تقرير خاص:

 

أثرت أزمة النفط على القطاع المصرفي في الإمارات، ومنذ سنوات شهدنا ظاهرة هروب أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى خارج البلاد لعدم تمكنهم من سداد الديون.

 

وعليه، جنبت البنوك الإماراتية مخصصات مرتفعة خلال 2015 و2016 لمواجهة مشكلة القروض المتعثرة، ومع تحسن أسواق الخام وأوضاع الاقتصاد انخفضت نسبة التعثر، وتراجعت المخصصات 3%، بنحو 86.2 مليون درهم خلال الربع الأول 2019.

 

وتمكنت بنوك الإمارات من رسم رحلة نمو جديدة بعد القروض المتعثرة، وخصوصاً المصارف الكبيرة التي تركز على تقليل المخاطر وتحسين نوعية وجودة الأصول.

 

واتبعت البنوك سياسة متشددة في منح الائتمان والقروض، وتوجهت أكثر نحو العملاء القادرين على تحمل ارتفاعات أسعار الفائدة، فضلًا عن اعتماد خطة محكمة وناجحة لهيكلة وجدولة القروض المتعثرة.

 

تراجع مخصصات البنوك

 

 

انخفضت مخصصات 17 بنكًا مدرجًا في سوقي دبي وأبوظبي الماليين إلى 2.79 مليار درهم في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري مقابل 2.87 مليارًا للفترة المماثلة من 2018.

 

وكشفت بيانات الربع الأول، أن مخصصات 11 بنك سجلت تراجعًا وفي مقدمتها الإمارات الإسلامي الذي أعلن عن استرداد مخصصات بقيمة 17.71 مليون درهم، فيما تم تجنيب مخصصات بحوالي 102.24 مليون درهم.

 

وتصدر الإمارات للاستثمار قائمة ستة بنوك رفعت مخصصاتها، حيث نمت مخصصاته 121.3% إلى 3.6 ملايين درهم.

 

وتفصيلًا، قلصت عشرة بنوك مدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية مخصصاتها 12.6% إلى 1.58 مليار درهم نهاية الربع الأول، بقيادة بنكي أبوظبي التجاري وأبوظبي الأول.

 

وعملت 7 بنوك مدرجة في سوق دبي المالي على رفع مخصصاتها 13.4% بواقع 1.2 مليار درهم، وذلك على خلفية ارتفاع مخصصات بنكي دبي الإسلامي والإمارات دبي الوطني.

 

تطبيق المعايير الدولية

 

 

يرى خبراء ومحللون أن سياسة تجنيب البنوك للمخصصات تفاوتت بين التقليص والزيادة، لكنها بشكل عام انخفضت خلال الربع الأول 2019، لكن هذا التراجع جاء بوتيرة أقل من الفترات السابقة بسبب تطبيق المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية IFRS 16، والمعيار الدولي التاسع للمحاسبة IFRS9.

 

وينص المعيار الجديد IFRS9 على احتساب المخصصات وفقًا لتوقعات تعثر العميل بعد دراسة تاريخه الائتماني وأداء القطاع الذي يعمل به، كما يتم منح القروض أو شرائها بناءً على تقييم الخسائر المتوقعة خلال سنة.

 

ومنذ ثلاثة أعوام، كشف اتحاد مصارف الإمارات عن آلية جديدة قائمة على احتساب المخصصات بأثر مستقبلي، مع الأخذ بالاعتبار درجة تصنيف الحساب عند الإقراض، كما تبنى آلية جديدة لاحتساب سعر الايبور تعتمد على تكلفة الودائع الرئيسة من الشركات الكبيرة الخاصة والحكومية.

 

دعم حكومي

 

 

قرر صندوق معالجة الديون المتعثرة إعفاء 3310 مواطنين من ديون تقارب قيمتها 361 مليون درهم، ووجد الخبراء أن تلك المبادرة ساهمت بتحسين ميزانيات البنوك وزيادة سيولتها عبر استرجاع جزء كبير من الأموال الممنوحة للمتعثرين، وتشجيع البنوك على تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة، والتأكيد على وقوف البنوك إلى جانب المواطنين ودعمهم في مسألة التعثر.

 

وفي وقت سابق، ألزم المصرف المركزي البنوك بالتحقق من الجدارة الائتمانية للعملاء قبل إصدار دفاتر الشيكات، وتقديم التسهيلات لقروض الأفراد في نقلها من بنك إلى آخر، وذلك في إطار الإجراءات المتشددة لتنظيم الإقراض.

 

إذًا أزمة القروض المتعثرة التي واجهت القطاع المصرفي في الأعوام الماضية، بدأت تنحسر ودخلت في مراحلها الأخيرة بفعل تحسن الأداء الاقتصادي والدعم الحكومي الذي يضمن معايير السلامة المالية.