تقرير خاص 

إعداد فريق العمل 

 

يتسم العصر الرقمي بوتيرة نمو متسارعة، ويسجل العالم بشكل يومي تطور تقني جديد يُحدث تغييرات جذرية في كافة المجالات، ويؤثر في الطريقة التي ندير بها أنفسنا وأعمالنا.

وحقق قطاع التجارة الإلكترونية نمواً وتطوراً كبيراً، واستطاع إعادة تشكيل السوق الحديثة خلال السنوات الأخيرة لما يتسم به من اختصار للوقت وتخطي القيود الجغرافية، وتخفيض التكاليف وتبسيط وتسهيل عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت.

وتساعد التجارة الإلكترونية على فتح أسواق جديدة للنشاط التجاري للمستثمرين، ما يسمح لهم بتطوير نموذج عمل جديد موجه لتلبية حاجات قاعدة العملاء المتنامية، وخاصة تلك التي تعتمد على تحسين محركات البحث (SEO) لجذب المزيد من الزيارات المجانية إلى الموقع.

وتسهل التجارة الإلكترونية عمليات توسع الشركات، وتسمح لها بتتبع الخدمات اللوجستية، ونظراً للترابط بين سلسلة التوريد وأنظمة الأعمال التجارية الإلكترونية، فإن عمليات الشراء تصبح أسرع وأقل كلفة وأكثر شفافية.

 

مخاطر الاحتيال تقلل من ثقة المستهلكين

ولكن هذا الشكل الجديد من التجارة تشوبه بعض العيوب، المتمثلة في عدم إمكانية تجربة المنتج قبل الشراء، ومخاطر الاحتيال والأمان الرقمي فيما يخص بطاقات الائتمان.

وعند الحديث عن التكاليف، هناك العديد من اللوائح والضرائب التي تأتي مع افتتاح متجر للتجارة الإلكترونية، ولا تزال الآثار الضريبية لمعاملات التجارة الإلكترونية غير واضحة، وهو ما ينطبق بشكل خاص عندما يكو البائع والمشتري في موقع جغرافي مختلف.

ويهتم المستهلك بمدى سهولة عملية تسليم البضائع، لكن الأمور اللوجستية وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تشكل ضغطاً كبيراً على عملية التجارة الإلكترونية، ما يجعلها عنصراً هاماً لتحقيق الأرباح والاحتفاظ بالعملاء، ولكنها في الوقت ذاته تحدي وعائق إداري يجب أخذه بعين الاعتبار.

 

فرص النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

كشف تقرير الاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية، أنه من المرجح نمو قطاع التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عشرة أضعاف، من 20 مليار دولار خلال 2017 إلى أكثر من 200 مليار دولار بحلول 2020.

وكلما زاد نمو السوق، كلما أصبح المشهد أكثر تنافسية، وبالتالي يجب أن يكون النشاط التجاري مميزاً من حيث جودة المنتجات، ومستوى خدمة العملاء وولائهم.

وفي دراسة أجرتها شركة نيلسن للأبحاث التسويقية، تبين أن 87% من المستهلكين في المنطقة هم أكثر عرضة للتسوق في متاجر التجزئة التي تقدم برنامج الولاء، فيما قال 42% من المشاركين في الدراسة إن تجار التجزئة قدموا نوعاً من أنواع برامج الولاء.

 

تعزيز الولاء مع مكافآت بلوك تشين

بالنسبة إلى بائع تجزئة جديد بمجال لتجارة الإلكترونية، تعد برامج الولاء التقليدية –رغم أنها مجزية- مكلفة من ناحية التنفيذ والصيانة، ولا تناسب احتياجات العملاء.

وفي برنامج الولاء التقليدي، يقوم العملاء بتسجيل الدخول والحصول على النقاط في كل مرة يتسوقون فيها، لكن جني النقاط يكون فقط عند استخدام البطاقة في نقطة البيع، ما يتطلب تذكيرهم وتشجيعهم على استخدام البطاقة.

ومع التأخر في الوصول إلى النقاط والحاجة إلى جمع نقاط متعددة خلال فترة زمنية طويلة للحصول على مكافأة لائقة، تزداد التكاليف وتتراجع معدلات الاسترداد والحسابات غير النشطة.

