كما هو الحال في أسواق الأسهم العالمية شهدت البيتكوين خسائر قوية ، بعد أن دقت طبول الحرب الروسية الأوكرانية يوم الخميس الماضي، واكتست باللون الأحمر لمدة 3 أيام قبل أن تعكس اتجاهها بقفزة هائلة، أعادتها بالقرب من مستويات 45 ألف دولار , كما هي المكاسب الهائلة لأسعار النفط والمعادن , فماذا يحدث وماهو وجه الشبه والمقارنة ؟؟ وماهو القادم للعملة الرقمية الذهبية ؟؟

 

اليوم تحققت مقولة أن البيتكوين يمثل الذهب الرقمي بصفته ملاذًا آمنًا في أوقات الاضطرابات السياسية، وربما بدت أكثر توافقًا مع التقلبات في الأسواق التقليدية مثل الأسهم، التي اتخذت نفس المسار الهابط مع تراجع مؤشرا داو جونز وستاندرد آند بورز بنحو 10% تقريبًا لكل منهما منذ بداية العام الجاري , ثم لتعاود الصعود كما فعل الذهب كملاذ أمن وقت الازمة الحالية ليصعد بذلك البيتكوين أكثر من 20% خلال الايام القليلة الماضية , وربما  ساعد في صعود عملة البيتكوين فرض الولايات المتحدة مزيدًا من العقوبات على روسيا خلال عطلة نهاية الأسبوع مستهدفة البنك المركزي الروسي، بالإضافة إلى العقوبات السابقة التي تستهدف المؤسسات المالية الأخرى والديون السيادية الروسية، في محاولة لعزل موسكو عن النظام المالي العالمي.

 

الأمر نفسه بالنسبة إلى الإيثريوم، ثاني أكبر العملات المشفرة قيمة سوقية، التي ارتفعت ايضا بأكثر من 12% خلال الشهر الماضي، متجاوزة عتبة 3000 دولار , ورغم ذلك لا تزال العملات المشفرة داخل النطاق الأحمر منذ بداية العام ,  إذ تبلغ خسائر البيتكوين 5% في 2022 حتى الآن، كما تتراجع الإيثريوم بما يقرب من 20%، لكن مكاسب الأيام الأخيرة، واتجاه البيتكوين إلى مستوى 45 ألف دولار، يفتح الطريق العودة إلى مستويات 50 ألف دولار مرة أخرى، الذي سجلته آخر مرة في أواخر ديسمبر الماضي.

*أداء البيتكوين منذ بداية 2021

وفضلًا عن أن الهبوط الأخير بكل تأكيد فرصة للشراء تم الاشارة له في اكثر من توصية وتغريدة من مستويات 38-34 الف ،  وهذا الإتجاه الحالي للشراء جاء مدعومًا من محاولات الروس لاستخدام العملات المشفرة للتهرب من العقوبات التي وضعتها الولايات المتحدة على المؤسسات المالية، وايضا محاولة الأوكرانيين والروس إخراج أموالهم من البلاد، مع كون البيتكوين عملة بلا حدود ولا يحكمها أي نظام مالي.

 

حيث منذ بدأ الغزو الروسي الخميس الماضي ، قفزت المعاملات في بورصات البيتكوين المركزية باستخدام الروبل الروسي لأعلى مستوى منذ مايو الماضي، كما زادت أحجام التداول بعملة الهريفنيا الأوكرانية لمستوى تشهده منذ أكتوبر، بحسب بيانات شركة كايكو للعملات المشفرة.

 

ما يحدث الأن على المشهد الجيوسياسي يقودنا إلى نقطة مهمة أن العملة المشفرة الناشئة قبل 12 عامًا، لم تتح لها الفرصة لإظهار أهميتها في مثل هذه البيئة السياسية التي تشهد حربًا، مما يسلط الضوء على الدور الذي يمكن أن يلعبه أصول التشفير في أي صراع عسكري عالمي ، سواءً للتهرب من العقوبات أو جمع التبرعات كما فعلت الحكومة الأوكرانية وجمعت عشرات الملايين من الدولارات من خلال العملات المشفرة مثل الإيثيريوم والبيتكوين.

 

وربما السؤال الاهم , هل تستمر العملات المشفرة في كونها طوق نجاة للمليارديرات الروس لتفادي العقوبات ؟؟ ، أم يقابل هذا الأمر بإجراءات مشددة من الجهات التنظيمية؟ بالفعل دعت الإدارة الأمريكية بورصات العملات الرقمية إلى الامتثال للعقوبات التي فرضتها على الأفراد والكيانات الروسية، ولا نستبعد أن الاتحاد الأوروبي أيضًا سيسرع تنظيم قوانين التشفير بحيث لا يمكن استخدام البيتكوين ورفاقها كحل بديل للعقوبات

 

هنا سيداتي وسادتي , نعود الى الفكرة الأساسية وروح العملات الرقمية في الإستقلال المالي , وبعد الإنتشار العالمي لها أعتقد أنها ستمثل تحدي صعب المنال لتطويقها سياسيا بالخضوع , رغم ان التنظيم بشكلها العام ينفع ولا يضر ولكن لا يمنع ولا يحد

 

 

في نهاية كل ما سبق , لا بد من إلقاء الضوء على الحركة الفنية للبيتكوين القائد الهمام والحاكم بأمره في اسواق الألتز وهو الان عند مستوى 44 الف دولار

كما سبق الإشارة , أعتقد ان البيتكوين لديه القدرة على العودة فوق مستويات 50 الف دولار خلال الايام القليلة القادمة ليستهدف المنطقة السعرية بين 52500 و 55500 الف دولار , والتي اعتقد أنها قد تمثل فخ ثالث للثيران سيتم نصبه , وبتالي أنصح أصدقائي بتوخي الحذر وبدأ عمليات جني الارباح أو بالحد الأدني تحرير السيولة تحسبا لعودة المسار الهابط , والذي اعتقد سيعود بنا الى نطاق التجميع المرتقب بين مستوى 27500 و 23500 دولار

 

أتمنى أن نمتلك الوعي والقدرة على إدراك ما يحدث على صفحات السوشيال ميديا فهو حاليا مخجل وبكل تأكيد يغرر بالمستثمرين الجدد , راقبوا جيدا أن مع كل صعود تتجه أغلبية الاقلام لتفاؤل الجامح وهناك من بدأ فعلا يتحدث عن قمة تاريخية جديدة للبيتكوين وصعود فوق 100 الف , وايضا ذات تلك الأقلام مع كل هبوط كانت تتحدث عن أرقم سحيقة دون 15 و 10 الاف للبيتكوين , في حين أن لنا دائما مواقف مغايرة لما يكتب ويشاع وربما يعاكسها ونتحمل في سبيل ذلك القرع والتنديد

 

بكل بساطة أقولها للجميع , لا للتفاؤل والتطبيل لا للتشاؤم والترهيب وفقط نعم للوقعية  

 

أطيب امنياتي لجميع الأصدقاء بالتوفيق

اياد أبوعارف 

مؤسس موقع نمازون الإقتصادي