تقرير خاص 

اعداد فريق العمل 

 

تشكل البيانات اليوم المصدر الأكثر قيمة في العالم، وباتت المحرك الرئيسي للاقتصاد في ظل تقلبات سوق النفط، كما تحفز البيانات النمو التغيير وتمهد الطريق لمجتمعات أكثر عدالة وكفاءة.

وفي مجال الرعاية الصحية على سبيل المثال، يتم استخدام البيانات للتنبؤ بالأوبئة، ومنع الأمراض، وتحسين العلاجات، كما تستفيد الحكومات من البيانات أثناء تنفيذ المشاريع الجوهرية، من خلال معرفة أين يجب بناء مدارس جديدة أو إنشاء خطوط حافلات مثلاً.

في الواقع، كل قطاعات ومجالات المجتمع من المناخ إلى الذكاء الاصطناعي، سوف تتأثر بشكل إيجابي من خلال تحسين الوصول إلى البيانات، ما يخلق فرصة اقتصادية جديدة.

وتشير المفوضية الأوروبية، إلى أن اقتصاد البيانات في الاتحاد الأوروبي وحده بلغ 300 مليار يورو في عام 2016 ومن المتوقع أن يتضاعف بحلول 2020 ليصل إلى 739 مليار يورو.

على الصعيد العالمي، سيولد اقتصاد البيانات ما لا يقل عن 13 مليار دولار في النشاط الاقتصادي العالمي الجديد بحلول 2030، ما يؤدي لخلق قوى اقتصادية جديدة تؤثر على النظام المالي العالمي ككل.

في الوقت الذي تبدو فيه الصين والولايات المتحدة كقوتين رائدتي بمجال الذكاء الاصطناعي إلا أن مصادر البيانات لا يمكن أن تتركز بمكان محدد، وعليه سنجد لاعبين جدد وغير متوقعين فيما يخص تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ومن المحتمل أن يكون النظام العالمي الجديد الذي يتخذ الشكل أكثر تعقيداُ من التركيب ثنائي القطب (الصين وأمريكا)، خاصة وأن البيانات يتم إنتاجها بوتيرة متسارعة.

وعليه نجد دول مثل بولندا والمكسيك والتشيك ونيوزيلندا والأرجنتين وتشيلي ضمن قائمة أقوى الدول في اقتصاد البيانات حول العالم، بغض النظر عن عدم تفوقها على صعيد الاقتصاد التقليدي، فترتيب الدول يتم بناءً على حجم ومتوسط إنتاج واستهلاك البيانات، وعدد المستخدمين النشطين على الإنترنت، وسهولة الوصول للبيانات.

صعوبة تجارة البيانات

إذا كانت قيمة البيانات واضحة وإمكاناتها هائلة جداً، فلماذا لم تحدث ثورة البيانات بعد؟ لماذا لا نزال ننتظر المبتكرات المبنية على البيانات والتحولات المجتمعية المغيرة لقواعد السوق؟

السبب هو أن معظم البيانات تأتي في صيغة غير هيكلية، وبالتالي هناك صعوبة في تحويلها لبيانات منظمة، كما يتم اعتماد نماذج بيانات غير متوافقة أثناء عملية التنظيم من قبل مالكي البيانات، فضلاً عن أنه لم يتم التوصل إلى كيفية تسعير البيانات وتبادلها بكفاءة حتى الآن.

بمعنى آخر، لا توجد معايير أو منصات لجعل تبادل البيانات عملية سلسة مثل أسواق الأسهم، ونتيجة لذلك، يعد تداول بيانات أمر ممل ومكلف غالباً وغير فعال ومرهق من الناحية القانونية.

وعليه، يجب إنشاء البنية الأساسية والحوافز اللازمة لمالكي وهواة جمع البيانات لإتاحة بياناتهم للآخرين، كي نتمكن من إطلاق العنان لإمكانات اقتصاد البيانات بالكامل.

الدخول في أسواق البيانات

يمكن اعتبار سوق البيانات بمثابة منصة لتبادل المعرفة تعمل على توفير البنية التحتية وخلق الحوافز للتبادل من خلال السماح لكافة الأطراف ببيع وشراء الموارد بحرية.

وعلى الرغم من اختلاف خصائص أسواق البيانات المختلفة اعتماداً على حالة الاستخدام المحددة الخاصة بها، بشكل عام، فإن نموذج سوق البيانات يسمح بتجنب البيانات أحادية المصدر، غير الدقيقة والمكلفة، وتساعد المالكين على حفظ البيانات في شكل منظم وجعلها متاحة للآخرين.

كما يحدد السوق نموذج بيانات مشترك وواجهة للمشترين والبائعين لتبادل البيانات، ويمكن مقدمي الخدمات من تحديد الأسعار الخاصة بهم بينما يتيح للمستهلكين اختيار الجهة التي سيتعاملون معها.

ولضمان بنية تحتية دقيقة سريعة وآمنة وقابلة للتوسع وحرية الاستخدام، يتم العمل على المشاريع التي تستفيد من تكنولوجيا سلسلة الكتل بلوك تشين لجعل البيانات أحد الأصول القابلة للتداول، وبالتالي أسواق البيانات التي تعمل بالطاقة التي تعمل بنظام بلوك تشين هي الابتكار الذي سيقود اقتصاد البيانات الناشئ.

 

تمكين الشباب لتسريع اقتصاد البيانات في الشرق الأوسط

حث تقرير شركة برايس ووترهاوس كوبرز للاستشارات الإدارية، الحكومات على دعم وتمكين شبابها لقيادة اقتصاديات البيانات من خلال إشراكهم من خلال الأدوات التشاركية، وأكدت الشركة على ضرورة التعامل مع الشباب كمحركين لهذا النموذج الجديد لحل مشكلة عدم المساواة في البيانات داخل المنطقة.

وبالأمس انطلقت أعمال الدورة السابعة للقمة العالمية للحكومات في مدينة دبى، وأقرت خلالها الحكومات بالحاجة إلى الانتقال إلى نماذج تعليمية مبتكرة، وضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص والأوساط الأكاديمية لاعتماد عقلية تعليمية جديد تواءم احتياجات المستقبل.

كما تحتاج الحكومات إلى الاستثمار أكثر في تدريب الموظفين من جميع الأعمار على المهارات الإبداعية المطلوبة لفهم تداعيات التكنولوجيات الناشئة، إضافة إلى وضع مؤشرات وطنية للشباب واقتصاد البيانات، والاستفادة من البيانات الحكومية لإيجاد الفرص، وخلق سوق عمل للذكاء الصناعي.

ختاماً، تطور الدول بمجال اقتصاد البيانات يتطلب التعاون لخلق بنية تحتية وبيئة تشريعية وقانونية تسهل توظيف هذا المصدر القيم، لخلق فرص جديدة والاستفادة من الطاقات الشابة في هذا المجال.