في الولاية الثانية للرئيس دونالد ترمب، تحوّلت الأصول المشفّرة إلى عنصر غيّر ثروة عائلته. والآن تتلقى العائلة وكذلك المؤيدين، درساً سريعاً في التقلبات الجامحة المتأصلة في العملات الرقمية.
تراجعت قيمة العملة الرقمية المرتبطة باسم ترمب بنحو الربع منذ أغسطس. كما فقدت حصة إريك ترمب في مشروع لتعدين بتكوين نحو نصف قيمتها من ذروتها. وتقبع أسهم شركة ترمب للتواصل الاجتماعي، التي بدأت بتجميع بتكوين هذا العام، قرب أدنى مستوى لها على الإطلاق.
هذه الموجة من البيع تأتي ضمن هبوط أوسع محا أكثر من تريليون دولار من قيمة عالم الأصول الرقمية. وتراجعت ثروة عائلة ترمب إلى نحو 6.7 مليار دولار، بعد أن بلغت 7.7 مليار دولار في أوائل سبتمبر، وفق مؤشر بلومبرغ للمليارديرات، وهو انخفاض يرتبط بشكل كبير بمحفظتهم المتنامية من مشاريع العملات المشفّرة.
وتتضمن هذه الحيازات صفقات معقدة تتجاوز مجرد الرهان المباشر على قيمة العملات الرقمية. أما المستثمرون العاديون، الذين باتت لديهم اليوم طرق أكثر من أي وقت مضى للاستثمار في مشاريع مرتبطة بترمب، فهم مهيّأون لتكبّد خسائر أكبر. فعلى سبيل المثال، أي مضارب اشترى عملة ترمب في ذروتها بعد الإعلان عنها خلال عطلة التنصيب، كان سيفقد تقريباً كامل قيمة استثماره بحلول هذا الشهر.
قال إريك ترمب، نجل الرئيس الثاني، إنه غير متردد. وقد حثّ المستثمرين مراراً على الشراء عند الانخفاضات، حتى في فترات تراجع سوق العملات الرقمية.
وأضاف في بيان لـبلومبرغ: يا لها من فرصة شراء عظيمة. الأشخاص الذين يشترون عند الانخفاض ويتقبلون التقلبات سيكونون الفائزين في النهاية. لم أكن يوماً أكثر تفاؤلاً بشأن مستقبل العملات المشفّرة وتحديث النظام المالي.
هامش أمان لدى عائلة ترمب
شهدت بتكوين منذ إنشائها عام 2009 عدة انهيارات حادة، قبل أن تعود إلى الارتفاع أكثر فأكثر مع مرور الوقت. لكن لدى عائلة ترمب هامش أمان مدمج في حيازاتهم من العملات المشفرة. فهم رغم امتلاكهم رموزاً وشركات مرتبطة بالعملات المشفّرة تتراجع قيمتها، إلا أنهم يجنون المال بطرق أخرى من خلال مشاركتهم في هذا القطاع.
على سبيل المثال، شهدت انخفاضاً في القيمة الدفترية من الرموز المتربطة بمنصة العملات المشفّرة التي شاركوا في تأسيسها، وورلد ليبرتي فايننشال، لكن العائلة مع ذلك تستحق جزءاً من عائدات بيع تلك الرموز، بغض النظر عن الأسعار.
وقال جيم أنجل، الأستاذ في كلية إدارة الأعمال بجامعة جورجتاون: المستثمرون الأفراد لا يمكنهم سوى المضاربة. أما آل ترمب فبإمكانهم ليس فقط المضاربة، بل أيضاً إنشاء عملات، وبيعها، وجني المال من تلك المعاملات.
فيما يلي لمحة عن كيفية صمود حيازات عائلة ترمب المرتبطة بالعملات المشفّرة في مواجهة هذا التراجع الكبير:
خسارة 800 مليون دولار في ترمب ميديا
سجلت أسهم شركة ترمب ميديا آند تكنولوجي الشركة الأم لمنصة تروث سوشال، مستوى قياسياً متدنّياً يوم الأربعاء. وقد يُعزى جزء من هذا الانخفاض إلى دخول الشركة عالم العملات المشفّرة في توقيت سيّئ.
تراجعت قيمة حصة الرئيس الأميركي في الشركة بنحو 800 مليون دولار منذ سبتمبر. وهو أكبر مساهم فيها، إذ تُدار حصته عبر صندوق ائتماني يشرف عليه نجله الأكبر، دونالد ترمب جونيور.
الشركة، التي لا تحقق أرباحاً، بدأت بخوض تجارب في عدّة خطوط أعمال جديدة، من ضمنها العملات المشفّرة. ووفق بيان صدر في يوليو، أنفقت الشركة نحو ملياري دولار على بتكوين وأوراق مالية مرتبطة بها، بما في ذلك خيارات. ويعني مخزونها البالغ حوالي 11500 بتكوين، الذي اشترته بسعر يقارب 115000 دولار للوحدة، أن الشركة سجلت خسارة بنحو 25% في هذه الصفقة.
كما بدأت الشركة بتجميع رمز رقمي أقل شهرة يُدعى CRO، صادر عن منصة كريبتو دوت كوم (Crypto.com) وهي شركة تداول عملات مشفرها ومقرها سنغافورة. وكانت قيمة هذا المخزون نحو 147 مليون دولار نهاية سبتمبر، إلا أن قيمة CRO فقدت نحو نصف قيمتها منذ ذلك الحين.
وتسعى الشركة إلى خطوط أعمال أخرى مع كريبتو دوت كوم، من بينها إطلاق سوق توقعات باسم تروث بريديكت يتيح للمستخدمين المراهنة على الرياضة والسياسة.
