شهدت الفضة موجة ارتفاع لافتة خلال هذا العام، إذ تضاعفت قيمتها أكثر من مرة، وحطمت سلسلة من الأرقام القياسية، وتفوقت على الذهب في الأداء. ومنذ بداية العام، سجلت الفضة مكاسب بلغت 114.6% بينما وصل السعر الفوري إلى نحو 62 دولار للأونصة بعد أن لامس مستوى قياسياً عند 62.88 دولار في جلسة اليوم. كما تجاوزت الفضة في اليوم السابق حاجز 60 دولاراً للأونصة للمرة الأولى.

وشهدت العقود الآجلة للفضة ارتفاعاً كبيراً كذلك، حيث صعدت بنسبة 113% خلال عام 2025 وتجاوزت مستوى 61 دولاراً للمرة الأولى هذا الأسبوع. وأسهمت عدة عوامل في هذا الصعود، أبرزها محدودية المعروض، وزيادة الإقبال على الأصول الآمنة، والدور الصناعي الواسع للفضة، ما جعلها تتفوق على الذهب هذا العام.

وتزايد الحديث مؤخراً عن إمكانية وصول الفضة إلى مستوى 100 دولار، وذلك في ظل تمدد استخداماتها الصناعية وتنامي الطلب العالمي عليها. ويرى بول ويليامز، المدير العام لشركة سيلفرون جلوبال المتخصصة في الذهب والفضة، أن اتساع دور الفضة في القطاعات الصناعية الحيوية يمنحها جاذبية أكبر، إلى جانب كونها مخزناً للقيمة في فترات الاضطراب.

يشير ويليامز إلى أن الفضة تجمع بين طبيعتها كسلعة صناعية أساسية وبين كونها ملاذاً آمناً للمستثمرين، وهو ما يدفع المشترين من الأفراد والمؤسسات إلى الإقبال عليها. ويؤكد أن من يجد الذهب بعيد المنال من حيث السعر، بات يرى في الفضة بديلاً جذاباً، خاصة مع استمرار دورة الصعود الحالية في سوق المعادن الثمينة.

ويضيف ويليامز أن جميع العوامل الداعمة لصعود الفضة ما تزال قائمة، لكنه يحذر في الوقت نفسه من تقلبات محتملة في الأسعار. وتؤدي الفضة دوراً محورياً في العديد من الصناعات الحديثة، إذ تدخل في تصنيع المفاتيح الكهربائية والألواح الشمسية والهواتف المحمولة.

كما تعد الفضة جزءاً أساسياً من البنية التكنولوجية المحركة لازدهار الذكاء الاصطناعي، وذلك بفضل قدرتها العالية على توصيل الكهرباء والحرارة. ويشير تقرير صادر عن معهد الفضة إلى أن الطلب الصناعي العالمي على الفضة سيواصل الصعود خلال السنوات الخمس المقبلة مع توسع قطاعات الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية ومراكز البيانات والذكاء الاصطناعي.

توقعات ببلوغ الفضة مستوى 100 دولار

توقع ويليامز في أكتوبر الماضي أن تتجاوز الفضة مستوى 100 دولار بحلول أواخر 2026، عندما كانت تقترب آنذاك من 50 دولاراً. ويؤكد اليوم أن حركة السعر الحالية التي دفعت الفضة فوق 60 دولاراً تعزز هذا المسار.

ويقول إن اختلال التوازن بين العرض والطلب يستمر في دعم الأسعار، وإن الأسس التي يرتكز عليها سوق الفضة تزداد قوة. ويرى أن أي تراجع محتمل سيكون مجرد توقف مؤقت وليس انعكاساً في الاتجاه، خاصة في ظل ضيق السوق وارتفاع الطلب المستمر.

ويؤكد أن توقعات عام 2026 تبدو مشرقة بالنسبة للفضة، خصوصاً مع نمو الصناعات التي تعتمد عليها. ويتفق فيليب جيسيلز، رئيس الاستراتيجية في بنك بي إن بي باريبا فورتيس، مع التوقعات المتفائلة، إذ يرى أن ضعف التقييم والعجز المستمر لسنوات، إلى جانب التحول الصناعي العالمي، صنعت الظروف المثالية لارتفاع الفضة بهذا الشكل.

الفضة تتفوق على الذهب رغم قوة أداء الذهب

يشير جيسيلز إلى أن قصة صعود الفضة خلال 2025 لخصتها حالة التقاء الندرة مع التحول الصناعي، وهو ما أدى إلى ما وصفه بسحر السوق. ويتوقع جيسيلز استمرار صعود الفضة خلال العام المقبل رغم احتمال حدوث تقلبات عنيفة بسبب عمليات جني الأرباح، قبل الوصول إلى مستوى 100 دولار للأونصة.

وكان جيسيلز قد أوضح سابقاً أن الفضة، التي ظلت راكدة لعقود عند حدود 50 دولاراً، دخلت أخيراً مرحلة صعود ممتدة قد تدفع الأسعار إلى نطاق الثلاثة أرقام خلال 2026. ويرى أن السوق يشهد بداية مسار صعودي طويل الأمد وليس نهايته.

ورغم أن الذهب سجل هو الآخر مستويات قياسية وارتفع بنحو 60% منذ بداية العام، فإن الفضة ما تزال متقدمة في الأداء. وتراجع مؤشر نسبة الذهب إلى الفضة من ذروته في أبريل، إذ انخفض إلى نحو 68 وهو أدنى مستوى منذ 2021. ويشير راس مولد، مدير الاستثمار في شركة إيه جي بيل، إلى أن الفضة تبدو رخيصة نسبياً مقارنة بالذهب رغم تضاؤل الفارق بينهما.

خيارات التداول والاستثمار في الفضة

يوضح مولد أن المستثمرين الراغبين في دخول سوق الفضة ليسوا مضطرين لشراء السبائك أو العملات المعدنية التي تتطلب تكاليف تخزين وتأمين مرتفعة. ويمكن للمستثمرين شراء أدوات متداولة في البورصة تتبع أداء الفضة وتوفره لهم بعد خصم تكاليف التشغيل.

ويشير أيضاً إلى إمكانية الاستثمار في أسهم شركات تعدين الفضة، إذ يمكن أن ترتفع أرباحها وتدفقاتها النقدية بوتيرة أسرع من السعر الفوري للفضة بسبب ارتفاع التكاليف الثابتة، مع التنبيه إلى أنها قد تتراجع بوتيرة أسرع كذلك إذا هبطت الأسعار.

وتضم لندن شركات قوية في التعدين مثل فريسنيلو وهوششايلد، لكن مولد يشدد على أهمية دراسة القوة المالية للشركة وتقييم المخاطر المتعلقة بالجيولوجيا والطقس والاضطرابات السياسية قبل الاستثمار.

كما يلفت مولد إلى وجود صناديق استثمارية تتبع أسهم شركات تعدين الفضة بشكل عالمي، مثل صندوق جلوبال إكس سيلفر ماينرز وصندوق آي شيرز إم إس سي آي جلوبال سيلفر آند ميتلز ماينرز، والتي توفر للمستثمرين تعرضاً واسعاً لقطاع التعدين في مختلف الأسواق.