بعد نجاح تسلا في إبهار المستثمرين، تطل علينا شركة نيو الصينية كنجمة أخرى في سماء صناعة السيارات الكهربية بقصة نمو رائعة في 2020 تحكي عن مكاسب قوية ومبيعات قياسية وطموح في منافسة أكبر صانعة للمركبات الكهربية في العالم.

تسعى الشركة الصينية البالغة من العمر ست سنوات لمنافسة تسلا الأمريكية، ولكن لايزال أمامها مشوار طويل للحاق بالشركة التي تغرد خارج سرب صناعة السيارات بقيمة سوقية تجاوزت نصف تريليون دولار ومكاسب حوالي 550% هذا العام.

 

ومع التفاؤل حيال صناعة السيارات الكهربية والتوجه العالمي لمركبات الطاقة الجديدة  ارتفع سهم الشركة الصينية بأكثر من 1000% في العام الجاري، ، لتعزز نيو دورها كمنافس لـتسلا في قطاع السيارات الكهربية في الصين، حيث تستفيد كلتا الشركتين مع تراجع جائحة فيروس كورونا في السوق الأكبر عالمياً لهذه الصناعة.

 

وكما هو حال هذا القطاع لم تكن البدايات سهلة حيث عانت نيو في بدايتها من أزمات مالية ضخمة، وتداول السهم في الغالب أدنى من سعر الاكتتاب العام في بورصة نيويورك في سبتمبر 2018، لكن ساهم دعم الحكومة الصينية في انتشال الشركة التي كانت على حافة الانهيار، إلا أن التطور السريع لـنيو وتقليصها للخسائر رويداً رويداً جعلها على بعد خطوة من تحقيق الربحية، مما يشير إلى أنها تسير على درب تسلا التي عانت أيضاً صعوبات قبل الوصول للأرباح

 

أرقام قياسية

واصلت نيو الأرقام القياسية خلال الربع الثالث من العام الجاري، حيث قامت بتسليم حوالي 12,206 ألف سيارة كهربية لأول مرة على الإطلاق، ليصل إجمالي التسليمات هذا العام حتى الآن إلى 26,375 ألف سيارة، مع استمرار تعافي الصين من تفشي فيروس كورونا، وتدفق المستهلكين على سيارات الطاقة الجديدة.

 

وانعكس ذلك بالطبع على إيرادات الشركة الصينية التي ارتفعت بأكثر من 146% خلال الربع الثالث على أساس سنوي، لتصل إلى 666.6 مليون دولار، في حين سجلت خسائر فصلية قدرها 14 سنتاً للسهم، مما يعني أنها قلصت خسائرها بحوالي 60% عن الربع نفسه من العام الماضي، وكان ذلك جيداً بما يكفي للتغلب على تقديرات محللي وول ستريت عند خسارة 0.17 دولار للسهم الواحد.

 

هذا ويتوقع المدير المالي للشركة ستيفن وي فينج أن تزيد مبيعات نيو مرة أخرى في الربع الرابع، إلى ما بين 16,5 و17 ألف سيارة ، مما يحقق إيرادات تتراوح بين 922 و948 مليون دولار.

 

قفزة السهم

قبل حوالي 12 شهراً، كانت نيو على وشك الانهيار حينما وصل السهم إلى أدنى مستوى على الإطلاق عند 1.36 دولار، وسط تضاؤل السيولة النقدية والمبيعات الضعيفة، لكن تحول العام الذي كان نقمة على العالم إلى أفضل نعمة للشركة الصينية حيث يقف السهم حالياً عند مستويات قياسية أعلى 55 دولاراً.

لا توجد شركة أخرى أفضل من نيو لتوضح التحول السريع في تصور المستهلكين والمستثمرين للسيارات الكهربية، مع ارتفاع سهم نيو منذ بداية العام الجاري بأكثر من 1300%، مما دفع القيمة السوقية للشركة البالغة 75 مليار دولار أعلى أحد عملاقة صناعة السيارات في العالم جنرال موتور.

