هل كان تغيير اسم شركة فيسبوك إلى ميتا فأل شؤم ؟؟!!

إذ سيطر اللون الأحمر على أداء السهم منذ أن أعلنت الشركة الأمريكية قبل عام تقريبًا عن الانتقال إلى الاسم الجديد في إطار رغبتها في التركيز على الميتافيرس، وجاء ذلك تزامنًا مع شبح الركود الاقتصادي الذي يطارد أسواق الأسهم بصفة عامة، ليخرج عملاق التواصل الاجتماعي من قائمة أكبر 10 شركات من حيث القيمة السوقية في العالم.

 

وبالتحول إلى اسم ميتا لتكون الشركة الأم لجميع التطبيقات الخاصة بها، أرادت فيسبوك تغيير جلدها وتحسين سمعتها، بعد الاتهامات العديدة المتعلقة بفشلها في الحفاظ على خصوصية المستخدمين وكذلك الإخفاق في الإشراف على المحتوى، وفي الوقت نفسه، كانت ترغب في توسيع أعمالها والتركيز على الواقع الافتراضي، مما أثار مخاوف المستثمرين بشأن التكاليف الضخمة، التي تحتاجها الشركة لهذا التحول.

 

ولسوء الحظ أن فيسبوك دخلت هذه المرحلة الجديدة في ظل بيئة صعبة اقتصاديًا وسياسيًا، فقد فاقمت الحرب الروسية الأوكرانية ارتفاع معدل التضخم، الأمر الذي أجبر البنوك المركزية على التدخل وبسرعة لوقف زيادة الأسعار من خلال رفع معدلات الفائدة بوتيرة كبيرة ومتتالية، مما أثار مخاوف الركود الاقتصادي، الذي ألقى بظلاله على أداء سوق الأسهم عامة، وبالطبع سهم فيسبوك وهو ما سنوضح بالتفصيل في السطور التالية:

 

خسائر قوية للسهم

في أوائل سبتمبر 2021، ارتفعت القيمة السوقية لشركة فيسبوك لأعلى مستوى على الإطلاق فوق تريليون دولار، وأصبحت في المرتبة السادسة عالميًا والخامسة بين الشركات الأمريكية أكثر من تريليون دولار، ولكن المشهد يبدو مختلفًا كثيرًا في الوقت الحالي حيث تبلغ حاليًا القيمة السوقية 365 مليار دولار بانخفاض 65%، مما جعل فيسبوك في المرتبة الـ11 بين الشركات الكبرى في العالم، فماذا حدث؟

 

سجل سهم فيسبوك مستوى قياسيًا في 7 سبتمبر 2021، فوق 378 دولارًا، واتخذ مسارًا هبوطيًا منذ ذلك الحين، بعد أن أصبح الأداء المالي أقل من المتوقع، وسط تزايد المنافسة وضعف مبيعات الإعلانات، بفعل الضغوط الاقتصادية، هذا إلى جانب الانتقادات التي يتعرض لها نموذج عمل الشركة.

 

ولكن كان الانحدار الكبير في منحنى سهم فيسبوك في جلسة 3 فبراير الماضي، حينما تهاوى السهم بأكثر من 26% في أكبر وتيرة هبوط يومية على الإطلاق مسجلًا 237 دولارًا، ليس هذا فحسب، بل فقدت الشركة الأمريكية ما يتجاوز 230 مليار دولار في جلسة واحدة، ليكون أكبر انخفاض للقيمة السوقية في يوم واحد في تاريخ سوق الأسهم الأمريكية، مما دفع فيسبوك خارج قائمة الـ10 الكبار في ذلك الوقت.

أداء سهم فيسبوك خلال 12 عامًا

وجاء ذلك بعدما أعلنت فيسبوك أداءً ماليًا مخيبًا للآمال في الربع الأخير من 2021، مشيرة إلى أنها تكبدت صافي خسارة قدرها 10 مليارات دولار في 2021 بأكمله، جراء استثماراتها في ميتافيرس، مع توقعات الإنفاق على هذا القطاع في الضغط على الأرباح الإجمالية لشركة ميتا.

 

وما زاد من الغيوم على أداء الشركة في 2022، تحذيرات الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج من أن تزايد المنافسة قد يؤثر سلبًا في أرباح فيسبوك، خاصة في ظل تنامي استخدام تطبيقات مثل تيك توك والتي أصبح الناس يقضون عليها أوقاتهم أكثر من منصة التواصل الاجتماعي، وهذا بالطبع يؤثر في حصة الشركة من الإعلانات.

 

وقبل أن يستجمع سهم فيسبوك قواه من هذه الخسارة الكبيرة، تزايدت مخاوف الركود الاقتصادي بعدما بدأ الاحتياطي الفيدرالي دورة التشديد النقدي بشكل عدواني، ما أضر شركات التكنولوجيا بصفة خاصة، واستمرت هذه الضغوط بالإضافة إلى الأرباح المخيبة للآمال في التأثير على أداء السهم حتى وقتنا هذا.

