تقرير خاص
لماذا يفضل المستهلكون شراء منتج على آخر؟، كيف يتم تعزيز ولائهم للعلامة التجارية؟ الإجابة على كل هذه الأسئلة ترتبط ارتباطاً مباشراً بالعقل الباطن أو اللاوعي.
يقول جيرالد زالتمان، الأستاذ بجامعة هارفارد، في كتابه: كيف يفكر العملاء، إن المستهلكين ليسوا على قدر من الذكاء كما هو الاعتقاد السائد، فمقارنة العديد من العلامات التجارية المتنافسة ونقاط الأسعار عند تقييم قرار الشراء، لا يعكس الواقع بشكل صحيح.
التناقض مفتاح الجذب
من خلال دراسة ردود الفعل الجسدية لدى المستهلك، وجد زالتمان أن تفكير وشعور الزبائن يتناقض في كثير من الأحيان أقوالهم.
فما سبب عدم وضوح وصدق أفكار ومشاعر المستهلكين وسلوكهم الشرائي؟، اللاوعي هو الدافع الكامن وراء ذلك، وتتحكم العاطفة باتخاذ القرارات بشكل عام.
ووجدت الدراسات في علم الأعصاب، أن الأشخاص الذين تتعرض أدمغتهم للتلف في المنطقة المسؤولة عن العواطف غير قادرين على اتخاذ القرارات.
وتساعد هذه الفكرة على إدراك أن البشر ليسو منطقيين كما نتصور، وإدراك وفهم ذلك له تأثيرعلى التسويق والمبيعات والعلامات التجارية، فمن المحتمل أن يؤدي تسويق سمات المنتج فقط إلى نتائج غير مكتملة كونها تفتقر إلى العنصر اللاشعوري والإنساني المتحكم بعملية صنع القرار.
وعليه يستغل المسوقون هذا المفهوم في إعداد حملاتهم الإعلانية، ويوظفون العاطفة لتوسيع قاعدة العملاء، فالسلع الفاخرة تستهدف مشاعرنا الخاصة بقيمة الذات والقبول والمكانة الاجتماعية، وأجهزة الاتصالات تحفزنا من خلال تقديم اتصال مع الأصدقاء والعائلة وشبكة أوسع من الأشخاص، والعلامات التجارية الرياضية تلهمنا بتقديم المغامرة والمجد من خلال المنافسة.
بث رسائل تعرض مركزة
بدءاً من الشعارات المرسومة على فنجان القهوة وصولاً إلى لوحات الطرق السريعة، فإن بيئة المستهلك مشبعة بالتعرض للعلامات التجارية بشكل عابر لتترسخ في اللاوعي البشري، وتُظهر مجموعة متزايدة من الأبحاث أن التعرض الدقيق أو المموه للعلامات التجارية يمكن أن يكون له تأثيرات عميقة.
عند شراء منتج ما، نود الاعتقاد بأننا نعرف السبب وراء ذلك، وأننا نتحكم بأعمالنا، فنتوهم بأننا اشترينا هذا المنتج الجديد لأنه يحتوي على أفضل الميزات أو أفضل سعر أو أفضل مظهر.
ولكن، كما أظهرت الأبحاث في علم الأعصاب وعلم النفس والاقتصاد السلوكي، نحن البشر لسنا عقلانيين كما نعتقد، وبدلاً من ذلك، نحن مدفوعون بتأثيرات غير واعية خفية لها أساس في ماضينا التطوري البعيد.
تتبع إشارات العقل الباطن
يهتم رواد الأعمال القائمين على بناء الشركات والعلامات التجارية بطريقة عرض الفوائد والميزات، والتركيز على ردود الأفعال غير المباشرة للمستهلكين، وعند إجراء استطلاعات أو مجموعات تركيز أو مقابلات، يتم مراقبة إشارات مثل لغة الجسد، ونبرة الصوت، والسياق الأوسع لحياة المستهلكين وغير ذلك.
وأحد الأمثلة البحثية المهمة في هذا الإطار، هي التجربة التي قام بها جيمس فيكاري عام 1957 في أحد دُور السينما، إذ تم تقديم رسائل لفترة وجيزة وبطريقة لا يدركها الأشخاص بشكل مباشر، وحثوا المشاهدين على شراء الفيشار والكوكا كولا ما أدى لزيادة كبيرة في مبيعات هذه السلع.
وتبين أن استهداف المعلومات المرئية لللاوعي، يؤثر على سلوك الأشخاص في سياقات مختلفة، إذ يميل الأشخاص لاستهلاك المزيد من السلع إذا تم تعريضهم أولاً لمنبهات مناسبة خارج وعيهم، كما يؤدي تقديم علامة تجارية معينة كعلامة تجارية مبدئية إلى زيادة احتمال اختيار الشخص للعلامة التجارية نفسها، حتى في وجود علامة تجارية مألوفة ومستخدمة مسبقاً.
علاوة على ذلك، إذا تعرض الشخص بالمثل لوجه مبتسم، فسيتذكر الأخبار النصية ومقاطع الفيديو بشكل أفضل، ويقيمها بشكل أكثر إيجابية مما لو كانت صورة الوجه غير سعيدة، وقضاء بعض الوقت مع كبار السن يجعل أداء الأشخاص أسوأ في اختبارات الذاكرة.
الأمر كله يتعلق بالحواس
الأمر لا يقتصر فقط على حاسة البصر كقوة تسويقية، فالاعتماد على حواس أخرى غير مرئية، مثل الخوف، يجذب الانتباه إلى المنتج أو السلعة.
ونجد أن الكثير من شركات التأمين والبنوك وشركات الأدوية تلعب دوراً متزايداً في اعتماد الخوف ضمن رسائلها الإعلانية والتسويقية، ومن جهة أخرى إشراك المستهلك في خلق العلامة التجارية يساعد في توليد استجابة جيدة.
ختاماً، كثيراً ما يتحكم العقل الباطن بسلوك المستهلكين، لكن لا ينبغي النظر إلى ذلك على أنه شيء سيء، تصميم أي منتج أو خدمة يصب في نهاية المطاف في رغبة العملاء أو احتياجاتهم والتي تحتوي بطبيعة الحال على عنصر عاطفي، والمهم هو عدم استغلال هذا الأمر بشكل سيئ يضر بمصلحة المستهلكين.
وفكرة الاحتيال على العملاء أو الزبائن موجودة أيضاً في مجال الأسواق المالية.. تعرف عليها أكثر من خلال تقرير نمازون بعنوان:
بدعمكم نستمر .. في تقديم المحتوى القيم والحلول الذكية للمستثمرين، فشكرا لكم