الرسائل الايجابية يجب ان تكون اكثر وضوح واكثر مباشرة واكثر عدد واكثر قرب من المستثمرين وتعزز بقرارات تنفيذية يترقبها المتابعين للاسواق المالية المحلية من شأنها ان ترفع درجة الثقة في السوق ,  مثل انشاء صناديق سيادية جديدة للاستفادة من الاسعار الحالية ولعب دور صانع سوق حقيقي , واعادة هيكلة اللوائح والانظمة الداخلية للاسواق للوصول ربما الى الدمج المنتظر بين السوقين , وكذلك تعزيز تطبيق مبدأ الشفافية والافصاح والحوكمة على الشركات وإدارات الاسواق

 

بقعة ضوء وأمل

على الرغم من كل هذه التحديات والمعوقات والاسباب فإن انخفاض الاسعار الحالي قد تجاوز حد التأثير الطبيعي بل وصل الى ذروة التطرف في ممارسة ردود الفعل على اي سلبية قد تكون موجودة , ونعتقد اننا  قد وصلنا الى اسعار اصبحت مغرية لاعادة التمركز خصوصا في سوق دبي المالي الذي لا يزال فنيا يتمركز عند  مستوى 3081 كمستوى دعم يستهدف العودة الى 3171 نقطة و 3220 نقطة والتي في حال العودة فوقها ستعزز الحركة الفنية وتعود لجذب الاستثمارات من جديد في حين ان القاع النهائي للسوق يبدو حتى الان مجهولا وان كنا نعتقد انه قريب جدا رغم ما يروجه المتشائمين والمشككين بارقام تبدو غاية في التطرف , في حين كان الاداء الفني لسوق ابوظبي المالي افضل خلال الاسابيع الماضية بعودة السوق فوق قمة شهر يناير عند 4651 ليحقق اغلاق اسبوعي متميز عند 4688 نقطة محققا ارتفاع باكثر من 2.25% وفنيا الطريق اصبح مفتوح للعودة الى مقاومة 4900 نقطة

 

اطيب امنياتنا للجميع بالدوام التوفيق