وعليه، تساعد مكافآت بلوك تشين على تقليل تكاليف إدارة النظام باستخدام العقود الذكية للمعاملات، التي تتسم بالشفافية والمتابعة والتأمين دون تدخل الوسطاء، ما يقلل من التكاليف المحتملة الناجمة عن الاحتيال أو الخطأ.

ويوفر المشهد المتنامي للتجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا إمكانات هائلة للأعمال الجديدة، ولكن لتنمو وتزدهر تحتاج إلى مكافأة العملاء على ولائهم.

وعند ذكر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يجب تسليط الضوء على مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة، ودبي تحديداً في قطاع التجارة الإلكترونية.

 

مقومات تعزز مكانة الإمارات في المنطقة

تعد الإمارات الجسر الرئيسي الذي يربط الشرق الأوسط ببقية العالم، وتعتبر مركزاً رئيسياً للنقل عبر العالم عبر ميناء جبل علي ومطار دبي الدولي (الذي يعتبر سادس أكثر مطارات الشحن ازدحاماً في العالم)، ما يوفر مستوى عالياً للخدمات اللوجستية والبنى التحتية اللازمة للتجارة الإلكترونية.

وحلت الإمارات في المركز الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمركز 17 عالمياً من حيث حجم سوق التجارة الإلكترونية، وفقاً لمؤشر التجارة الإلكترونية العالمي الصادر عن وكالة فيتش الائتمانية، إذ من المتوقع أن تصل المبيعات إلى 16 مليار دولار خلال 2019.

وترجح الوكالة نمو مبيعات التجارة الإلكترونية في الإمارات بمعدل 23% سنوياً في الفترة بين العامين 2018 و2022، لتصل إلى 16 مليار دولار في 2019، ثم إلى 27.1 مليار دولار بحلول 2022، وهو أعلى مستوى للمبيعات الإلكترونية في المنطقة، كما تتمتع الإمارات بأعلى تركز في أنشطة الشراء الإلكتروني، حيث أقدم نحو 49.6% من البالغين على الشراء عبر الإنترنت، وفقاً لبيانات البنك الدولي.

 

دبي حاضنة لمشاريع ومبادرات التجارة الإلكترونية

واليوم، تقود دبي التجارة الإلكترونية في المنطقة، إضافة إلى نصيبها الكبير في نشاط الشحن الجوي بين شركات النقل الجوي في الإقليم، وجهود الإمارة في هذا المجال تتجلى بإطلاق مبادرة دبي بلينك وهي منصة للتجارة الإلكترونية الذكية بين الشركات، توظف الذكاء الاصطناعي وتقنية بلوك تشين في قطاع الأعمال، وستغير مستقبل سلاسل التوريد التجاري العالمية عن طريق إيجاد منصة تجارة عالمية جديدة بين

شركات المناطق الحرة العالمية.

واليوم تستهدف دبي الجنوب ضخ ملياري درهم (545 مليون دولار) لبناء مدينة تجارة إلكترونية حرة باسم ايزي دبي وعلى مساحة 920 ألف متر مربع، تتيح للشركات الأجنبية الملكية الكاملة.

وتعتبر دبي حاضنة لأهم منصات التجارة الإلكترونية في المنطقة، مثل سوق.كومونون.كوم.

وشهدت الفترة الأخيرة إقبالاً كبيراً من شركات صغيرة ومتوسطة لتسويق وعرض منتجاتها عبر منصّات التجارة الالكترونية، ما يجعل من تلك المنصّات نافذة تسويقية جديدة لتنمية وتطوير أعمال الشركات الناشئة، إذ تمثل نسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي العارضين، عبر موقع سوق دوت كوم حالياً نحو 60%.

أخيراً، تعد زيادة حدة المنافسة بين منصات التجارة الإلكترونية أمراً إيجابياً، كونها تساهم في تعزيز قدرات تلك المنصات عبر تطوير عملياتها واعتماد سياسات مبتكرة بما يلبي احتياجات المستهلكين وينمي فرص تحقيق الأرباح.