(أداء سهم نيو منذ بداية العام)

وأصبح سهم نيو الثور الجديد في وول ستريت، حيث رفع بنك أوف أمريكا هدفه السعري بأكثر من الضعف من 23 إلى 54.70 دولارًا، كما رفع دويتشه بنك وجيه بي مورجان هدفهما للسهم حيث ذهب كلاهما إلى 50 دولارًا من الأهداف السابقة البالغة 34 دولارًا و46 دولارًا على التوالي

 

ومع هذه الارتفاعات الحادة، ليس من الغريب أن يفكر المستثمرون في جني الأرباح في الوقت الحالي، لكن في الحقيقة قد يكون الانتظار ذا قيمة كبيرة، لأن أداء الشركة الصينية يبشر بأيام أفضل تنتظرها حيث اكتسب زخماً كبيراً ومهدت الطريق لعام جديد من النمو والربحية، مما يشير إلى أننا قد نرى تسلا جديدة.

 

هل تنافس نيو تسلا ؟

حالياً لا وجه للمقارنة بين نيو التي تتوسع في الصين سوقها الوحيد، وتسلا عملاق صناعة السيارات الكهربية في العالم، وصاحبة أكبر قيمة سوقية بين صناع السيارات، لكن حرب المنافسة في السوق الصيني تشهد احتداماً كبيراً بين نيو وتسلا في الفترة المقبلة، حيث ارتفعت مبيعات نيو الشهرية لتتجاوز 5 آلاف سيارة للمرة الأولى في أكتوبر، بينما تراوحت مبيعات تسلا في الصين بين 11 إلى 12 ألف سيارة في الأشهر القليلة الماضية، وفقًا لبيانات صينية حيث لا تُبلغ الشركة الأمريكية عن أرقام المبيعات الشهرية للصين.

(المبيعات الشهرية لتسلا ونيو في الصين منذ بداية العام)

ورغم أن نيو تتخلف عن تسلا كثيراً في أحجام المبيعات إلى أنه ليس من المستحيل أن تلحق بالركب حيث أن البداية الصاروخية للشركة الصينية تعطى آمالاً بأنها قد تنافس تسلا، بدعم الحكومة الصينية التي تهدف إلى دخول معركة السيارات الكهربية مع الولايات المتحدة، خاصة مع خططها لأن تمثل مبيعات السيارات الكهربية نصف السوق الصيني بحلول 2035.

 

ويُجدر الإشارة هنا إلى أن التغييرات الأخيرة في نظام الإعانات في بكين قد تعود بالفائدة على شركة نيو أكثر، ففي أبريل الماضي، قررت بكين تمديد برنامج الدعم الخاص بها حتى عام 2022 لسيارات الركاب الأرخص ثمناً، وقالت إنها ستوفر دعمًا لشركات السيارات الكهربية التي تصنع السيارات ببطاريات قابلة للتبديل، مما يمنح نيو، التي تعد رائدة في خدمات تبديل البطاريات، مرونة أكبر في كيفية تسعير موديلات سياراتها.

 

ولا ننسى أن هناك تسارع نحو التوسع السيارات الكهربية بين عمالقة السيارات التقليدية، والدليل على ذلك أن أكبر شركة لصناعة السيارات في الصين من حيث المبيعات سايك موتور كورب تجاوزت تسلا ونيو في مبيعات سيارات الطاقة الجديدة المحلية الشهر الماضي، فهل تثبت نيو أنها قادرة على الازدهار وسط هذه المنافسة الشرسة؟

 

أخيراً، رغم أن حجم مبيعات نيو لا يزال ضئيلاً مقارنة بمنافسين أكبر في صناعة السيارات الكهربية، لكنه يبقى واعداً حيث يراهن الكثير على أن المستقبل سيكون مزدهراً لشركة نيو خاصة في ظل توقعات توسع السيارات الكهربية في الصين بسرعة خلال السنوات القادمة