تباطؤ المبيعات يعصف بسهم أمازون.. ماذا عن القادم؟
سهم أمازون يعاني بين مطرقة تباطؤ المبيعات وسندان أسعار الفائدة , فأين تتجه الأسعار وهل فعلا يمثل فرصة إستثمارية ؟؟ ومتى سعر الدخول ؟؟
ما زال شبح الركود الاقتصادي يطارد أسهم التكنولوجيا سريعة النمو، لا سيما شركة أمازون، التي تعتمد أعمالها في الغالب على المبيعات وطلب المستهلكين، في وقت تحارب فيه البنوك المركزية العالمية بشراسة ارتفاع معدل التضخم، وهو ما أودى بسهم أمازون إلى تسجيل خسائر قوية جعلت الشركة على وشك فقدان علامة التريليون دولار، فهل يتعافى من خسائره أم الأسوأ لم يأت بعد؟
يقف سهم أمازون حاليًا عند أدنى مستوى في 3 أشهر ونصف، مع تباطؤ المبيعات عبر الإنترنت في العام الجاري، عقب عامين من النمو السريع، حيث استفادت الشركة من تداعيات جائحة كورونا وقيود الحركة التي شجعت طلب المنتجات عبر الإنترنت، الأمر الذي جعل القيمة السوقية لعملاق التجزئة الإلكترونية تقترب من مستوى 2 تريليون دولار، قبل أن تتراجع بشكل كبير.
تراجع قوي لسهم أمازون
أنهى سهم أمازون تعاملات الجمعة الماضية على تراجع بنحو 5%، مسجلًا 106.9 دولارًا للسهم، وهو أقل مستوى منذ جلسة 30 يونيو المنصرم، مع تقارير تشير إلى تراجع قيمة المبيعات خلال حدث عملاء برايم الأسبوع الماضي، رغم أن الشركة أعلنت في بيان أن العملاء طلبوا أكثر من 100 مليون قطعة.
*أداء سهم أمازون خلال 12 شهرًا
وبلغت عائدات المبيعات التي حققتها أمازون خلال فترة الحدث التسويقي من 12 إلى 13 أكتوبر، نحو 8 مليارات دولار، وهذا يقل بنسبة 25% عن برايم داي الذي أقيم في يوليو الماضي وحقق إيرادات 10.7 مليار دولار، وفق تقديرات المحلل في بنك أوف أمريكا جاستن بوست، وهذا يدل على تراجع إنفاق المستهلكين بفعل ارتفاع معدل التضخم.
والجدير بالملاحظة أن وضع تجار التجزئة انقلب رأسًا على عقب، ففي 2021، كان عمالقة التجزئة مثل أمازون قلقين بشأن عدم وجود منتجات كافية في مواسم التسوق، بسبب اضطرابات سلاسل التوريد بعد كورونا، والآن وبعد عام تقريبًا، تبذل هذه الشركات ما في وسعها لمحاولة جذب المتسوقين الذين يعانون من التضخم، مع القلق من تراكم المنتجات.
وفضلًا عن التأثير المباشر للتضخم في مبيعات التجزئة لشركة أمازون، فإن هناك تداعيات أخرى غير مباشرة، حيث اضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل قوي لكبح جماح التضخم، حتى وصل معدل الفائدة الأمريكية حتى الآن إلى نطاق 3.25%، بعدما كانت بالقرب من الصفر قبل مارس الماضي.
وأشارت أحدث البيانات إلى زيادة مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنحو 8.2%، خلال سبتمبر/أيلول الماضي، ليكون بالقرب من أعلى مستوياتها في 40 عامًا، وهذا بالطبع عزز احتمالية رفع الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خلال اجتماع الاحتياطي الفيدرالي أوائل نوفمبر المقبل لأكثر من 97%، ذلك بحسب أداة، سي إم إي، التي تتبع تداول العقود الآجلة للفائدة الأمريكية، كما يوضح الرسم البياني التالي:
ومن شأن ارتفاع أسعار الفائدة وعوائد السندات الأمريكية أن يؤثر سلبًا في قيمة التدفقات النقدية المستقبلية لأسهم النمو مثل أمازون، كما أن الفائدة المرتفعة تجعل التمويل، الذي قد تحتاجه الشركة لتطوير أعمالها، أكثر تكلفة.
ومع هذه العوامل السلبية، بلغت خسائر سهم أمازون منذ بداية العام الجاري نحو 36%، وأكثر من 75% من ذروته المسجلة أوائل يوليو 2021 فوق 188 دولارًا للسهم، مع وصول القيمة السوقية حينذاك إلى 1.9 تريليون دولار، قبل أن تتراجع منذ ذلك الحين وتصل حاليًا إلى 1.08 تريليون دولار.