وورلد ليبرتي فاينانشال: خسارة دفترية تقارب 3 مليارات دولار
المشروع الرئيسي لعائلة ترمب في عالم العملات المشفّرة هو منصة وورلد ليبرتي فاينانشال (World Liberty Financial)، ولديها رمز يحمل اسم WLFI. وقد انخفض سعر الرمز من 26 سنتاً في أوائل سبتمبر إلى نحو 15 سنتاً.
كانت قيمة حيازة العائلة من WLFI تبلغ نحو 6 مليارات دولار في ذروتها. اليوم، تقدر قيمتها بحوالي 3.15 مليار دولار. (هذه العملات غير مدرجة ضمن تقييم العائلة في مؤشر بلومبرغ لأنها مجمّدة، ولا يمكن تداولها حالياً).
في أغسطس، باعت الشركة جزءاً من رموزها لشركة صغيرة مدرجة تُدعى آلت 5 سيغما (Alt5 Sigma)، وجاء البيع في توقيت مناسب: إذ حصلت وورلد ليبرتي على 750 مليون دولار نقداً وحصة ملكية.
لكن المستثمرين في آلت 5 لم يحققوا النتائج نفسها، إذ فقد السهم نحو 75% من قيمته منذ الإعلان عن الصفقة.
وانخفضت حصة آل ترمب في آلت 5 عبر وورلد ليبرتي بنحو 220 مليون دولار. لكن العائلة بقيت رابحة في المحصلة، إذ حصلت على نحو 75% من عائدات بيع عملة WLFI، التي بلغت وحدها نحو 500 مليون دولار من صفقة آلت 5، إضافة إلى حوالي 400 مليون دولار أخرى من مبيعات سابقة للعملة.
وقال متحدث باسم وورلد ليبرتي إن العملات الرقمية باقية. لدى الشركة قناعة طويلة المدى بالتقنيات الناضجة بسرعة، والتي نعتقد أنها ستحسّن الخدمات المالية جذرياً.
خسارة لا تقل عن 330 مليون دولار في أميركان بتكوين
بعد نحو شهرين من تنصيب ترمب، خاضت عائلته مشروعاً جديداً في عالم العملات المشفرة. تعاون إريك ترمب ودونالد ترمب جونيور مع شركة هات 8 (Hut 8 Corp) عبر سلسلة من المعاملات، حيث قدمت هات 8 معدات تعدين بتكوين مقابل حصة أغلبية في شركة جديدة تُدعى أميركان بتكوين (American Bitcoin).
يمتلك إريك ترمب نحو 7.5% من أميركان بتكوين، التي تتداول حالياً في بورصة ناسداك تحت الرمز ABTC. أما حصة دونالد ترمب جونيور فهي أصغر ولم يُكشف عنها.
بلغ سهم الشركة ذروته عند 9.31 دولار في أوائل سبتمبر، ما جعل حصة إريك ترمب تساوي نحو 630 مليون دولار. منذ ذلك الحين فقد السهم أكثر من نصف قيمته، ما محا أكثر من 300 مليون دولار من ثروة العائلة. ومع ذلك، لا يزال المشروع مثالاً واضحاً على كيفية توليد آل ترمب مئات ملايين الدولارات من مشاريع حديثة نسبياً.
أي مستثمر اشترى السهم عند إدراجه كان سيواجه خسارة بنسبة 45%. ولم يردّ متحدث باسم أميركان بتكوين على طلبات التعليق.
عملة ترمب الرقمية: خسارة تقارب 120 مليون دولار
كانت عملة ترمب الرقمية قد انهارت بالفعل منذ الإعلان عنها خلال عطلة التنصيب. لكن منذ نهاية أغسطس، خسرت نحو 25% إضافية من قيمتها.
حجم حصة العائلة في هذه العملة غير واضح. وقد وجدت شركة غانتليت (Gauntlet) المتخصصة في نمذجة المخاطر، أن المحافظ المرتبطة بإنشاء العملة كانت تمتلك نحو 17 مليون رمز بعد أشهر من إطلاقها، إضافة إلى نقل 17 مليون رمز أخرى إلى منصات التداول عبر محافظ المصدرين أنفسهم. وهناك 90 مليون رمز أخرى أصبحت قابلة للتداول في يوليو.
يُنسب مؤشر بلومبرغ للمليارديرات 40% من إجمالي العملات الرقمية لعائلة ترمب، بناءً على حصة ملكيتها في شركة وورلد ليبرتي.
تبلغ قيمة هذه الرموز اليوم نحو 310 ملايين دولار، بانخفاض يقارب 117 مليون دولار منذ نهاية أغسطس.
لكن العائلة شهدت زيادة كبيرة في إجمالي حيازاتها من العملة، وفق حسابات مؤشر بلومبرغ، إذ إن جزءاً من الرموز المحتفظ بها لدى المطلعون والمؤسسون كان مجمّداً، وسيتم إتاحة هذه العملات للتداول بشكل تدريجي على مدى ثلاث سنوات.
ومنذ حدث إتاحة العملات في يوليو، أصبح نحو 90 مليون رمز إضافي قابلاً للتداول وفقاً لشركة ميساري لأبحاث العملات المشفرة، ويُسند مؤشر بلومبرغ نحو 40% منها لعائلة ترمب.
تبلغ قيمة هذه الرموز الإضافية نحو 220 مليون دولار، ما يعني ارتفاعاً في القيمة الإجمالية لحيازات العائلة، رغم التراجع السعري للعملة. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت العائلة قد باعت أيّاً من هذه الرموز منذ يوليو.