(تقرير خاص - نمازون)

 

كثيرًا ما نسمع عن مصطلح الطبقات الشائع في المجتمعات المختلفة والتي بدورها قامت بتقسيم فئات المجتمع الواحد إلى عدة شرائح طبقية من عليا ووسطى وفقيرة.

 

ومع تسارع وتيرة التطور الاقتصادي والتكنولوجي في العصر الحديث بدأ التسلسل الهرمي للطبقات يأخذ منحى مختلفا حيث باتت الطبقة الفقيرة تزداد فقراً وبؤساً، واقتربت الطبقة الوسطى من التآكل وهي الطبقة التي تمثل الشريحة الأكبر في المجتمعات الحديثة.

 

إن تآكل الطبقة الوسطى وازدياد فقرها له تداعيات خطيرة على اقتصاد أي دولة، فانخفاض مستوى المعيشة لهذه الطبقة يتم ترجمته في صورة ضعف للقوة الشرائية للشريحة الأكبر في المجتمع وانعكاس ذلك سلباً على المؤسسات المالية المختلفة وجانب أكبر من القطاع الاستهلاكي.

 

 

ومع الضغوط الاقتصادية والحياتية التي يتعرض لها أصحاب الطبقة الوسطى في المجتمع سوف تضطر المؤسسات المالية، وخاصة البنوك، أن يتجه جزء منها لزيادة حصته من سوق العملاء الأثرياء المُربحين، بينما ستظل القاعدة الأكبر لعملاء غالبية البنوك من أصحاب الدخول المتوسطة.

 

وعلى مستوى القطاع الاستهلاكي، فإن ضعف القوة الشرائية لهذه الطبقة الكبيرة في المجتمع سيخلق نوعاً من الركود لنوعيات مُحددة من السلع خاصة الترفيهية والكمالية والبعض من المُعمرة، ومن ثم تقليل فرص إنتاج المزيد من هذه السلع وانعكاس ذلك بالسلب على عملية التصنيع والاتجاه نحو تقليص العمالة وبالتالي زيادة نسب البطالة.

 

 

ولا يخلو أي مجتمع متقدما كان أو ناميا من الضغوط المُلازمة للدخول والمرتبات، فهذه المشاكل مثلما هي موجودة في دول ناشئة نراها في دول متقدمة كفرنسا وإنجلترا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تخلو نشرات الأخبار اليومية من مشاكل البطالة وضعف المرتبات والاحتجاجات العمالية بسبب هذه المشاكل المُزمنة.

 

 

ومع تطور الحياة التكنولوجية سوف تتعرض الطبقة الوسطى في المجتمع إلى مزيد من الضغط خاصة في ظل التوجه إلى استحداث أساليب متطورة داخل العمل والاتجاه نحو العمل الآلي والاستغناء عن الموظفين التقليديين والتحول الرقمي القادم بقوة وتطبيقات أتمتة المكاتب وهي تخلق فرصا جيدة للمتعلمين تعليماً عالياً لكنها تضر كثيراً بمصالح عموم المجمتع من الطبقة الوسطى الكادحة التي عادة ما يحظى أفرادها بتعليم متوسط أو أفضل قليلاً.

 

لكن الخطورة الأكبر من تآكل الطبقات الوسطى في المجتمعات الحديثة تتمثل في انهيار الوضع الأمني والذي يُمثل صمام الأمان لأي مجتمع، فكلما زاد انهيار الطبقة الوسطى زاد الحراك المجتمعي نتيجة العوز والفقر وهو ما قد يتم ترجمته إلى احتجاجات وثورات نتيجة عدم تكافؤ الفرص وغياب مبدأ المساواة.

 

 

ويجب على الحكومات الرشيدة أن تتخذ إجراءات ناجزة للحد من تآكل الطبقة الوسطى ودخولها في منعطف الفقر، وهذه الإجراءات ليست باليسيرة لكنها غير مُستحيلة، فمواجهة جشع التجار وفحش الغلاء وسيطرة فئة بعينها على الأسواق أمر ممكن بشرط وضع ضوابط وقوانين رادعة لمثل هذه الممارسات.

 

كما أن البرامج الحكومية المُخطط لها جيداً يمكن أن تُعيد بناء الثقة مع المجتمع، فالتخطيط الاقتصادي المدروس يتم ترجمته إلى مشاريع كبرى هادفة تلم شمل الجميع تحت مظلة واحدة هدفها النهائي هو الصالح العام وتقدم الدول وتحقيق حياة كريمة لأبناء المجتمع الواحد.

 

خدمات نمازون ..  منصة التحليل الفني المبرمجة ... للأسهم الإماراتية والسعودية والأسواق العالمية

 
بدعمكم نستمر ..  في تقديم المحتوى القيم والحلول الذكية للمستثمرين، لاكتشاف الفرص في الأسواق المحلية والعالمية

 

وإلى المزيد:

 

اللاوعي .. القوة التسويقية التي تتحكم بك

 

كيف تربح بين طريقي الاستثمار والمضاربة ؟