ما التداعيات على الأداء المالي؟
لا شك أن جزءًا من الانخفاض في سهم أمازون يرجع إلى خسائر سوق الأسهم الأوسع نطاقًا مع مخاوف المستثمرين من ارتفاع معدل التضخم ورفع أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي، لكن السبب المباشر لانخفاض السهم هذا العام يرجع إلى القلق من الأداء المالي للشركة بصفة خاصة ومن قدرتها على تحقيق ذات معدلات النمو والربحية التي حققته في زمن وباء الكوفيد.
حيث اعلنت شركة امازون في الربع الأول من 2022، عن أول خسارة ربع سنوية لها منذ عام 2015، بقيمة 3.84 مليار دولار، مقابل أرباح بنحو 8.11 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021، فيما ارتفعت إيرادات الشركة العملاقة بنسبة 7% على أساس سنوي، لتصل إلى 116.44 مليار دولار خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري، وهى أقل وتيرة نمو منذ انفجار فقاعة الدوت كوم في عام 2001.
واستمرت خسائر أمازون في الربع الثاني من 2022، حيث بلغت 2.028 مليار دولار، مقابل صافي ربح 7.77 مليار دولار في الفترة نفسها من 2021، كما واصلت الإيرادات النمو بنسبة وتيرة الربع الأول البالغة 7%، لتصل إلى 121.23 مليار دولار.
*صافي الدخل لشركة أمازون خلال عام واحد
وفي محاولة لخفض التكاليف والتحول إلى الربحية على أساس فصلي، قررت أمازون تجميد التعيينات في الوظائف الإدارية لأعمال البيع بالتجزئة الخاصة بها، في إشارة إلى تداعيات تباطؤ المبيعات عبر الإنترنت، بعدما أحدث طفرة في التوظيف خلال الوباء.
ماذا عن التوقعات؟
تتوقع أمازون تحقيق إيرادات في الربع الثالث تتراوح بين 125 مليار دولار و130 مليار دولار، وهو ما يمثل نموًا بنسبة 13% إلى 17% على أساس سنوي، ما قد يدفع السهم إلى التعافي ولو نسبيًا من خسائره الأخيرة، لكن إذا جاءت المبيعات كما تبدو الآن أقل من المتوقع، فإن السهم سيعمق خسائره.
ولكن سينتظر المستثمرون موسم العطلات الذي من المفترض أن يحقق رواجًا لشركات التجارة الإلكترونية وعلى رأسها أمازون، لكن التوقعات ليست متفائلة حتى الآن، حيث ترى شركة أدوبي أنه من المتوقع أن ينمو إنفاق المستهلكين عبر الإنترنت خلال العطلات (من 1 نوفمبر إلى 31 ديسمبر 2022) بنسبة 2.5%، وهو ما يمثل أقل زيادة منذ بدء جمع البيانات عام 2015، وانخفاضًا من النمو البالغ 8.6% في العام الماضي.
كما أن التوقعات الاقتصادية السلبية يمكن أن تؤثر على الطلب، خاصة بعد أن خفض صندوق النقد الدولي في الأسبوع الماضي تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.7% وهو أضعف معدل نمو منذ عام 2001، محذرًا من أن الأسوأ لم يأت بعد.
وأمام كل ذلك، لازال يوصي محللو بنك أوف أمريكا بشراء سهم أمازون مع تحديد السعر المستهدف عند 157 دولارًا، ما يعني ارتفاعًا بنسبة 45% تقريبًا عن المستويات الحالية، في نظرة متفائلة تركز على المدى الطويل.
أما من الناحية الفنية لحركة السهم
مع تداولات اليوم 17 نوفمبر واغلاق سهم أمازون عند 113.79 دولار , في اعتقادنا ان السهم قد شكل قمة هابطة في نوفمبر 2021 من مستوى 188 دولار , ليبدأ بعدها رحلة تصحيح سعري ثلاثي الموجات , مع اهداف سعرية تمتد الى 92 دولار و 84 دولار ونوصي فعليا بالاستثمار بالسهم والشراء التجميعي من النطاق المستهدف , هذا ويبقى الزخم الهابط مستمر طالما بقي السهم تحت مستوى 134 دولار
صحيح أن المستثمر في سهم أمازون على المدى القريب قد يواجه بعض التقلبات في سعر السهم، لان التضخم لا يزال مرتفعًا ويفاقم التكاليف على الشركة، إضافة إلى أن المزيد من عمليات رفع أسعار الفائدة ما زالت مطروحة على الطاولة، الأمر الذي قد يثير مخاوف السوق أكثر.
ولكن للمستثمر على المدى الطويل، فإن شرمة أمازون لا تزال رائدة في التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية، ما يجعل في وضع مالي قوي وجذاب يمكن أن ينظر إليه المستثمرين على أنه مخزنًا للقيمة في السنوات المقبلة.
اياد عارف
مؤسس موقع نمازون الإقتصادي