التقطت الأسهم الأميركية أنفاسها بعد أطول سلسلة ارتفاعات أسبوعية لها هذا العام، حيث يستعد المتداولون لموسم تقارير أرباح مهمة من شركات مثل بوينغ وتسلا ويونايتد بارسل سيرفيس (UPS). 

تراجعت الأسهم من مستويات قريبة من حالة شراء مفرط بعد سلسلة من الارتفاعات المتواصلة إلى مستويات قياسية جديدة. وفي إشارة أخرى على مدى توسع السوق، أغلق مؤشر إس آند بي 500 على حوالي 30 جلسة دون تكبد خسائر متتالية. ورغم أن مرور شهر كامل بدون جلسات تراجع متتالية قد لا يبدو شيئاً كبيراً، إلا أن هذه السلسلة الحالية تُعد من بين الأفضل منذ عام 1928، وفقاً للبيانات التي جمعتها سنتيمنتريدر (SentimenTrader).

قال دان وانتروبسكي، مدير الأبحاث في شركة جاني مونتغومري سكوت (Janney Montgomery Scott): المؤشر لا يزال في حالة شراء مفرط على مدار أطر زمنية متعددة، ولا يزال عرضة لجني الأرباح على المدى القصير.

تواجه وول ستريت تحدياً كبيراً هذا الأسبوع فيما يتعلق بالأرباح، حيث يتوقع أن تعلن حوالي 20% من الشركات المدرجة في مؤشر إس آند بي 500 عن نتائجها. وأظهرت أحدث استطلاعات بلومبرغ ماركتس لايف بالس أن المشاركين في الاستطلاع يعتبرون نتائج الشركات الأميركية أكثر أهمية لأداء سوق الأسهم من نتائج الانتخابات في نوفمبر، أو حتى مسار سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

تراجع جماعي

تراجع مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 0.4%، بينما انخفض مؤشر ناسداك 100 بنسبة 0.1%. وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.9%. أما مؤشر راسل 2000 فقد هبط بنسبة 1.5%.

كما شهدت أسهم شركات بناء المنازل هبوطاً ملحوظاً، وتراجعت أسهم يونايتد بارسل سيرفيس بنسبة 3% بعد توصية بيع من باركليز. وتراجعت معظم الشركات الكبرى، باستثناء شركة إنفيديا التي اتجهت نحو تسجيل مستوى قياسي جديد، بينما ارتفعت أسهم بوينغ بنسبة 2.7% بعد التوصل إلى اتفاق مبدئي مع نقابتها.

ارتفعت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 9 نقاط أساس لتصل إلى 4.18%. وتزايدت التوقعات بأن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي سيبقون على أسعار الفائدة دون تغيير في نوفمبر مع استمرار قوة الاقتصاد الأميركي، وفقاً لتورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في أبولو مانجمنت. ويتوقع متداولو العقود الآجلة تخفيضاً بمقدار 20 نقطة أساس الشهر المقبل، وهو أقل من ربع نقطة كاملة.

في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار النفط مع تحرك الصين مرة أخرى لتعزيز اقتصادها، بينما تابع المتداولون المخاطر المتعلقة بالإمدادات في ظل التوترات في الشرق الأوسط.

تتصاعد وتيرة التقلبات في عقود خيارات الأسهم والسندات والعملات على حد سواء، حيث يدفع المستثمرون المزيد مقابل التحوط. وتعود هذه المخاطر إلى عدة عوامل واضحة، من بينها: الانتخابات الأميركية المحتدمة، وقرارات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وأوروبا، وتهديد توسع الصراع في الشرق الأوسط، ونتائج الأرباح الفصلية. في سوق الأسهم تفوق التقلبات الضمنية التغيرات الفعلية، حيث يفضل المستثمرون الخيارات التي تحمي من التراجعات على خيارات الشراء المتفائلة.

قال تشارلي ماكإليغوت، استراتيجي الأصول المتعددة في نومورا (Nomura)، الأسبوع الماضي: أجبرت إدارة المخاطر المستثمرين على التحوط المفرط؛ بسبب عدد من الأحداث التي تحدث بشكل متزامن. أضاف: يبدو أن المستثمرين في كل مكان مهووسون بـ'أسوأ السيناريوهات'. أشار إلى أن السوق دائماً ما كانت تقدم أداءً جيداً عندما يحدث هذا التحوط المفرط، حيث كانت الأسهم تسجل في المتوسط ارتفاعاً بنسبة 13% بعد عام.

من جانبه، يرى مات مالي من ميلر تاباك (Miller Tabak) أنه بغض النظر عن السبب، لا يمكننا لوم المستثمرين على شراء بعض الحماية في سوق الخيارات أو الذهب. وأضاف: مع كون سوق الأسهم باهظة التكاليف كما هي (خاصة بناءً على نسبة السعر إلى المبيعات)، تصبح أكثر عرضة من المعتاد عندما تصبح هذه القضايا السياسية والجيوسياسية مصدر قلق كبير.

