تراجعت الأسهم وارتفعت عوائد السندات، لكنهما قلّصا التحركات الأكبر، بعدما هدّأ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، خلال مؤتمره الصحفي، المخاوف المبكرة بشأن تزايد قلق البنك المركزي تجاه التضخم.
شهد صندوق المؤشرات المتداولة كيو كيو كيو (QQQ) الذي تبلغ قيمته بقيمة 328 مليار دولار، ويتتبع مؤشر ناسداك 100، تذبذباً بعد إغلاق التداول المنتظم. وانتعشت أسهم شركة تسلا بعد انخفاضها الأولي عقب إعلان نتائجها، في حين تراجعت أسهم مايكروسوفت مع تباطؤ نمو قطاع الحوسبة السحابية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024.
أبقت لجنة السوق المفتوحة على سعر الفائدة الفيدرالي ضمن نطاق 4.25% إلى 4.5%. وفي بيان، كرر المسؤولون أن التضخم لا يزال مرتفعاً بعض الشيء، لكنهم رفضوا الإشارة إلى تحقيق تقدم نحو هدفهم البالغ 2%. لاحقاً، أوضح باول أن الإشارة إلى التضخم كانت مجرد اختصار لجملة كانت مكتوبة بشكل أطول في البيان، وليس إشارة ذات دلالة.
تشدد أقل
وكتب بيتر بوكفار، مؤلف تقرير ذا بوك ريبورت: باول يقول إنه لا داعي للقلق. وأضاف أن باول أكد في مؤتمره الصحفي أن التعديلات في التعليقات حول سوق العمل والتضخم في بيان المجلس الفيدرالي لا ينبغي تفسيرها على أنها إشارة معينة.
من جانبه، رأى كريشنا جوها من شركة إيفركور أن مؤتمر باول الصحفي كان أقل تشدداً بشكل ملحوظ مقارنة بتحديثات البيان.
تراجع مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 0.5%، وانخفض مؤشر ناسداك 100 بنسبة 0.3%، كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.3%.
ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار نقطتي أساس إلى 4.55%. لم يطرأ تغيير كبير على مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري، أما الدولار الكندي، فقد قلّص خسائره بعد أن خفض بنك كندا أسعار الفائدة، لكنه أسقط أي توجيهات بشأن تعديلات مستقبلية على تكاليف الاقتراض.
قلق عمالقة التكنولوجيا
كانت التقلبات الأخيرة بين عمالقة التكنولوجيا مصدر قلق كبير لوول ستريت، حيث تركزت الأسهم التي تقود أداء مؤشر إس آند بي 500 في عدد قليل من الشركات بشكل لم يحدث منذ أكثر من 20 عاماً. وتُظهر البيانات أن أقل من ثلث شركات المؤشر تمكنت من التفوق على أداء إس آند بي 500 خلال العامين الماضيين، كما أشار الاستراتيجي في بنك أوف أميركا مايكل هارتنيت.
يشبه ذلك ما حدث قبل فقاعة دوت كوم في نهاية التسعينات، عندما كان هناك عدد محدود من الأسهم يتفوق على المؤشر. وكانت المخاطر الناجمة عن هذا التركيز واضحة هذا الأسبوع، حيث أن التراجع الناتج عن إطلاق تطبيق ديب سيك (DeepSeek) قضى على نصف تريليون دولار من القيمة السوقية لشركة إنفيديا.
وقال تورستن سلوك من شركة أبولو: تصحيح الأسهم التقنية بسبب (ديب سيك) لم يغير المشكلة العامة المتعلقة بالتركيز في مؤشر (إس آند بي 500). ما زال المستثمرون في المؤشر معرضين بشكل كبير لقطاع التكنولوجيا.
واعتبر الاستراتيجيون في مجموعة غولدمان ساكس أن الهبوط الذي شهدته الأسهم الأميركية في بداية هذا الأسبوع كان مجرد لحظة عابرة، بالنظر إلى التوقعات الإيجابية للاقتصاد. ووفقاً لفريق الاستراتيجيين بقيادة بيتر أوبنهايمر، فإن هذا التراجع لا يعد تمهيداً لانخفاض مستمر للأسهم.
وقال الاستراتيجيون: أغلب اتجاهات التراجع تنشأ من توقعات بانخفاض الأرباح بسبب المخاوف من الركود، وهو أمر احتمالية حدوثه منخفضة في الأشهر الـ12 القادمة.
