تتأرجح أسعار الأسهم في ظل التقييمات المرتفعة والتوقعات غير الواضحة التي تضع المستثمرين في حالة من القلق.

وشهدت الأسهم الأميركية تقلبات أكبر من المعتاد في استجابة لتقارير أرباح الشركات الأخيرة، حيث أدت التقييمات المرتفعة والتوقعات الغامضة إلى زيادة حذر المستثمرين.

وكان مؤشر ستاندرد آند بورز 500، المؤشر القياسي لـوول ستريت، قد شهد استقراراً نسبياً في الأسابيع الأخيرة، حيث مر أكثر من شهر دون حركة يومية تتجاوز نسبة 1% في أي من الاتجاهين، غير أن العديد من الأسهم الفردية شهدت تقلبات حادة.

ومن بين الشركات الكبرى التي حققت ارتفاعات يومية بأكثر من 10% بعد الإعلان عن نتائج أرباح الربع الثالث هذا الشهر كانت تسلا Tesla، وفليب موريس إنترناشونال Philip Morris، ونتفليكس Netflix، بينما تكبدت شركات مثل لوكهيد مارتن Lockheed Martin وHCA للرعاية الصحية خسائر حادة هي الأكبر منذ سنوات، وفقاً لصحيفة فايننشال تايمز.

 

وقالت هيذر بريليانت، الرئيس التنفيذي لشركة دايموند هيل لإدارة الأصول المتخصصة في استثمارات القيمة: «حجم المكافآت والعقوبات على نتائج الأرباح مرتفع للغاية في الوقت الحالي.. تشهد تحركات تتراوح بين 10% إلى 20% أو أكثر». وأضافت أن «التقييمات المرتفعة تجعل المستثمرين في حالة قلق، فإذا كان هناك انخفاض بسيط، يفكر البعض قائلاً: «لا أحتاج إلى هذا السهم في محفظتي».

ووفقاً لتحليل بنك أوف أميركا بناءً على بيانات حتى إغلاق السوق يوم الخميس، فقد كان أداء الأسهم التي خالفت التوقعات لهذا الموسم أضعف من أداء مؤشر S&P 500 بنحو 3.3 نقاط مئوية في اليوم التالي للتقارير، بينما تميل الأسهم التي تخالف التوقعات تاريخياً إلى الأداء الأضعف بنحو 2.4 نقطة مئوية فقط.

ووفق تقرير الصحيفة، فعادةً ما تؤدي النتائج المخيبة للتوقعات إلى ردود فعل أقوى على أسعار الأسهم مقارنة بالنتائج التي تتجاوز التوقعات، لأن معظم الشركات الكبرى تبذل جهدها لتحضير السوق مسبقاً بحيث تكون تقديرات المحللين واقعية، لكنها قابلة للتجاوز.

 ومع ذلك، فإن الأسهم التي تجاوزت التوقعات ارتفعت أيضاً بوتيرة أعلى من المعتاد، متفوقة على أداء السوق العام بنسبة 2.7 نقطة مئوية مقارنة بمتوسط يبلغ 1.5 نقطة مئوية.

ونقلت الصحيفة عن سافيتا سوبرامانيان، استراتيجية الأسهم والكميات في بنك أوف أميركا، قولها: «كانت ردود الفعل قوية جداً في قطاعات مثل القطاع المالي.. التي لا يملكها المستثمرون بكثرة». وأضافت: «المفاجآت الإيجابية دفعت المستثمرين إلى الإقبال على شراء الأسهم بشكل شبه إجباري».

وقد أشار المستثمرون والمحللون إلى عدة أسباب لقوة التحركات الأخيرة في السوق.

أسباب التحركات الأخيرة في السوق

وتعود بعض هذه الأسباب إلى عوامل موسمية بسيطة. وذكر ديفيد جيرو، رئيس استراتيجية الاستثمار في شركة T Rowe Price، والذي يدير صندوق Capital Appreciation بقيمة 65 مليار دولار، أن أرباح الربع الثالث غالباً ما تثير ردود فعل أقوى، نظراً لأن هذه الفترة تكون مناسبة للشركات لتقديم توجيهات أوضح حول توقعاتها متوسطة الأجل للعام المقبل.

قال جيرو: «هناك الكثير من الشركات التي قدمت توقعات حتى عام 2025، وكانت هذه التوقعات مخيبة بعض الشيء، وقد قام السوق برد فعل قوي تجاهها».

لكن البيئة غير الاعتيادية للسوق أثرت أيضاً على المستثمرين، حيث يتم التداول عند مستويات قياسية رغم التوترات الجيوسياسية، وعدم وضوح التوقعات بشأن أسعار الفائدة، واقتراب الانتخابات الأميركية، ووفقاً لبيانات FactSet، يتم تداول مؤشر S&P 500 بمعدل 21.7 ضعف الأرباح المتوقعة خلال الاثني عشر شهراً القادمة، مقارنة بمتوسط خمس سنوات يبلغ 19.6 ضعف.

وقال بينكي تشادا، كبير الاستراتيجيين العالميين في دويتشه بنك: «يوجد حالياً العديد من المحفزات الكبرى التي تحدث في السوق في نفس الوقت، هناك الأرباح، وهناك الانتخابات، والمخاطر الجيوسياسية... نظراً لتعدد هذه المحفزات، نجد السوق في حالة توتر، وسوق متوترة ستتفاعل بقوة في كلا الاتجاهين».

وحذّر تشادا من أن النمط الحالي قد يتغير في النصف الثاني من موسم الأرباح، خصوصاً مع انحسار حالة عدم اليقين المرتبطة بالانتخابات.

وفي هذه الأثناء، يبحث المستثمرون عن فرص خلال فترات التقلب.

 

وقالت سوبرامانيان: «كل هذا يشير إلى سوق تعتمد على الانتقاء الدقيق للأسهم بالطريقة التقليدية. نحن في بيئة لم تعد تقتصر على شراء أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، بل تتطلب البحث عن الشركات التي تتقدم وتفاجئ السوق بأدائها الإيجابي».

وأضاف جيرو من T Rowe: «من جانب، قد يكون محبطاً عندما تنخفض الأسهم أكثر مما ينبغي بسبب مشكلة قصيرة الأجل وليست طويلة الأجل. لكن من جانب آخر، فإن التقلب الزائد في السوق يمثل فرصة للمستثمرين اليقظين للاستفادة منه. إذا كنت تؤمن بالسهم على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة (وتشتري عند الانخفاض)، فإن العائد المتوقع لك قد ارتفع».