مكاسب متتالية لـS&P500 في 6 أسابيع

تراجعت الأسهم بعد أن سجل مؤشر إس آند بي 500 مكاسب لستة أسابيع متتالية. وأشار آدم تيرنكيست من إل بي إل فاينانشال (LPL Financial) إلى أن مثل هذه السلاسل من المكاسب نادرة نسبياً، حيث حدثت 53 مرة فقط منذ عام 1950 (أي حوالي 8% من جميع الفترات ذات الستة أسابيع).

وفي نظرة مستقبلية، أوضح تيرنكيست أن المؤشر سجل تاريخياً متوسط عائد بنسبة 0.2% في الأسبوع التالي، مع امتداد 58% من تلك السلاسل إلى مكاسب لمدة سبعة أسابيع. بينما كان متوسط العوائد للأشهر الستة والاثني عشر القادمة 5.1% و11.4% على التوالي، مع نسب إيجابية تفوق المتوسط لكلتا الفترتين.

أشار إلى أنه بينما تدخل السوق فترة قد تكون متقلبة قبل الانتخابات، وتواجه مقاومة قريبة من ذروة الأسعار الصاعدة، تشير البيانات التاريخية إلى أن المستثمرين يجب أن يشتروا في فترات التراجع، حيث يميل الزخم إلى الاستمرار بعد سلسلة مكاسب من ستة أسابيع.

قال ديفيد لاوت من أباوند فاينانشال (Abound Financial): نعتقد أن هناك مجالاً لاستمرار ارتفاع الأسهم، خاصة مع دخول الأسواق فترة قوية موسمياً من العام، حيث يعتبر نوفمبر وديسمبر تاريخياً من الأشهر الجيدة للأسهم. أضاف: موسم الأرباح يحتدم، وسنسمع قريباً نتائج شركات التكنولوجيا الكبرى وآخر التطورات بشأن إنفاقها على الذكاء الاصطناعي. بالنسبة لشركات التكنولوجيا الكبرى، هذا هو الربع الذي يجب أن يثبتوا فيه قدرتهم على تحقيق الأرباح.

يتوقع أن تواجه تسلا هذا الأسبوع تساؤلات خلال مكالمة أرباحها حول أهداف الإنتاج والتحديات التنظيمية، بعد أن فشل إطلاق شاحنتها الجديدة سايبركاب في إثارة حماس المستثمرين وتبديد المخاوف المتعلقة بمبيعات المركبات الأخيرة. كما سيتعين على بوينغ تهدئة مخاوف المستثمرين المتزايدة بشأن تأخيرات الإنتاج والنزاعات العمالية ونفاد الموارد المالية.

تأثير إعصار هيلين على الأسهم

يُتوقع أن تكشف نتائج يو بي إس ونورفولك ساذرن (Norfolk Southern Corp) وساوث ويست إيرلاينز (Southwest Airlines Co.) عن التأثير المشترك لإعصار هيلين، وإضراب عمال الأرصفة لمدة ثلاثة أيام على الساحل الشرقي في الربع الأخير.

يقول جيفري بوخبيندر من إل بي إل فاينانشال إن التوقعات لأرباح الربع الثالث منخفضة، حيث يتوقع المحللون حالياً زيادة بنسبة 3% فقط في أرباح الشركات المدرجة في مؤشر إس آند بي 500 لكل سهم.

أضاف: هذه التوقعات المتدنية والبيئة الاقتصادية الداعمة تشير إلى إمكانية تحقيق مكاسب. مع ذلك، أشار إلى أن الأسهم قد تكون قد أخذت بالفعل في الحسبان النتائج الجيدة.

بحسب استراتيجيي مورغان ستانلي بقيادة مايكل ويلسون، فإن الشركات في مؤشر الأسهم الأميركية التي تجاوزت تقديرات الأرباح حتى الآن هذا الموسم تحظى بمكافآت أكثر أهمية مقارنة بالفصول الأربعة السابقة. كما أشاروا إلى أن اتساع نطاق التعديلات لعام 2025 يفوق بكثير الاتجاهات الموسمية المعتادة.

قالت جينا مارتن آدامز ووندي سونغ، الاستراتيجيتان في بلومبرغ إنتليجنس: كما هو معتاد، تشهد الأيام الأولى من موسم الأرباح تفاعلات قوية نسبياً في الأسعار. كل من تجاوز التوقعات أو خيب الآمال يؤدي إلى تحركات أكبر من المعتاد في الأسعار.

أضافتا أن الأسهم التي تجاوزت توقعات أرباح أو إيرادات الربع الثالث، أو كليهما، حققت متوسط عائد إضافي ليوم واحد بلغ 2.1%، 2.3% و2.6%، وهو أكثر من ضعف المتوسط على المدى الطويل (خلال مواسم الأرباح بأكملها). كما أن التوقعات المخيبة أدت إلى انخفاضات أكبر في الأسعار، بنسب بلغت 3.8%، 2% و3.7%.