وفيما يلي ردود فعل وول ستريت على موقف الفيدرالي:
إيفان فينسيت تيغريس فاينانشيال إنتليجنس (Tigress Financial Intelligence): بشكل عام، لم يتغير شيء كبير في توقعات الفيدرالي. يرى باول أن التضخم في انخفاض بطيء لكنه مستمر، وأن سوق العمل وأسواق الإسكان قد بدأت في التحسن، مما ساعد في رفع أسعار الأسهم.
سكوت كولير أدفيزورز أسيت مانجمنت (Advisors Asset Management): تعليقات باول ببساطة تفيد بأنهم يريدون رؤية المزيد من المعلومات، لكنهم يشعرون بأنهم حققوا تقدماً طويل الأمد في مكافحة التضخم، وأن سوق العمل تظل قوية. هذا يعتبر انتصاراً في كلا الاتجاهين.
فرانك مونكام بافالو بايو كوميديتيز (Buffalo Bayou Commodities): لا أعتقد أن الفيدرالي قد قام بأي خطوة كارثية حتى الآن. كان هناك نوع من التشدد قليلاً، لكن لا يوجد شيء يمكن أن يعيق التحرك إلى الأسفل إذا جاءت الأرباح بشكل إيجابي. أعتقد أن هذه فرصة للاحتفاظ ببعض السيولة استعداداً للأرباح وشراء الأسهم الأميركية في حالة انخفاضها.
ديفيد راسل تريد ستايشن (TradeStation): البيان كان يحمل قليلاً من التشدد، لكن صناع السياسة في حالة انتظار مع فترة طويلة حتى اجتماع مارس. البيانات بين الآن ومارس ستحدد الاتجاه في ذلك الاجتماع الكبير القادم.
سيما شاه برينسيبال أسيت مانجمنت (Principal Asset Management): فيما يتعلق بالتوجيه، فإن الحقيقة هي أن الفيدرالي يحاول ببساطة الاستجابة للبيانات وسياسات الإدارة الجديدة كما تظهر. في مثل هذه الأوقات، عندما تكون السياسات الحكومية، خصوصاً سياسة الرسوم الجمركية، غير واضحة، فإنهم لا يملكون ميزة التنبؤ. من الحكمة إبقاء أسعار الفائدة على حالها حتى يظهر اتجاه واضح. لكن لا شك أنه إذا جاء تقرير التضخم الشهر المقبل منخفضاً، مع ضعف طفيف في نمو الوظائف، قد نبدأ في سماع نبرة أكثر تيسيراً في تصريحات الفيدرالي.
سمير سامانا ويلز فارغو إنفستمنت (Wells Fargo Investment): سنواصل التركيز على الأسباب التي تدفع الفيدرالي إلى عدم خفض الفائدة في أي وقت قريب، خاصةً الاقتصاد القوي وسوق العمل، ما يبشر بنمو أرباح الشركات القوي. سنكون من المشترين للأسهم الأميركية الكبيرة، وكذلك لقطاعات الطاقة، والخدمات الإعلامية، والمال، والصناعات، عند انخفاض الأسعار.
غريغ مكبرايد بانكريت (Bankrate): تقدم التضخم نحو هدف 2% قد تعثر، والفيدرالي يعلم بذلك. لم يقدم الفيدرالي أي إشارة في بيان ما بعد الاجتماع إلى أن استئناف خفض الفائدة ممكن في الاجتماع القادم في مارس. سيستغرق الأمر سلسلة من بيانات التضخم الجيدة للوصول إلى ذلك، متى كان ذلك.
جيفري ج. روش إل بي إل فاينانشيال (LPL Financial): استناداً إلى البيانات المتاحة حالياً، من المحتمل أن يبقي الفيدرالي أسعار الفائدة من دون تغيير في اجتماع 19 مارس. أدى النمو الكبير في الدخل لمعظم الأسر خلال العام الماضي إلى إبقاء التضخم في قطاع الخدمات مرتفعاً. الشركات توسع عملياتها، كما أنه لا يزال لدى المستهلكين رغبة قوية في السفر والترفيه، والمعنويات لا تزال مرتفعة. هذه الظروف تجعل من الصعب على الفيدرالي خفض الفائدة من دون إعادة إشعال ضغوط التضخم الواسعة.