وأنهى سهم فيسبوك شهر سبتمبر الماضي بخسائر تتجاوز 15%، ليهبط السهم لأدنى مستوى منذ أوائل عام 2019 عند 135.68 دولارًا، مع تقارير بشأن إعلان الشركة خطة لخفض التكاليف في الأسبوع الماضي، ما رفع خسائره منذ بداية العام الجاري إلى 60% تقريبًا، ليصبح ضمن أسوأ 5 أسهم أداءً في مؤشر ستاندرد آند بورز خلال 2022.

 

ومع هذه الخسائر، خرجت فيسبوك مجددًا من قائمة أكبر 10 شركات في العالم من حيث القيمة السوقية، بعدما فقدت ثلثي قيمتها تقريبًا من ذروة سبتمبر 2021، لتأتي في المرتبة الـ11 خلف آبل وأرامكو ومايكروسوفت وألفابت وأمازون وتسلا وبيركشاير هاثاواي ويونايتد هلث وجونسون آند جونسون وفيزا على الترتيب.

 

العوامل المؤثرة في أداء سهم فيسبوك

هناك العديد من عوامل الضغط التي أضرت بسهم فيسبوك هذا العام، بعضها خاصة يتعلق أداء الشركة ومستقبلها والبعض الآخر يتعلق بأمور عامة تؤثر سلبًا في تحركات أسواق الأسهم وعلى رأسها أسعار الفائدة المرتفعة.

 

وتركت فيسبوك ذكرى سيئة في آخر إعلانات موسم الأرباح الفصلية، حيث سجلت الشركة الأمريكية أول هبوط فصلي للإيرادات في تاريخها على أساس سنوي خلال الربع الثاني من 2022، لتبلغ 28.82 مليار دولار، مقارنة مع 29.07 مليار دولار في الربع نفسه من 2021، كما يوضح الرسم البياني التالي:

 

كما تتوقع الشركة أن يستمر الأداء المخيب للآمال في الربع الثالث، حيث تقدر هبوط الإيرادات للربع الثاني على التوالي لتتراوح بين 26 و28.5 مليار دولار، وهو أقل من توقعات المحللين البالغة 30.3 مليار دولار، وهو ما يعكس استمرار بيئة الطلب الضعيف على الإعلانات مع عدم اليقين على مستوى الاقتصاد الكلي الأوسع نطاقًا، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة من التطبيقات الأخرى.

 

وبالنسبة إلى صافي الأرباح فقد تراجع لأقل مستوى في عامين مسجلة 6.68 مليار دولار (2.46 دولارًا للسهم) خلال الربع الثاني من 2022، مقارنة مع 10.39 مليار دولار (3.61 دولارًا للسهم)، كما يرصد الرسم البياني التالي:

ومن المتوقع أن يستمر هذا الأداء المالي الضعيف في ظل زيادة الاستثمار في أعمال الميتافيرس التي تراها فيسبوك أنها مستقبل الشركة لكنها ستكلفها مليارات الدولارات سنويًا حتى تصبح بعد ذلك مصدرًا مهمًا للإيرادات، وهذا سبب كافي لجعل المستثمرين غير متحمسين حيال السهم، في الوقت الذي تتزايد فيه المنافسة مع تطبيقات أخرى استقطبت عددًا لا بأس به من مستخدمي فيسبوك.

 

أما بالنسبة إلى العوامل التي تؤثر في السوق الأميركية بشكل عام، باتت مخاوف الركود الاقتصادي هى بعبع سوق الأسهم، مع استمرار رفع الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي للمرة الخامسة على التوالي لتصل إلى نطاق 3% و3.25%، بعدما كانت بالقرب من الصفر قبل مارس الماضي.

 

وتعد أسهم التكنولوجيا أكثر حساسية لأسعار الفائدة المرتفعة، لأن الأرباح المستقبلية لشركات التكنولوجيا الكبرى لن تكون بنفس القيمة التي كانت عليه عندما كانت أسعار الفائدة أقل، كما أن الفائدة المرتفعة تجعل عمليات التمويل أكثر تكلفة، مما يؤثر في شركة مثل فيسبوك تحتاج للاقتراض بشكل كبير لتمويل أعمال ميتافيرس.

 

أما من حيث التحليل الفني

فالتشارت يخبرنا ان عملية الهبوط من قمة اغسطس 2021 من مستوى 384 دولار اخذت شكل دافع خماسي وهذا يعني استمرار البقاء لفترة طويلة جدا تحت حاجز القمة التاريخية مع بداء دورة التصحيح السعري الكبرى للسهم والتي قد تمتد الى أهداف 96 دولار مرورا بمستوى دعم 118 دولار , مع احتمال ان نرى ارتدادات فنية ثلاثية تعود بنا الى مستوى 220 دولار يعقبها عودة للمسار الهابط العام وصولا للاهداف السابق ذكرها  

في النهاية، وسط كل هذه الضغوط لم يعد سهم فيسبوك يمثل أحد أسهم النمو كما كان سابقًا، فهل يكسب زوكربيرج رهانه وتعود الشركة بقوة مستقبلًا؟

 

اياد عارف 

مؤسس موقع نمازون الاقتصادي