في الوقت الذي تخترق فيه البيتكوين مستويات قياسية جديدة واحداً تلو الآخر وتسيطر على عناوين الأخبار، هناك نزاع ساخن مستمر بين هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية(SEC) والشركة المالكة للعملة المشفرة الريبل والتي يتم تداولها تحت رمز (XRP).

 

وتعاني العملة المشفرة التي تم إنشاؤها في عام 2013 من خسائر قوية في الأسابيع الأخيرة وتراجعت للمرتبة السابعة في قائمة العملات الرقمية بعد أن كانت ثالث أكبر عملة من حيث القيمة السوقية، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى الدعوى القضائية التي رفعتها هيئة الأوراق المالية ضد الريبل ودفعت سعرها للانهيار إلى حوالي 17 سنتاً في أواخر ديسمبر الماضي قبل أن تتعافي إلى 70 سنتاً في الجلسات الأخيرة إلا أنها لا تزال بعيدة عن مكانتها الكبيرة بين العملات الرقمية الأخرى والتي تشهد مكاسب قوية مؤخراً خاصة البيتكوين الذي وصل الى مستويات 58 ألف دولار.

*أداء الريبل في آخر 3 أشهر

لن نتحدث كثيرا عن الاداء الفني للحركة الاسعار الواضح والذي يعبر عن ضعف ممتد لشهور طويلة حتى قبل القضية , وايضا اضاعة الفرصة الثمينة بالصعود ضمن الاجواء الايجابية العامة للسوق بحيث لم يصحح حتى 23% من قمته التاريخية

 

وسنحاول من خلال الأسئلة التالية التركيز وإيضاح قضية الريبل وهيئة الأوراق المالية الأمريكية ببساطة كونها تشغل بال العديد من المستثمرين من محبي العملات المشفرة لأن نهاية هذه القضية قد يكون مهماً للأصول الرقمية الأخرى.

 

لماذا أقبلت الهيئة الامريكية على مقاضاة الريبل؟

واجهت شركة ريبل لابز واثنين من المسؤولين التنفيذيين بها دعوى قضائية من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية بسبب مزاعم انتهاك قوانين حماية المستثمرين تمثلت في بيع إكس أر بي -رمز عملة الريبل الرقمية- إذ ترى الهيئة أنها ورقة مالية غير مرخصة.

 

وأوضحت الهيئة أن كريستيان لارسن المؤسس المشارك للشركة وبرادلي جارلينجهاوس الرئيس التنفيذي قاما بجمع رأس المال لتمويل أعمال شركة ريبل بأكثر من 1.3 مليار دولار بدءًا من عام 2013 خلال بيع العملة الرقمية إكس أر بي، بالإضافة إلى قيام لارسن وجارلينجهاوس أيضًا بتنفيذ مبيعات شخصية غير مسجلة للعملة المشفرة بلغ مجموعها حوالي 600 مليون دولار بدون تسجيل، ذلك مما يعد انتهاكاً لأحكام التسجيل في قوانين الأوراق المالية الفيدرالية، وفقاُ للدعوى.

 

وهنا بغض النظر عن المزاعم حول كون الريبل ورقه مالية او عملة رقمية , فهذا لا ينفي حقيقة قيام شركة الريبل ببيع  1.3 مليار دولار وايضا بيع مدرائها ما قيمته 600 مليون دولار وتحقيق مصالح خاصة لهم , كل ذلك بحجة تطوير الشبكة والاعمال !!؟؟

 

لكن الغريب في الأمر، أن الدعوى القضائية تم تحريكها في آخر يوم عمل لرئيس هيئة الأوراق المالية جاي كلايتون في 22 ديسمبر الماضي، مما يثير الكثير من الشكوك حول هذه الدعوى، خاصة وأن ريبل أعلنت أنها سعت لتسوية الأمر قبل تحريك الدعوى رسمياً، لكن يبدو أنها لم تجب طلبات الهيئة من أجل التسوية.

 

والأغرب من ذلك أنه تم تداول الريبل علناً لحوالي 8 سنوات دون أي اشكالات قانونية ، وبالطبع كانت هيئة الأوراق المالية والبورصات على دراية بأن الريبل يتم تداولها بنشاط في أكثر من 200 بورصة على مستوى العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة، فلماذا لم تحرك الدعوى في أي وقت مضى؟!!

 

كيف دافعت ريبل عن نفسها؟

في الحقيقة، كان رد ريبل على الدعوى التي رُفعت في محكمة مانهاتن حاداً للغاية، لدرجة أن الرئيس التنفيذي للشركة وصفها بالمعركة متعهداً بالقتال والفوز بها، وعلق جارلينجهاوس بنبرة حادةً قائلاً: بدأت هيئة الأوراق المالية مهاجمة العملات المشفرة حيث إن رئيسها جاي كلايتون في عمله الأخير يحاول تقييد الابتكار الأمريكي في صناعة الأصول الرقمية إلى البيتكوين والإيثريوم فقط.

 

وأكدت ريبل أن عملتها الرقمية ليست عقد استثمار كما تدعى هيئة الأوراق المالية بل هي أصل افتراضي   ( عملة رقمية ) وبالتالي خارج اختصاص الهيئة، مشيرةً إلى أن امتلاك إكس آر بي لا يعني أن الشخص المالك يتلقى جزءاً من أرباح أو إيرادات شركة ريبل، خاصة وأن مبيعات الشركة من العملة الرقمية أقل من 1% في السوق الواسع النطاق لـإكس آر بي الذي نما في الثماني سنوات الماضية.

