بات تحقيق الصين لهدف النمو البالغ 5% تقريباً لعام 2023، أمراً مؤكداً على ما يبدو، وهذا ما يحول الانتباه أكثر نحو مخاطر الانكماش وأزمة الإسكان ومشكلة الثقة المستمرة، وما إذا كانت ستعرقل الجهود المبذولة لاستعادة زخم النمو خلال العام الجاري.
يُرجح أن تظهر البيانات المقرر صدورها يوم الأربعاء، نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بمعدل 5.2% خلال العام الماضي بأكمله، حتى مع فقدان الاقتصاد بعض الزخم في الربع الرابع.
ويُتوقع أيضاً أنتسجيل نمو في مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي خلال ديسمبر مقارنة مع المعدلات المنخفضة المسجلة في أواخر عام 2022، عندما كانت الصين تواجه تفشياً واسع النطاق لفيروس كورونا.
أرقام متباينة
جاءت بداية العام الجديد بأخبار متباينة. فقد أظهرت أرقام يوم الجمعة انخفاض أسعار المستهلكين في الصين خلال ديسمبر للشهر الثالث، وهي أطول سلسلة انكماش في الأسعار منذ 2009. ومع ذلك، أظهرت الصادرات علامات استقرار، على الرغم من انخفاضها طوال 2023، وهي أولى علامات الاستقرار منذ 2016.
قال دنكان ريغلي، كبير الاقتصاديين الصينيين في بانثيون ماكروإيكونوميكس (Pantheon Macroeconomics) : سيكون انتعاش الطلب المحلي بطيئاً ومتعثراً مع انتقال إجراءات التحفيز المستهدفة إلى قطاعات الاستثمار، وسيستمر انتعاش العقارات بوتيرة بطيئة.
وسيكون لدى بنك الشعب الصيني فرصة يوم غد الإثنين لاتخاذ إجراءات لمواجهة ضغوط انكماش الأسعار وتعزيز الإقراض. ويتوقع اقتصاديون استطلعت بلومبرغ آراءهم على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة على القروض لأجل عام بمقدار 10 نقاط أساس إلى 2.4%. كما يتوقعون أن يضخ صناع السياسات النقدية المزيد من الأموال في النظام المالي.
ومن المحتمل ألا يكون ذلك كافياً لإصلاح الأوضاع، غير أن الاقتصاديين يتوقعون أن يتخذ البنك المركزي خطوات أخرى لتعزيز النمو، مثل خفض مقدار النقد الذي يجب على البنوك الاحتفاظ به في الاحتياطي. كما أن تقديم الدعم المالي يظل أمراً محتملاً، إذ أشار وزير المالية الصيني إلى أن الإنفاق الحكومي سيرتفع.
رأي بلومبرغ إيكونوميكس: نتوقع أن يبدأ بنك الشعب الصيني الأسبوع بخفض أسعار الفائدة يوم الإثنين. وشاب الضعف البيانات الأخيرة، مما يمنحه سبباً وجيهاً لزيادة الدعم. ومن المحتمل أن تؤكد مجموعة أخرى من الأرقام المقرر صدورها يوم الأربعاء -الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع ونشاط ديسمبر- على الضعف الذي يعتري الاقتصاد.
تعثر النمو
يتوقع الاقتصاديون في بنك سوسيتيه جنرال تحقيق الصين نمواً اقتصادياً بمقدار 4.5% خلال العام الجاري، بناءً على افتراض زيادة التحفيز المالي، وتيسير السياسة النقدية أكثر قليلاً، واستقرار نمو الصادرات ودعم قطاع الإسكان.
قال ياو وي، كبير الاقتصاديين في البنك ورئيس قسم الأبحاث لمنطقة آسيا والمحيط الهادي، في مؤتمر صحفي في بكين الأسبوع الماضي: إذا كانت الحكومة الصينية مستعدة لتعزيز السياسة المالية أكثر مما نتوقع حالياً، فمن المرجح أن يبلغ النمو 5%.
