تراهن شركة إنفيديا Nvidia على الروبوتات باعتبارها المحرك الرئيسي التالي لنموها، في الوقت الذي تواجه فيه الشركة الأميركية العملاقة في صناعة أشباه الموصلات، والتي تعد الأكثر قيمة في العالم، منافسة متزايدة في قطاعها الأساسي المتعلق بصناعة الرقائق الأساسية للذكاء الاصطناعي.
وتستعد «إنفيديا»، التي اشتهرت بتطوير البنية التحتية التي عززت ازدهار الذكاء الاصطناعي، لإطلاق الجيل الجديد من أجهزة الكمبيوتر المدمجة المصممة للروبوتات الشبيهة بالبشر، والتي أُطلق عليها اسم «Jetson Thor»، خلال النصف الأول من عام 2025.
وتسعى الشركة لترسيخ مكانتها كمنصة رائدة في ما تصفه المجموعة التقنية بثورة الروبوتات الوشيكة. وتوفر «إنفيديا» حلاً شاملاً، بدءاً من برمجيات تدريب الروبوتات المعززة بالذكاء الاصطناعي وصولاً إلى الرقائق التي تُدمج في هذه الروبوتات.
وقال ديبو تالا، نائب رئيس قطاع الروبوتات في «إنفيديا»، لصحيفة فاينانشال تايمز: «لحظة شبيهة بـ ChatGPT للذكاء الاصطناعي الفيزيائي والروبوتات باتت قريبة»، مضيفاً أن السوق وصل إلى «نقطة تحول».
ويأتي هذا التوجه نحو الروبوتات في وقت تشهد فيه «إنفيديا» منافسة متزايدة على رقائق الذكاء الاصطناعي القوية من شركات منافسة مثل «إيه إم دي»، بالإضافة إلى عمالقة الحوسبة السحابية مثل «أمازون» و«مايكروسوفت» و«غوغل»، الذين يسعون إلى تقليل اعتمادهم على شركة أشباه الموصلات الأميركية.
القيمة السوقية لشركة إنفيديا
تجاوزت القيمة السوقية لشركة «إنفيديا» حاجز 3 تريليونات دولار أميركي، بفضل الطلب الهائل على رقائق الذكاء الاصطناعي التي تنتجها. وقد اتخذت الشركة موقعاً بارزاً كمستثمر في مجال «الذكاء الاصطناعي الفيزيائي»، في مسعى لدعم نمو الجيل القادم من شركات الروبوتات.
في فبراير شباط الماضي، كانت «إنفيديا» من بين عدة شركات، بما في ذلك «مايكروسوفت» و«أوبن إيه آي»، التي استثمرت في شركة «فيغر إيه آي» المتخصصة في الروبوتات البشرية، والتي بلغت قيمتها التقديرية 2.6 مليار دولار أميركي.
ورغم التقدم، لا يزال مجال الروبوتات قطاعاً ناشئاً لم يحقق عوائد كبيرة حتى الآن. تعاني العديد من الشركات الناشئة في هذا المجال من صعوبات تتعلق بتوسيع نطاق عملياتها، وخفض التكاليف، وتحسين دقة منتجات الروبوتات.
لا تفصح «إنفيديا» عن مبيعات منتجات الروبوتات بشكل منفصل، لكنها تمثل حالياً جزءاً صغيراً من إجمالي إيراداتها. وتشكل إيرادات مراكز البيانات، التي تشمل رقائق الذكاء الاصطناعي GPU المطلوبة بكثافة، نحو 88% من إجمالي مبيعات الشركة البالغة 35.1 مليار دولار أميركي في الربع الثالث من العام.
ومع ذلك، أشار ديبو تالا إلى أن سوق الروبوتات يشهد تحولاً مدفوعاً بإنجازين تقنيين رئيسيين: الانفجار في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وإمكانية تدريب الروبوتات على هذه النماذج الأساسية باستخدام بيئات محاكاة.
التطور الأخير كان ذا أهمية كبيرة لأنه يساعد في حل ما يُعرف بين خبراء الروبوتات بـ«الفجوة بين المحاكاة والواقع»، مما يضمن أن الروبوتات التي تُدرَّب في بيئات افتراضية يمكنها العمل بفعالية في العالم الحقيقي، وفقاً لتالا.
وقال تالا: «خلال الأشهر الـ12 الماضية، نضجت هذه الفجوة بشكل كافٍ لتمكيننا من إجراء تجارب في المحاكاة، بالتكامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهي أمور لم نكن نستطيع القيام بها قبل عامين. نحن نوفر المنصة التي تمكّن جميع هذه الشركات من تنفيذ أي من هذه المهام».
انضم تالا إلى «إنفيديا» في عام 2013 للعمل على شريحة «تيغرا» التي استهدفت في البداية سوق الهواتف الذكية. ومع ذلك، اتجهت الشركة بسرعة نحو مسار جديد، حيث أشرف تالا على إعادة توجيه حوالي 3,000 مهندس للعمل في مجالات الذكاء الاصطناعي والتدريب الذاتي، مثل تدريب المركبات المستقلة. وكان هذا التوجه هو بداية تطوير «جيتسون»، سلسلة وحدات «العقل» الروبوتية من «إنفيديا»، والتي ظهرت في عام 2014.
توفر «إنفيديا» أدوات في ثلاث مراحل من تطوير الروبوتات: برامج تدريب النماذج الأساسية التي تعتمد على نظام «دي جي إكس» الخاص بها؛ محاكاة للبيئات الواقعية من خلال منصة «أومنيفيرس»؛ والأجهزة التي تعمل كـ«عقل» داخل الروبوتات.
في ديسمبر كانون الأول الماضي، أعلنت شركة «أبترونيك»، التي تستخدم تقنيات «إنفيديا» في تطوير روبوتاتها البشرية، عن شراكة استراتيجية مع «غوغل ديب مايند» لتحسين منتجاتها.
السوق العالمية للروبوتات
ووفقاً لباحثي السوق الأميركيين في شركة «بي سي سي»، تُقدر قيمة سوق الروبوتات العالمية حالياً بحوالي 78 مليار دولار أميركي، ومن المتوقع أن تصل إلى 165 مليار دولار أميركي بحلول نهاية عام 2029.
نشرت «أمازون» بالفعل تقنية محاكاة الروبوتات الخاصة بـ«إنفيديا» في ثلاثة من مستودعاتها في الولايات المتحدة، فيما تشمل قائمة العملاء الآخرين شركة «تويوتا» و«بوسطن ديناميكس»، اللتين تستخدمان برامج التدريب التي تقدمها «إنفيديا».
ورغم ذلك، يرى ديفيد روزن، رئيس مختبر «روبست أوتونومي» في جامعة نورث إيسترن، أن سوق الروبوتات لا يزال يواجه تحديات كبيرة، منها تدريب النماذج والتحقق من سلامتها عند التشغيل.
وقال روزن: «حتى الآن، لا نملك أدوات فعّالة للتحقق من خصائص الأمان والموثوقية لأنظمة التعلم الآلي، خصوصاً في مجال الروبوتات. هذه قضية علمية مفتوحة ورئيسية في هذا المجال».