تفصح أرقام و مؤشرات العراق الاقتصادية عن أطنان من التناقضات الحادة التى تثقل كاهل شعب عريق يتجاوز قوامه 39 مليون نسمة و يضيف نحو مليون مولود جديد سنويا.

 

بنظرة عامة نرى أن تعداد الجهاز الحكومى فى العراق يصل الى نحو 8 مليون موظف و مستفيد شامل كل انواع التعاقدات المستدامة و المؤقتة و الرعاية و غيرها من مسميات ، أى نحو 20 % من اجمالى السكان يستحوذون على نحو 52 مليار دولار سنويا من موازنة العراق 2019 البالغة نحو 112 مليار دولار و التى تئن بعجز يقدر بنحو 23 مليار دولار سنويا بزيادة مضاعفة تقدر بنحو 12 مليار دولار عن عام 2018 .

 

و على جانب اخر اكثر ايلاما فأن معدلات #البطالة رسميا فى العراق تتسع من 14 % خلال 2018 الى اكثر من 16 % بنهاية 2019 ، مع ارتفاع نسبة #الفقر الى 22.5 % و بلوغها اكثر من 40 % فى مناطق التهديدات الامنية ، و هو ما جعل مشهد العراق ككل فى المرتبة 169 من اصل 180 دولة فى مؤشر الفساد حسب منظمة الشفافية العالمية .

لكن هل العراق غنى فعلا ؟!!! 

 

تجيب بيانات منظمة اوبك بوضوح عن هذا ، فحجم احتياطي #النفط العراقي المؤكد يبلغ نحو 112 مليار برميل أى نحو 10.7 % من الاحتياطيات العالمية المؤكدة من النفط و هو ما يمثل ثروة هائلة تمد الموازنة العراقية فى العام الماضى 2019 بأحتياجاتها الاساسية و المستمرة حيث تم حساب سعر برميل النفط بنحو 56 دولار على أساس تصدير نحو 3.88 مليون برميل يومياً ، و بارتفاع سنوى قدره عشرة دولارات عن عام 2018 الذي تم حساب السعر فيه عند 46 دولار للبرميل .

 

كما تكشف البيانات الحكومية الرسمية عن أن مبيعات النفط العراقى فى 2019 تدر نحو 7 مليار دولار شهريا ، يطير اكثر من نصفها فى استيراد الغاز من #ايران على حساب هدر موارد الطاقة فى البلاد و كذلك فى دعم كبير متنامى لمخصصات وزارتى الدفاع و الداخلية على حساب انشطة البنى التحتية و الخدمات الضرورية للمواطنين ، ليتمخض المشهد المتناقض كله عن مخلص توقعات البنك الدولى الذى يتنبأ بتراجع نمو الاقتصاد العراقى الى نحو 2.6 % بداية من 2020 مع ارتفاع وتيرة #ديون البلاد الى حدود قياسية تبلغ 140 مليار دولار .

 

حاليا مسرح العراق الكبير المتنوع بثرواته الحضارية و الاجتماعية و المادية أمام تحديات ضخمة من فساد حكومى داخلى لا ينتهى و تمزق سياسى و طائفى مستنزف عن عمد لخيرات البلاد فى مواجهة مطالب شعبية مستحقة لم تبصر النور بعد ، و كذلك مخالب النفوذ الايرانى المتوسع أمام القوة الامريكية الهائلة ... ليبقى السؤال العراق الى اين ؟!!!

 

بقلم الخبير الاقتصادي 

الاستاذ / محمد مهدي عبد النبي