وفي آسيا أيضاً، يُرجح أن يُبقي البنك المركزي الإندونيسي سعر الفائدة دون تغيير يوم الأربعاء، بينما يُتوقع أن تسجل صادرات سنغافورة لشهر ديسمبر أكبر مكاسب خلال العام. وقد تظهر البيانات الأسترالية التي تصدر يوم الخميس تباطؤ نمو الوظائف، فيما ستصدر دفعة أخيرة من أرقام التضخم قبل أيام من اجتماع مجلس إدارة بنك اليابان.
وفي أماكن أخرى، سيركز المستثمرون على الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا عام 2023، وتقارير المملكة المتحدة عن الأجور وأسعار المستهلكين، والعديد من المتحدثين من البنوك المركزية في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، ومبيعات التجزئة الأميركية.
الولايات المتحدة
تُعد بيانات مبيعات التجزئة أبرز الأحداث في أسبوع التداول المختصر في الولايات المتحدة بسبب عطلة. ويشير متوسط التوقعات في استطلاع بلومبرغ لآراء الاقتصاديين إلى زيادة أكثر اعتدالاً في المشتريات باستثناء السيارات ومحطات الوقود أواخر عام 2023. غير أنه إلى جانب الزيادة القوية في نوفمبر، فإن الأرقام المقرر صدورها يوم الأربعاء يُفترض أن توضح مرونة الطلب الاستهلاكي. ومن المتوقع أن تظهر الأرقام الخاصة ببناء المساكن الجديدة ومبيعات المنازل المملوكة سابقاً أن سوق العقارات السكنية ضعيفة ولكنها مستقرة.
ومن المقرر أن يصدر بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء تقرير الإنتاج الصناعي لشهر ديسمبر، والذي يُرجّح أن يشير إلى ضعف قطاع التصنيع. وسيصدر البنك المركزي أيضاً ملخص الكتاب البيج للأوضاع الاقتصادية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
ويتحدث عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر يوم الثلاثاء عن الاقتصاد والسياسة النقدية، يليه في وقت لاحق من الأسبوع رئيسا الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيك، وفي سان فرانسيسكو ماري دالي.
كندا
وفي كندا، يُتوقع أن تظهر بيانات التضخم ارتفاعاً طفيفاً إلى 3.2% في ديسمبر. وسيصدر البنك المركزي استطلاعات ربع سنوية لتوقعات الأعمال والمستهلكين، وستظهر أرقام مبيعات المنازل القائمة والجديدة تباطؤاً بسيطاً -ولكن لا يزال مكلفاً– في سوق العقارات.
وسينقضي الموعد النهائي للشركات لسداد قروض عصر جائحة كورونا وسط تحذيرات من أن آلاف الشركات معرضة للخطر ما لم تمنحها الحكومة المزيد من الوقت. ومن المقرر أيضاً صدور بيانات مبيعات التجزئة.
أوروبا، الشرق الأوسط، أفريقيا
وبعد أن أشارت بيانات أسعار المستهلكين في ديسمبر الماضي إلى ضغوط تضخمية مرنة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، ينصب التركيز هذا الأسبوع على المملكة المتحدة. وستكشف أرقام الأجور يوم الثلاثاء عن كيفية استجابة سوق العمل القوية (التي يفوق معروض الوظائف فيها الطلب عليها)، في حين أن المقياس الأساسي للتضخم الذي يستثني العناصر المتقلبة مثل الطاقة، يُتوقع أن يعتدل أقل بقليل من 5%، وهو ما لا يزال أكثر من ضعف هدف البنك المركزي.
منطقة اليورو
ستجري مساءلة محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي بشأن السياسة النقدية عندما يظهر أمام المشرعين في مجلس اللوردات يوم الثلاثاء.
