أنهت أسعار النفط عام 2022 على ارتفاع في ظل ترقب الأسواق لأوضاع الصين بعد تخليها عن سياسة صفر كوفيد وانعكاس ذلك على تعزيز نمو الطلب على النفط في عام 2023، الذي يزداد فيه احتمال الركود العالمي. وعلى جانب العرض، دخلت تدابير الحظر ووضع سقف لسعر النفط الروسي التي فرضها الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الصناعية السبع حيز التنفيذ في ديسمبر، بينما أكدت أوبك وحلفاؤها خفضها لحصص الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يومياً في عام 2023. ومن المقرر أن نشهد نقص في إمدادات سوق النفط خلال عام 2023، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عن مستوياته الحالية.

 

وقال بنك الكويت الوطني في تقرير تلقى موقع نمازون نسخته، اليوم الاثنين، إنه ورغم توقع تسبب برودة الطقس بنصف الكرة الشمالي إلى تعزيز الاستهلاك خلال الأشهر القليلة المقبلة، إلا أن مسار الطلب على النفط سيتأثر بصورة أكبر بنمو الاقتصاد العالمي، وعلى وجه التحديد محركاته الرئيسية والتي تتمثل في الولايات المتحدة والصين وأوروبا. وبعد أيام قليلة فقط من بداية عام 2023، حذر صندوق النقد الدولي بالفعل من أن الاقتصادات الثلاثة تتباطأ في آن واحد وتوقع أن يكون عام 2023 أصعب من العام الذي نتركه خلفنا.

 

وتباطأت وتيرة النمو الاقتصادي منذ منتصف عام 2022 في ظل العديد من العوامل السلبية بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع معدلات التضخم وتزايد أسعار الطاقة، وتشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة بوتيرة هي الأكثر صرامة منذ الأزمة المالية، هذا إلى جانب الجائحة المتفشية في الصين. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن الطلب العالمي على النفط، الذي كان يتراوح حول 100.8 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من عام 2022 (لم يشهد تغير يذكر في الغالب من حيث النمو على أساس ربع سنوي وسنوي)، ومن المتوقع أن يتراجع بأكثر من مليون برميل يومياً على أساس ربع سنوي ليصل إلى 99.7 مليون برميل يومياً.

 

وتعتبر توقعات وكالة الطاقة الدولية للربع الأول من عام 2023 هي الأقل مقارنة بوكالات الطاقة العالمية الثلاث الرائدة (الرسم البياني 4). إذ تشير التوقعات لتسارع وتيرة الطلب على النفط بدءاً من الربع الثاني من عام 2023 فصاعداً ليصل إلى 103.4 مليون برميل يومياً بالربع الرابع من عام 2023 بدعم رئيسي من اعادة فتح الصين لاقتصادها - إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب على النفط بمقدار 820 ألف برميل يومياً (+5.5% على أساس سنوي) في عام 2023 - هذا إلى جانب تحول البنوك المركزية العالمية إلى تخفيف سياسات التشديد النقدي. وبالنسبة لعام 2023 ككل، من المتوقع أن يصل متوسط الطلب على النفط إلى 1.7 مليون برميل يومياً، بتراجع 2.3 مليون برميل يومياً عن تقديرات عام 2022.

 

وعلى جانب العرض، فإن رد روسيا على حظر النفط الخام الذي فرضه الاتحاد الأوروبي (من المقرر أن يبدأ فرض حظر على المنتجات المكررة الشهر المقبل) وفرض مجموعة الدول السبع سقفاً لسعر صادرات الخام الروسي، هذا إلى جانب قرارات أوبك+ لإدارة الامدادات، ستكون من العوامل الرئيسية لتحديد تحركات أسعار النفط العالمية. إذ أعلنت روسيا بالفعل عن حظر تصدير النفط لأي دولة تشارك مجموعة السبع في وضع سقف لسعر النفط الروسي، وأشارت إلى أنها قد تخفض الإنتاج بمقدار 500-700 ألف برميل يومياً رداً على القرار. من جانبها، تعتزم أوبك+ مواصلة خفض الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يومياً طوال عام 2023 بأكمله، بعد أن أعادت التأكيد على قرارها بخفض الإمدادات التي أقرتها في أكتوبر خلال اجتماع ديسمبر.

 

وما تزال آفاق أسعار النفط في عام 2023 غير مؤكدة، في ظل وجود رياح معاكسة يفرضها الركود العالمي وزيادة إمدادات النفط من خارج أوبك وتراجع انتاج الولايات المتحدة وإعادة فتح اقتصاد الصين (بمجرد التغلب على موجة كوفيد-19 الحالية)، وانخفاض الإمدادات الروسية بعد فرض الحظر / وضع سقف للأسعار، والتقليص الشديد لإنتاج الأوبك وحلفائها. إلا أن بنك الكويت الوطني يرى أن عوامل جانب العرض سوف تلعب دوراً متزايداً بدايةً من الربع الثاني من عام 2023 فصاعداً، مع توقع تأثير إيجابي على أسعار النفط، ليصل متوسط السعر خلال العام إلى مستوى 90 دولاراً للبرميل