بعد خسائر قوية منذ أوائل العام الجاري، عاد سهم شركة السيارات الكهربائية العملاقة تسلا للتألق من جديد، وسط ارتفاعات كبيرة كما هو معهود عنه في السنوات الأخيرة، بعد إعلان خططها لتقسيم الأسهم، للمرة الثانية في غضون عامين تقريبًا، حتى تتمكن من سداد توزيعات الأرباح على المساهمين.

 

وتنضم تسلا بذلك إلى الموجة الأخيرة من قرارات تقسيم الأسهم في الشركات الكبرى، حيث أعلنت جوجل وأمازون هذ العام تجزئة الأسهم، وسبقتهما شركة آبل قبل عامين تقريبًا في محاولة من شركات التكنولوجيا الكبرى إلى جعل السهم في متناول المستثمرين، عقب المكاسب الهائلة في السنوات الأخيرة.

 

يوم الإثنين الماضي، أعلنت تسلا في بيان لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية أن مجلس الإدارة وافق على تجزئة الأسهم، لكنها ستعقد تصويتًا للمساهمين في اجتماعها السنوي، الذي يُعقد في يونيو، حول هذا الاقتراح، للموافقة على التقسيم الفعلي أو تحديد الزيادة في عدد الأسهم المصرح بها من الأسهم العادية. حيث ترغب تسلا في ذلك من أجل دفع توزيعات الأرباح للمساهمين، حيث ستكون توزيعات أرباح هذه المرة مدفوعة للمساهمين في شكل أسهم إضافية بدلاً من النقد، ورغم أن ذلك لا يؤثر في قيمة الشركة، لكنه يخفف من سعر سهمها , الامر الذي قد يؤثر لاحقا على سعر السهم ويحد من إرتفاعه بسبب ضغوطات جني أرباح العوائد الإستثمارية

 

 

وكانت المرة الأخيرة، التي اتخذت فيه تسلا هذه الخطوة في عام 2020، الذي شهد مكاسب تتجاوز 700%، حيث اضطرت الشركة إلى تقسيم الأسهم، وسط الارتفاعات الهائلة، لجعل السهم في متناول المستثمرين الصغار، ففي أوائل أغسطس 2020، أعلنت الشركة تقسيم أسهمها 5 مقابل 1، ليرتفع السهم بأكثر من 80% على مدار الأسابيع الثلاثة التالية حتى بدأ سريان عملية التجزئة بشكل رسمي في 31 أغسطس 2020، ومنذ عملية التقسيم الأخيرة -حينما كان سعر السهم قرب 500 دولارًا- قفز السهم بأكثر من 150% حتى الآن.

 

وهذا يُبشر بمكاسب كبيرة تنتظر تسلا بعد إقرار عملية تقسيم الأسهم الحالية، خاصة وأنه في جلسة إعلان هذا القرار (28 مارس)، قفز سهم تسلا بأكثر من 8%، ليصل إلى 1091.81 دولارًا، وهو أعلى مستوى منذ 12 يناير الماضي، مما أضاف حوالي 84 مليار دولار إلى القيمة السوقية لشركة صناعة السيارات الكهربائية في يوم واحد، وعزز صعوده لأكثر من 40% من أدنى مستوى مسجل هذا الشهر عند 766 دولارًا.

 

وقبل هذه المكاسب تعرض سهم تسلا إلى ضغوط كبيرة هذا العام، بعد تصريحات من قبل الرئيس التنفيذي إيلون ماسك، بأن الشركة لن تقدم أي موديلات جديدة للعملاء في عام 2022، بل ذكر أن أعمال الروبوت البشري سوف تصبح أكثر أهمية من صناعة السيارات الكهربائية بمرور الوقت، وهو ما أثار مخاوف المستثمرين.

 

ومع المكاسب الأخيرة، خاصة منذ منتصف مارس الجاري، تحول سهم تسلا إلى النطاق الأخضر لهذا العام بمكاسب 4%، مقابل خسائر تقارب 4% لمؤشري ستاندرد آند بورز، وداو جونز، وسط ضغوط الحرب الروسية الأوكرانية، لتعود القيمة السوقية لشركة تسلا فوق علامة التريليون دولار، عند 1.14 تريليون دولار، لتصبح خامس أكبر شركة أمريكية من حيث القيمة السوقية، خلف آبل ومايكروسوفت وجوجل وأمازون.

*أداء سهم تسلا منذ بداية 2021

وفضلًا عن عملية تجزئة الأسهم، هناك توقعات بمزيد من الصعود للسهم في الفترة المقبلة، خاصة مع التفاؤل بشأن أرقام تسليم السيارات ونتائج أعمال الربع الأول من 2022؛ إذ من المتوقع أن يرتفع معدل تسليم سيارات تسلا في الثلاثة أشهر الأولى، ليتراوح بين 310 و320 ألف سيارة.

وفي الربع الأخير من 2021، ارتفع معدل تسليم سيارات تسلا بنحو 70%، ليصل إلى مستوى قياسي عن 308.600 ألف سيارة، ورغم أن توقعات الربع الأول تشير إلى زيادة صغيرة، لكنها كافية للحفاظ على الزخم، خاصة في ظل عودة الإغلاق في الصين، واتجاه تسلا إلى وقف الإنتاج في مصنع شنغهاي، فضلًا عن عطلة رأس السنة القمرية الجديدة في الصين والتي تؤثر في أرقام الربع الأول غالبًا.

*معدل تسليم سيارات تسلا في 2020 و2021

وتلقى سهم تسلا الدعم أيضًا، مع بدء الشركة تسليم أولى سياراتها (موديل واي) من مصنعها الجديد في ألمانيا أخيرًا، بعد عقبات عديدة واجهتها الشركة الأمريكية منذ إعلان خططها لبناء مصنع للسيارات والبطاريات، والذي يتوقع جيه بي مورجان أنه سينتج 54 ألف سيارة في عام 2022، ويرتفع ذلك إلى 280 ألف سيارة العام المقبل.

 

أما من ناحية الحركة الفنية , تشير الحركة بالزخم الصاعد الحالي الى توقع الصعود فوق القمة التاريخة 1245 دولار مستهدفا 1264 دولار والتي قد تمثل مستويات مقاومة مهمة في مسار السهم قد تدفعة للعودة الى اختبار مستوى الدعم النفسي الالف دولار

 

ومن جهة أخرى، لا نستطيع أن نغفل أن الصعود الأخير لسهم تسلا تزامن مع ارتفاع البيتكوين بأكثر من 12% في الـ7 أيام الماضية، لتتجاوز مستويات 48 ألف دولار، وهو ما يعزز قيمة حيازة شركة السيارات الكهربائية من العملة المشفرة، خاصة وأنها اشترت ما مجموعه 1.5 مليار دولار من البيتكوين العام الماضي.

 

اياد عارف 

مؤسس موقع نمازون الإقتصادي