وفي الوقت ذاته، قد تشير بيانات الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو يوم الإثنين إلى مزيد من الضعف في نوفمبر، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من احتمال حدوث انكماش اقتصادي عام في الربع الرابع. وقد يتضمن إصدار ألمانيا للناتج المحلي الإجمالي للعام بأكمله في اليوم ذاته إشارة إلى مدى أداء أكبر اقتصاد في المنطقة في نهاية العام، مع احتمال تعرضه لركود معتدل قصير الأمد.
منتدى دافوس
وسيتحدث العديد من المسؤولين النقديين في دافوس، المنتجع الجبلي السويسري حيث ينعقد اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير من كل عام. وسيكون من بين هؤلاء رئيس البنك الوطني السويسري توماس جوردان.
ومن المقرر أيضاً أن تتحدث رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد ثلاث مرات هناك، غير أن نطاق أي تعليقات قد يضيق مع بدء فترة الصمت، التي تسبق قرار البنك بشأن قرار الفائدة في 25 يناير، يوم الخميس. وسينشر محضر اجتماع ديسمبر في ذلك اليوم أيضاً.
وفي بلدان الشمال الأوروبي، ستعلن السويد أرقام التضخم يوم الإثنين. ومن المقرر أن يتحدث اثنان من صانعي السياسة النقدية في البنك المركزي السويدي (ريكسبنك) في وقت لاحق من الأسبوع. ومن المقرر صدور الناتج المحلي الإجمالي الشهري في النرويج يوم الثلاثاء.
وفي أفريقيا، قد يُبقي بنك أنغولا يوم الجمعة أسعار الفائدة دون تغيير، أو حتى قد يرفعها للمرة الثانية خلال شهرين في محاولة لكبح جماح التضخم المرتفع بشدة، علماً أن نمو أسعار المستهلكين تسارع على أساس سنوي إلى 18.2% في نوفمبر.
أميركا اللاتينية
يبدأ الأسبوع بصدور ما يُعرف بمسح فوكاس (Focus) الذي يجريه البنك المركزي في البرازيل لآراء المحللين. وبغض النظر عن النجاح الذي حققه بانكو سنترال دو برازيل (Banco Central do Brasil) العام الماضي في إعادة أسعار المستهلكين إلى نطاقها المستهدف، فإن توقعات التضخم تظل غير ثابتة، ومن المتوقع أن يكون تطبيع السياسة النقدية عملية طويلة ومتعمدة في أحسن الأحوال.
البرازيل وبيرو والأرجنتين
تعلن البرازيل أيضاً بيانات مبيعات التجزئة وغيرها من الأرقام التي تشير إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي في نوفمبر، إلى جانب بيانات الوظائف الجديدة في ديسمبر، والتي تنخفض عموماً مع الاستغناء عن الموظفين المؤقتين في العطلات.
وفي بيرو، ربما تظهر البيانات التي تشير إلى الناتج المحلي الإجمالي في نوفمبر أن النمو الطفيف الذي تحقق في أكتوبر قد تعثر. ويتوقع اقتصاديون استطلعت بلومبرغ آراءهم انخفاضاً 0.4% في الناتج لعام 2023. ومن المرجح أن ترتفع البطالة في نهاية العام في ليما، عاصمة بيرو، مقارنة بقراءة نوفمبر البالغة 6.6%.
وفي أسبوع قليل البيانات بالنسبة للمخروط الجنوبي (الدول الواقعة في أقصى جنوب القارة)، تنشر الأرجنتين أرقام الصادرات والواردات والميزان التجاري لديسمبر والعام بأكمله، في حين أنه من غير المقرر أن تصدر تشيلي أي بيانات اقتصادية.
كولومبيا
ويمكن لمراقبي الوضع الاقتصادي في كولومبيا أن يتطلعوا إلى المسح الشهري الذي يجريه البنك المركزي لآراء المحللين، إلى جانب تقارير نوفمبر عن النشاط الاقتصادي والإنتاج الصناعي والتصنيع ومبيعات التجزئة.