فى الخامس من فبراير 2018 تولى جيروم باول 66 عاما منصبه كرئيس بنك الاحتياطى الفيدرالى بعد موافقة مجلس الشيوخ على ترشيح الرئيس الامريكي دونالد ترامب له . ليعد أول رئيس للفيدرالى من غير حاملى درجة الدكتوراه فى الاقتصاد منذ ثلاثين عاما .

 

جمع جيروم باول المنتمى للحزب الجمهورى من أعماله الاستثمارية ثروة تقدر بنحو 73 مليون دولار ليعد أغنى أعضاء مجلس الاحتياطى الفيدرالى .

 

أهال الرئيس ترامب الثناء على باول حين اختياره بأنه ذكى و قوى و ملتزم و ذو خبرة كبيرة و اختيار مريح و آمن للأسواق العالمية معتمدا على سيرة باول الممتدة من عام 2012 فى عضوية مجلس الاحتياطى الفيدرالى حيث تصويته بالموافقة على كل قرارات السياسة النقدية الرامية للحذر بشأن رفع الفائدة الامريكية ، و هى النقطة التى تنال رضا ترامب و تدعم سياساته .

لكن أخر 2018 نشب خلاف حاد فى ظاهره بين جيروم باول رئيس الفيدرالى الأمريكي و الرئيس ترامب بشأن رفع معدلات الفائدة على الدولار الامريكى و دعا ترامب لخفضها حتى لا تفسد وفورات الاصلاحات الضريبية التى يقدمها لمواطنيه .

 

و اعتبر باول ذلك تدخلا فى استقلالية الفيدرالى و بل و كشف عن سعى ترامب لأقالته ، و سرعان ما هدأت العاصفة بين الرجلين ليخرج باول فى 4 يناير 2019 معلنا تحلى الفيدرالى بالصبر و عدم التعجل فى رفع الفائدة ، و هو ما ساهم بقوة فى تدفق السيولة المالية الى كافة الاسواق العالمية خاصة الناشئة منها ، على الرغم من تحذير باول نفسه الاسواق الناشئة من عواصف تشديد السياسة النقدية من الفيدرالى الأمريكي.

 

و على جانب أخر كان ذلك استجابة ضمنية لطلب ترامب بعدم رفع الفائدة على الدولار الامريكى ، و هو النهج الذى يستمر حتى الان لدعم توازنات ترامب الاقتصادية بالاساس من دولار غير مبالغ فى قوته و اسعار نفط تحت السيطرة لا تتعدى حاجز السبعين دولار للبرميل .

 

جاء قرار الفيدرالى الامريكى اليوم بالأبقاء على الفائدة عند 2.5 % متسقا تماما مع معطيات الاسواق و كذلك رغبة ترامب المرحلية فى خفض الفائدة للمرة الاولى منذ عشر سنوات ، و هى الرغبة التى قد تتحقق فى اجتماع يوليو القادم حيث أرتفعت توقعات خفض الفائدة إلى 87.1% بعد قرار الفيدرالى اليوم .

يحاول باول بتصريحاته المحايدة مسك العصا من المنتصف بين ادعاء استقلالية الفيدرالى و بين تنفيذ رؤية ترامب لخفض الفائدة التى قد يقرها لاحقا فى يوليو أو سبتمبر القادم على أقصى تقدير ، فالرجل يقول انه لم تتم مناقشة خفض الفائدة اليوم و لا يرى أسبابا كافية لذلك حتى الآن ، و لكنه سوف ينتظر البيانات القادمة و مستويات الثقة و تفاعلات الحرب التجارية التى إن أتت سلبية فتضطره الى خفضها .

 

ختاما | تصريحات جيروم باول فى اجتماع يونيو تكشف عن مشهد مهم من المستقبل ، فهى تؤكد المسار المتعثر للحرب التجارية الامريكية ضد الصين ، و الاشارات السلبية التى يدعى الرجل بحثه عنها يوفرها له ترامب لاحقا ، و الفيدرالى المستقل الذى يعد مشكلة الاقتصاد الامريكى حسب تصريحات سابقة لترامب أقترب من أن يكون مصدر للحلول الناعمة التى تمتص تهور و صدمات سيد البيت الابيض التجارية .