وما يمكن أن دعم حجة ريبل هو أنه لماذا لم تعترض هيئة الأوراق المالية أو تقدم ادعاءاتها عندما قامت الشركة في عام 2015 بتسوية مع شبكة إنفاذ الجرائم المالية (FinCEN) والتي وصفت العملة آنذاك بأنها أصل رقمي قابل للتحويل، وليس ورقة مالية.

وتساءلت الشركة، كيف يمكن لهيئة الأوراق المالية أن تشرح للعامة أن البيتكوين والإيثريوم ليست أوراق مالية في المقابل تدعى أن الريبل ورقة مالية؟ خاصة وأن إكس آر بي هى الأصل الرقمي الأكثر كفاءة للمدفوعات العالمية التي تفيد المستهلكين في جميع أنحاء العالم.

 

علاوة على ذلك، تعتبر عملة الريبل صديقة للبيئة بدرجة أكبر من البيتكوين والإيثريوم، نظرًا لأنها تتجنب عملية التعدين، فالطاقة اللازمة للتعدين والتحقق من صحة معاملات البيتكوين تترك انبعاثات كربونية هائلة، مقارنة بالكمية المتواضعة من الطاقة التي تستهلكها معاملات إكس آر بي، ويجب أن يكون ذلك مهمًا من منظور السياسة.

 

وفي رأيي دفوع الريبل محقه , لكنها تتناسى نقطة هامة انه في البيتكوين والإيثيريوم جميع وحداتها متداوله ومتاح للجميع ولا توجد إدارة تحتفظ وتمتلك اكثر من 55 مليار وحدة من أصل 100 مليار تقوم ببيعها كلما شأت ؟؟!!, وحقيقة هذا مأخذ حقيقي على ادارة وفكرة الريبل ويتطلب الثقة العمياء من جمهور مجتمع الريبل في إدارة الشركة !!؟؟

 

ما هو القادم بالنسبة للصراع القضائي؟

بدايةً لا أمل في تسوية الأمر قبل موعد المحاكمة، حيث أكدت هيئة الأوراق المالية الأمريكية وشركة ريبل أنه لن يكون هناك تسوية لأنه تم مناقشة ذلك في وقت سابق ولم تؤتي ثمارها حيث جرت المناقشات في ظل الإدارة السابقة للهيئة مع العديد من مديري الأقسام بها الذين أصبحوا الآن خارج إدارة هيئة الأوراق المالية والبورصات، مع الأخذ في الاعتبار أن الرئيس السابق جاي كلايتون ترك الهيئة التنظيمية في أواخر العام الماضي والرئيس المعين جاري جينسلر، لم يتم تنصيبه رسمياً بعد.

 

لذلك فالمعركة التي بدأت رسمياً في ديسمبر الماضي لن تشهد أي نهاية قبل عقد أول جلسة استماع مقرر لها في 16 أغسطس المقبل بعد أن يتم عقد الاجتماع التمهيدي الأول للقضية في 22 فبراير الجاري , والتي جأت بحسب ما يبدو من حيث الحجة لصالح الريبل ، وبكل الاحوال تشير التوقعات أن يكون الحكم في سبتمبر أو أكتوبر المقبلين لكن أيضاً قد يكون هناك استئناف، مما يعني استمرار نزيف عملة الريبل لفترة ليست قصيرة.

 

وأخيراً، لا شك أن الصراع القائم بين هيئة الأوراق المالية و ريبل محط اهتمام العديد من المستثمرين , رغم انه وبغض النظر عن كون الريبل ورقة مالية او عملة رقمية فإنه لا ينفي واقع استمرار الشركة ببيع عملتها وجني مئات الملاين من ذلك بصورة غير شرعية بحجة توسيع الاعمال ، واذا كان الحُكم النهائي لصالح الشركة فإن ذلك سيثير ايضا المزيد من التساؤلات عن نشاط الهيئة وهل تحول من الرقابة إلى مضايقة الشركات وتوقيع غرامات عليهم، وإذا كان الحكم بإدانة ريبل فإنه لن يكون أمام البورصات خيار سوى شطب أو إيقاف تداول الريبل خوفا من إجراءات هيئة الأوراق المالية ضدهم من جهة، وسيكون الأمر أكثر خطورة بالنسبة للمستثمرين من ناحية أخرى كونه يتعلق بمصير العملات المشفرة كلها في المستقبل.

 

بالنهاية يبدو ان النزاع سوف يطول ولم تعد عملة الريبل بعد سقوط ورقة التوت من العملات المفضلة التي تحمل مستقبل استثماريا بل خاضعة لمجرد مضاربات سعرية , وإلى أن نرى تغيرات جذرية في منهج الشركة وأشياء جديدة عظيمة من حيث المشاريع استبعد شخصيا ان تعود في أي وقت فوق قمتها التاريخية  3.3 دولار في يناير 2018 وأعتقد ستبقى تحت الضغط مع عدم إستبعاد التحسن في الاسعار خلال 2021 لكنها ستكون الأسوء بالأداء مقارنة بالعملات القيادية الاخرى