لم تظهر مرونة الاقتصاد الأمريكي أي مؤشرات دالة على التراجع أو التباطؤ. حيث أشار بنك الكويت الوطني في تقرير له، اليوم الأحد، إلى أنه ورغم تباين مجموعة البيانات التي صدرت مؤخراً، لكنها ما تزال ترسم صورة لاقتصاد قوي يواصل النمو بصفة عامة. وتم تعديل القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي عن فترة الربع الثالث من العام الحالي ورفعها بشكل غير متوقع من 2.9% إلى 3.2%. ويعزى هذا النمو إلى تحسن الصادرات والإنفاق الاستهلاكي بوتيرة جيدة.
أما بالنسبة لسوق العمل، فلم تشهد طلبات الحصول على إعانات البطالة الأمريكية تغيراً يذكر الأسبوع الماضي. إذ ارتفعت الطلبات بمقدار ألفي طلب فقط لتصل إلى 216 ألف طلب، لتظل بذلك قريبة من أدنى مستوياتها المسجلة تاريخياً، مما يؤكد إحجام الشركات عن تسريح الموظفين في ظل قلة توافر العرض في سوق العمل. وما يزال سوق العمل ضيقاً على الرغم من ملاحظة بعض المؤشرات الدالة على التباطؤ، هذا إلى جانب الاختلال المستمر في سوق العمل بين العرض والطلب مما يضغط على الأجور ويدفعها للارتفاع.
وهناك بعض المؤشرات الدالة على أن رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بدأ يؤتي بثماره من خلال إبطاء وتيرة نمو الاقتصاد، حيث تقلصت مبيعات العقارات السكنية في الولايات المتحدة بنسبة 7.7% في نوفمبر، مسجلة الشهر العاشر على التوالي من الانخفاض نظراً لما أدى له ارتفاع معدلات الرهن العقاري في الحد من قدرة المشترين على تحمل التكاليف.
وفي مؤشر آخر، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، مقياس التضخم المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، بوتيرة أكثر تواضعاً في نوفمبر بنسبة 0.2% على أساس شهري وبنسبة 4.7% على أساس سنوي بما يتماشى مع التوقعات. كما تباطأت وتيرة النمو مقارنة بارتفاع الشهر الماضي الذي وصل إلى 0.3% والمعدل السنوي بنسبة 5%.
إلا أنه في ظل تراجع معدلات التضخم وانخفاض أسعار البنزين لأدنى مستوياتها المسجلة منذ منتصف عام 2021، تحسنت معنويات الأمريكيين تجاه الاقتصاد. وارتفعت ثقة المستهلك في ديسمبر إلى أعلى مستوياتها منذ أبريل بعد تسجيلها تراجعات شهرية متتالية، إذ ارتفع مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن كونفرنس بورد إلى 108.3 نقطة، بارتفاع حاد مقابل 101.4 نقطة في نوفمبر.
كما ارتفع مؤشر الوضع الحالي المستند إلى تقييم المستهلكين للظروف الحالية للأعمال وسوق العمل إلى 147.2 نقطة مقابل 138.3 نقطة الشهر الماضي. وصعد مؤشر التوقعات الذي يعتمد على توقعات المستهلكين قصيرة الأجل للدخل والأعمال وظروف سوق العمل إلى 82.4 نقطة صعوداً من 76.7 نقطة. لكن المؤشر مازال يتراوح حول 80 وهو مستوى مرتبط بالركود.
ومع إشارة البيانات إلى أن ضغوط الأسعار ربما تكون قد بلغت ذروتها وأن الأسواق تتوقع وقف الاحتياطي الفيدرالي وتيرة رفع أسعار الفائدة، تصاعدت الأصوات المتشددة. وأوضح مجلس الاحتياطي الفيدرالي أنه مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم على أساس سنوي، متخطية أكثر من 7%، فمن السابق لأوانه التخلي عن سياسات رفع أسعار الفائدة.
وتعهد مسؤولو البنك المركزي بمواصلة رفع أسعار الفائدة حتى يتأكدوا من انخفاض معدل التضخم. ويبدو أن التوقعات الاقتصادية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي تتضمن الافتراض بعودة التضخم للارتفاع مجدداً بنهاية العام الحالي، كما يتوقع المسؤولون أن ينهي معدل التضخم الأساسي عام 2022 في حدود 4.8%، مقابل 4.5% المتوقعة في سبتمبر.
من ناحية أخرى، استعاد الدولار الأمريكي توازنه بعد مفاجأة اجتماع السياسة النقدية لبنك اليابان هذا الاسبوع. كما أدى تشدد مجلس الاحتياطي الفيدرالي لسياساته النقدية والدعم الاقتصادي القوي إلى إبقاء الدولار مستقراً عند مستوى 104.325، مع الابقاء على مكاسب أقرانه الرئيسيين محدودة.